سخرية من قوات الاحتلال بعد ظهور "أبو شجاع" حيا في طولكرم    أراوخو يكشف عن آخر تطورات أزمته مع غوندوغان    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    جربة.. الإطاحة بمنظم عمليات "حرقة"    هذه أبرز مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا    بيان أشغال الاجتماع التشاوري الأوّل بين تونس والجزائر وليبيا    تغييرات مرتقبة في التركيبة العمرية    هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 8425 فلسطينيًا في الضفة الغربية    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    المنستير.. الاحتفاظ بمدير مدرسة إعدادية وفتح بحث ضده بشبهة التحرش الجنسي    بوعرقوب.. عصابة سرقة الاسلاك النحاسية في قبضة الحرس الوطني    بنزرت: غلق حركة المرور بالجسر المتحرك في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء    الحشاني يشرف على جلسة عمل وزارية بخصوص مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين    بداية من يوم غد: أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة    الإعلان عن تأسيس المجمع المهني للصناعة السينمائية لمنظمة الأعراف "كونكت"    مدنين: العثور على 4700 حبّة مخدّرة وسط الكثبان الرملية بالصحراء    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    عطلة طارئة في ليبيا تحسّبا لمنخفض جوي مرتقب    قفصة: الإطاحة بشخص محل 10 مناشير تفتيش    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس : 6 تنابيه لمخابز بسبب إخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    وزير الشؤون الاجتماعية يُعلن عن بعث إقليم طبي بالقصرين ..التفاصيل    اختتام عيد الرعاة في معهد اللغات بالمكنين: الإسبانية فارڨا تقدم "غناية سمامة"    وصول محمد الكوكي الى تونس فهل يكون المدرب الجديد للسي اس اس    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 %    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    تحذير هام/ بيض مهرّب من الجزائر يحمل هذا المرض!!    أيام 25 و26 أفريل: إضراب متوقّع في قطاع المحروقات    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    دورة مدريد للتنس : انس جابر تفتتح مشاركتها بملاقاة الامريكية كينين او السلوفاكية سمليدوفا في الدور الثاني    غوارديولا : لاعبو سيتي يعدون أنفسهم للمهام المقبلة    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    حليب أطفال متّهم بتدمير صحة الأطفال في الدول الفقيرة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    جهود لمجابهته.. كلفة التغير المناخي تصل سنويا الى 5.6 مليارات دينار    عاجل/ سيشمل هذه المناطق: تقلبات منتظرة ومنخفض جوي بداية هذا التاريخ..    بسبب عاصفة مُنتظرة: عطلة بيومين في ليبيا    عرض فرجوي بإعدادية القلعة الخصبة دعما للقضية الفلسطينية    ائتلاف صمود يدعو الى إطلاق سراح السياسيين المترشحين للرئاسية..    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة لمرحلة التتويج    رئيس غرفة القصّابين عن أسعار علّوش العيد: ''600 دينار تجيب دندونة مش علّوش''    طبرقة: حجز كمية من مادة المرجان لدى إمرأة    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الدفاع الوطني تشارك في الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة التربية: ظاهرة العنف مُتفشية أكثر في المدن الكبرى على غرار تونس الكبرى وصفاقس وسوسة والمنستير    حريق بمحل لبيع البنزين المهرب بقفصة..وهذه التفاصيل..    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    هي الأولى منذ 12 عاما: أردوغان يبدأ زيارة رسمية للعراق    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    في سابقة غريبة: رصد حالة إصابة بكورونا استمرت 613 يوماً..!    الكشف عن مستودع عشوائي معد لصنع وتعليب مواد التنظيف بهذه الجهة..    أولا وأخيرا..الكل ضد الكل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    هند صبري: سعيدة بتكريمي وتكريم المرأة التونسية في مهرجان أسوان الدولي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة يوسف القرضاوى رائد الإصلاحيين ... بقلم : ناصح أمين
نشر في الحوار نت يوم 25 - 11 - 2009


بسم الله الرحمن الرحيم
القرضاوى رائد الإصلاحيين
بقلم:ناصح أمين
الحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله ؛ وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ؛ أما بعد: فإن النفس قد لاقت عزوفاً شديداً عن الخوض فى هذا اللغط الأخير الدائر المُسطح فى قضية تصعيد "الدكتور عصام العريان" من عدمه ؛ مع إيمانى الشديد بأن الأزمة -يوماً ما- لم تكن فى تصعيد شخص من عدمه ؛ بل إن كُل هذه الأمور عوارض لمرض شديد ؛ وظواهر لمن يُحسن تتبعها ويُجيد التشخيص أن يخلص إلى هذه الحقيقة؛ وأن يستنتج تلك النتيجة من هذه المقدمات -والتى تمثل قضية تصعيد العريان أحد مقدماتها وظواهرها وعوارضها- .
وجاء العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى وأدلى بتصريحاته التى نُشرت بجريدة الشروق المصرية ؛ والتى نُشرت بعد ذلك بموقع إسلام أون لاين؛ ولتأكيدها وإثبات سندها للشيخ القرضاوى تم نشرها بموقعه -نظراً لأن أيسر شيئاً على اللسان حينها هو تكذيب نسبتها للشيخ وقطع سندها المتصل إليه- ؛ فقُلت : خيراً ؛ لعل هذه التصريحات توقظ وتٌقيق؛ وتُنبه على أن هنالك مشكلة حقيقية ؛ وأنه ينبغى الإعتراف بها و مواجهتها وإيجاد الحلول لها من قِبل جماعة تُعد من أكبر الجماعات داخل الحركة الإسلامية ؛ ولا سيما حينما يصدر هذا الكلام من أُستاذ الصحوة ومُرشدها ومعلم من أبرز معالم الحركة الإسلامية وفقيهها ؛ ورجل من أهل الفضل وتاريخه فيها معروف مشهود له ؛ فقد عاصر البنا واستمع إليه ؛ و تربى فى المحاضن الأولى ؛ وعاصر الأحداث الأُول؛ وغيرها من الأمور التى لا يسع الكلمات أن تكتبه ؛ الشاهد: أن هذا الكلام من أحرص الناس على مسار الدعوة وترشيدها ؛ وأخلص الناس على ذلك-نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكى على الله أحدا- ؛ فيحنما يصدر الكلام منه ينبغى أن يُنظر إليه نظرة الإبن إلى نصيحة أبيه ؛ أو التلميذ إلى توجيه أُستاذه ؛ والنظر فيما أشار إليه من خلل ؛ والتمعن والنظر ..
لهذا كُنت قد أملت خيراً حين نُشرت هذه التصريحات وذاع صيتها . إلا أن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ؛ وأن -للأسف الشديد- تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ؛ فخرج علينا الأستاذ الكريم الدكتور محمود غزلان-عضو مكتب الإرشاد؛ بمقالٍ تحت عنوان (رسالة مفتوحة إلى الدكتور يوسف القرضاوى) "!!" لتفنيد كلام الشيخ ؛ ومواجهته والرد عليه ؛ فحدث خلاف ما كان يجب أن يحدث ؛ فبدلاً من التفكير وإعادة النظر والبحث عن الخلل ؛ تحولنا إلى المريض الذى يواجه الطبيب ويعترض عليه ويخبره بأنه أخطأ التشخيص ولحن فى وصف العلاج !! ؛ ولا سيما بأن الكلام لم يصدر من طبيب مثله . خرج الكلام بصيغة -فى ظنى- ليست من حسن المقام مع فضيلة الشيخ ؛ وكانت الرسالة ومحتواها .. أسئلة ً من قبيل "من أين استقيت معلوماتك" ؛ "قضية لم تحط علماً بأبعادها" ؛ "اتهام الإعلاميين والصحفيين فى نياتهم!! ووصفهم -"بالعلمانيين والأمنيين والوصوليين!!" ؛ وتم كذلك تسطيح التعامل مع نصيحة الشيخ القرضاوى وتصريحاته ؛ شأن تشخيص الأزمة فى قضية تصعيد الدكتور العريان؛ وباتت الرسالة "بمنطق عاطفى وفهم مغلوط للمبادىء والأحكام وإسقاطها فى غير موضعها فى مخالفة شديدة لتحقيق مناطها" وهو ما سأوضحه فيما بعد .. لتكون النتيجة فى النهاية لمن يقرأ المقال .. "يا الله .. لقد أخطأ الشيخ؛ وأن لكل فرس كبوة ؛ ولكل عالم زلة .. وأنها من زلات أهل الفضل ؛ وأن الشيخ جانبه الصواب ؛ وما كان ينبغى للشيخ أن يقول كذا أو لا يقول كذا "!! عجبا" . لذا كان لزاماً على أن أرد على ما ورد فى رسالة الأخ الكريم والأستاذ الفاضل الدكتور محمود غزلان ؛ لا سيما أنه تناول أموراً وأثار فروعاً سأتجاوزها إلى أصلها فى محاولة لتوضيح القضية ؛ ولدفع ما قيل عن الشيخ وتوضيح حقيقة كلامه-وإن كان الشيخ ليس فى حاجة إلى كلام مثلى- ؛ وكلامى فى أغلبه سيكون من مدرسة الشيخ القرضاوى ومنهجه وكتبه؛ رداً على ما أورده الدكتور محود غزلان فى رسالته؛ وإنما الموفق من وفقه الله. " ليس من حُسن المقام " أحسب أن القارىء الكريم و الدكتور محمود غزلان يتفقان معى فى أن مخاطبة الشيخ بصيغة (تعلمنا منك كثيرا من المبادئ والقيم والأفكار والأخلاق والأحكام التي جاءت التصريحات المنسوبة لفضيلتك لتعصف بها عصفا شديدا) .. (ما معنى هذا ؟؟ أظن أن أهل الفضل لا يتم الحديث معهم بهذه الطريقة ..
و لكن نحتكم إلى قواعد الشريعة التى تعلمناها من الشريعة .. "أن الناس لا يُؤاخذوا بلوازم مذاهبهم ومقتضياتهم" . كما أن الحديث بصيغة "فى قضية لم تحط علماً بأبعادها وتفاصيلها" ليس حديثاً موضوعياً ؛ فالشيخ لا يخفى عليه حال الجماعة الداخلى ؛ فهو "ليس باحثاً فى الحركات الإسلامية" حتى يتم الحديث معه بهذه الصيغة ؛ لأنه ببساطة شديدة- أحد دعائم هذه الجماعة ؛ وعاش معظم حياته بداخلها ويدرك التباين فى الأفكار الموجود والمشاكل التى وراء ذلك ويعلم جذور المشكلة وجوهرها ؛ ويعلم قياداتها ويتم الحديث معه فى كل هذه الأمور؛ ببساطة هو يدرك "المرض" ؛ لذلك هو أدلى بتصريحاته تلك ؛ بناء على الخلفيات التى يُحيط علماً بها ؛ ولا أحسب أن الشيخ -بمقامه وعلو منزلته وسمو تفكيره ومسئولية موقعه- من السهولة بمكان .. أن يبنى تصريحات أو يُدلى بأقوال .. بناءً على ما تنشره الصُحف وتُثيره ؛ فالشيخ يعلم جيداً أنه حين يُطلق حكماُ أو يُعطى فٌتيا ؛ أن أول مراحلها بناء التصور السليم الصحيح ورفع الواقع ومعرفة حقيقة الأمر وكُنهه ؛ وهو بالتأكيد لم ينبى تصوره من الصُحف والجرائد ؛ وهو لم ينضم لجماعة الإخوان أول أمس حتى يخفى عليه ما هو كائن فيها ؛ كما أن استفهام الدكتور غزلان له؛ "هل استقيت معلوماتك من الظن؟!!" (هذا كذلك ليس من حُسن المقام فى الحديث مع علامة مثل الشيخ القرضاوى وخطاب لا يرتقى أبداً أن يوجه إلى فضيلته" .
ثُم إننى أتعجب من كلام الدكتور غزلان ؛ كيف نُعطى لأنفسنا الحق أن نحكم على-معظم- الصحفيين والإعلاميين بأنهم "علمانيون _ أمنييون- وصولييون" ؛ من الذى أعطانا الحق بأن نحكم على البواطن ؛ ونتهم النيات ؛ وهو من اختصاص رب العالمين الذى لا يجوز لأى أحد أن يتجاوزه ؟! ومن أين استقيت منهج تنزيل الآيات على الواقع فى غير موضعها فى مخالفةٍ شديدة "لتحقيق المناط" .. من الذى أعطانا الحق كى نُنزل آية "ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين" .. من الذى أعطانا الحق كى نُنزلها على الصحفيين والإعلاميين ؟؟!! فى قياس "الإخوان" على "جماعة المؤمنين فى بداية عصر الرسالة" ؛ وقياس "معظم الإعلاميين" على " المتقاعسين عن الخروج للجهاد .. المنافقين" ؛ فى جرأة شديدة ولىٍ لأعناق النصوص ؛ وهذا منهجٌ خطير للغاية فى طريقة التعامل مع النصوص تُشرد بنا بعيدا ؛ أعنى: إسقاط آيات المنافقين على المخالفين بهذا الشكل بهذه الكيفية ؛ وهذا للعلم جزء من منهج الخوارج فى طريقة تعاملهم مع النصوص ؛ وهو ما نربأ به أن يكون لجماعةٍ مثل الإخوان المسلمين الذى قال عنها مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا -رحمه الله ورضى عنه- "نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين" ؛ فالواجب أن تُفعل مقتضيات هذا المبدأ وهذه القاعدة وليس فقط التحلى بالتلفظ بها ؛ أى : إن المُخالف لنا لا يُعد مخالفاً للحق والحقيقية والصواب والإسلام ؛ وأظن أن الدكتور غزلان أعلم منى بهذا ؛ وأعلم كذلك منى: بأن من يخالف توجهات الجماعة وينقدها ويُعلن ذلك ؛ هو لا يُعد مُحارب للدعوة ولا للإسلام على الإطلاق ؛ لأننا لا "نحتكر" الحق ؛ وأن كُلاً يعمل حسب رؤيته وفهمه ؛ وحساب الأولويات التى يرى هو أنها أولى بالبدء بها . وأذكر أنه أثناء حديثى مع واحدٍ من أهل الفضل و أحد الأساتذة الكرام ؛ عن علنية النقد داخل جماعة الإخوان المسلمين ؛ أننى قلت له : "هذا اختلاف فى الآراء والوسائل" ومن يُعارض إنما "يعارض تلك الوسائل أو طريقة تطبيقها أو يخالفك فى الرأى" وهذا ليس معارضة للدعوة؛ وأن البيعة إنما هى عقد بين طرفين ؛ على كلٍ مسئولياته ؛ وله حقوقه ؛ فإذا أخل طرف بالشروط أو المسئوليات ؛ كان الطرف الآخر فى حلٍ منه" ؛ فأقرنى فى قضية أن البيعة عقد بين طرفين ؛ لكنه أجابنى : بقوله تعالى : "ومن ينكث فإنما ينكث على نفسه" ؛ وحين قلت له : غذاً نختلف فى الوسائل .. فأفارقك .. "قال : صحيح" ؛ لكن "هذا اتخاذ لمسجد ضرار" !! فى إشارة لقوله-تعالى- " (والذين اتخذوا مسجداً ضرارا وكفراً وتفريقا بين المؤمنيين) .. "عجباً" ؛ وهو ما يخالف كليةً ما قاله الإمام الشيخ حسن البنا "نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين" ؛ "وكم منا وليسوا فينا؛وكم فينا وليسوا منا"" ؛ وهذه إشكالية كُبرى ناتجة عن المفاهيم والطريقة التى يتم بها وعليها تربية الإخوان المسلمين .. وهى للأسف الشديد .. "ناتجة من تربية اللاتربية" "تربية الممارسة القائمة على الصراع والصدام والمنافسة" . أتمنى أن يتم الإنتباه إلى هذه الإشكالية .. لأنه مثل هكذا منهجية فى التعامل مع النصوص .. مردودة وباطلة بشكل كبير.
ثُم يعود الكاتب الكريم ليقع فى نفس الإشكاليتين السابقتين: 1
-الأولى تكرار توجيه خطابٍ بصيغة لا ترتقى إلى مقام الشيخ القرضاوى ؛ وهو ما يتجلى حين يسأله : (أليس غريباً من علامةٍ مثلك أن يساير أولئك الذين يوزعون الأوصاف والمصطلحات والألقاب....) ؛ هل الشيخ وصل من ضعف القدرة على الحكم على الأشياء حتى نتهمه بأن يساير أولئك الذين يوزعون .. كذا وكذا ويريدون أن يشقوا الصفوف ويمزقوا اللحمة ؟! وهو -أى القرضاوى- الذى نأتمنه على ديننا ونأخذ من الفتاوى والأحكام ؛ وهو - من أهل العلم- الذى يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ؛ وهو من أهل العلم الذين هُم ورثة الأنبياء !! 2
- حُكمك على النيات واتهامك للبواطن حين قُلت: (حتى يزكوا أنفسهم ويشوهوا خصومهم) .. من الذى أعطانا الحق كى نقول هذا ونتهم نيات الناس . ثُم إنك حين حديثك عن الإصلاحيين والمحافظين ؛ والصلاح والفساد ؛ تقول ؛وليس كل من ينسب نفسه إلى الإصلاح مصلحا، وقديما قالت طائفة ( إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(البقرة: من الآية11) فقال الله تعالى عنهم (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)(البقرة:12) ؛ (لا حول ولا قوة إلا بالله) ؛ من الذى أعطانا الحق كى نقيس من يسموا بالإصلاحيين أو حتى أى فريق آخر أو حتى العلمانيين .. بآية ووصف ورد فى الكافرين الذين يخادعون الله ورسوله ؟! بأى حق نطلق الإتهامات وننزل آيات الشرع . ثُم إنه من المُختص بأن يحكم هل هذا موافق أم غير موافق فى أمور التجديدات الفكرية وغيرها .. أليس أهل الإختصاص ؟ وأهل الذكر ؟ وأهل الإستنباط ؟ المُحيطين بناصية العلوم ؛ حسب تنوع فروع المجالات ؟! وردها إلى أهل الذكر من علماء الشريعة ما دامت متصلة بها .. والشيخ القرضاوى من أعلم العلماء فى هذا الزمان ؛ لذلك هو قال كلمته وقال رأيه؛ بله : آرائه "الإصلاحية" قديماً وعاد ليكررها حديثاً ويصدح بها كى يفيق من لم ينتبه ؛ لنقول-نحن- وليسنا من أهل الإختصاص ولسنا من المتمكنيين من منهجية الشريعة فى التعامل مع المستجدات ومع النصوص ؛ كى نقول مثل هذا الكلام : (إننا نرحب بالاجتهادات الجديدة المبنية على أصول شرعية وليست على أهواء بشرية، والتي تبتغى وجه الله ثم مصلحة العباد، وليس إرضاء أصحاب الشهوات من العلمانيين والمبغضين للإسلام . ) وأظن يا أخانا الكريم ؛ أنه فى داخل الجماعة وداخل مكتب الإرشاد ليس هناك من هول أعلم ببالأصول الشرعية من العلامة الشيخ القرضاوى) ؛
المشكلة يا أخانا الكريم ..
أننا أسأنا إلى الشرع وأسأنا إلى الشريعة وأعطينا كلاهما صورة سيئة متمثلة فينا أما الأفكار الأخرى التى بحكم نشأتها وطبيعة ثقافتها وتربيتها لم تتعرف على الصورة الحقيقة للإسلام ؛ فكان النموذج الذى نمثله نموذج إتهامى صدامى ؛ والمشكلة أيضاً : (أننا نرفع شعارات من قبيل "أن المعيار هو الشرع" ؛ و "المبنية على الأصول الشرعية وليس الأهواء البشرية") والحقيقة أن الذى يحصل أنكم يا سيدى الكريم المسئولين فى قيادة الجماعة والمنظمين لمساراتها والمحددين لإستراتيجيتها والواضعين لبرامج تربيتها ؛ ترفضون الإجتهادات المنبية على الأصول الشرعية وترفضون إفرازات ونتائج المنهجية الشرعية التى يقوم عليها أهل الإختصاص ؛ وفقاً لأهواءكم البشرية ؛ وآرائكم الشخصية ؛ ومعايريكم الذاتية ؛ وأبسط دليل موقفكم مع ما كتبه القرضاوى حديثاً وعدم تطبيق ما كان يصرخ به مذ عشرين عاماً .. وهو ما سأوضحه لاحقا . كما أنه يا سيدى الكريم لا يليق بنا أن نخاطب الشيخ بخطاب من قبيل (ثم هل يليق بك يا صاحب الفضيلة وقد كتبت عن التربية بكل جوانبها(.....)هل يليق بك أن تتهم أعضاء مكتب الإرشاد بخيانة الدعوة والجماعة والأمة؟ ) ؛ أقول : نعم يليق ؛ حينما تكون تلك القيادة .. هى قيادة كبرى الحركات الإسلامية التى من الؤمل منها ؛ أن تُحدث نهضة حقيقيةً فى كل مجالات الحياة ؛ الفكرية والتربوية والثقافية والإيمانية والأخلاقية .. ؛ فعلى قيادتها أن تتخذ هذا المسار وتتبعه ؛ لأن الأمة والإنسانية تنتظرها ..
تنتظر منها أن تُحقق رساليتها هى والأمة كلها ولن يتحقق ذلك إلا بالإنفتاح على المجتمع والإنطلاق من خلاله ؛ وأنتم حينما تخالفون هذا المسار ؛ وتعوقون هذه المنهجية ؛ وتكتمون أنفاسها ؛ فهذا يُعد خيانة للدعوة وللجماعة -بتاريخها كله- وللأمة . أما حديثك (يا صاحب الفضيلة يعيشون في قلب المعمعة ويتعرضون لكل ألوان البلاء ويتحملون كل الأذى والخطر .. لماذا ؟ لكي يخونوا الدعوة والجماعة والأمة ؟) فإنه فى الحقيقة .. لا يُعد هذا الأمر معياراً للصواب والخطأ ؛ فقد كان الخوارج من أكثر الناس صلاة وقياماً وإخلاصاً .. لكن فكرهم أضلهم وانحرف بها عن الصواب ؛ ولا أقصد البتة أن أقيس الإخوان على الخوارج كلية.. كلا ؛ لكنى فقط من حيث الشبه والتوضيح أضرب المثال . كذا كلامك (وهل يليق بك أيضا أن تصف إخوانك بالمتردية والنطيحة وما أكل السبع ؟) ؛ هذا المثال للتشبيه يا أخانا الكريم ؛ على حال من لا يملك القدر والعلم وإمكانية تسيير الأمور فى مجالات تحتاج إلى متخصصين ذوى حنكة ودراية ؛ فإن نبى الله يوسف كان (خفظياً عليما) ؛ ونبى الله موسى كان (قوياً أمينا) ؛ و الأمر ليس مبنياً على الإخلاص والنية فقط ؛ بل إن الكفاءة شرط وشرط أساسى كذلك ؛ وفى قصة أبى الدرداء -رضى الله عنه- خير مثال نستقى منه العبرة ؛ حين قال لرسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (يا رسول الله ولِنى) ؛ قال له: (يا أبا ذر إنك ضعيف ؛ وإنها أمانة ؛ وإنها يوم القيامة خزى وندامة ؛ إلا من أخذها بحقها ؛ وأدى الذى عليه فيها) ؛
وقد قال الله -عز وجل- : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) "النحل:43" ؛ هُم أهل الذكر يا سيدى الكريم ؛ وهذه ليست المرة الأولى التى يستخدم فيها شيخنا القرضاوى-حفظه الله وبارك فى عمره- هذا المثال ؛ بل إنه استخدمه سابقاً فى رسالته عن (الأزهر بين الأمس والغد) حين قال على ما أذكر من معنى ؛ بأن الأزهر أصبح يقبل المتردية والنطيحة وما أكل السبع ؛ تشبيهاً منه على حال المستوى التعليمى لبعض الدارسين ؛ (على ما أذكر مما قرأته من معنى) ؛ وهذا حقيقى يا أخانا الكريم ؛ وإننى لأتعجب بمن تسترشدون ؛ إن كان كُل أهل الإختصاص من العلماء والمفكرين ينقدونكم ويخالونكم ؛ وجُلهم ممن ساهموا فى نشر الدعوة ومن رعيلها الأول ومن أكثر الناس احتواءً لصفاء الفكرة وعمقها ؛ إن الشيخ الجليل مُحمد الغزالى-رحمه الله- قد كرس حياته فى الفترة الأخيرة للكتابة فى ترشيد الصحوة ؛ وكان على خلافٍ بالحركة ؛ و لم يلتفت إلى منهجه وإلى مدرسته ؛ وإن الشيخ الجليل الأستاذ الدكتور عبد الحليم أبو شقة كذلك؛ والأستاذ الدكتور أحمد الريسونى ؛ والشيخ راشد الغنوشى ؛والأستاذ الدكتور مُحمد سليم العوا ؛ والدكتور توفيق الشاوى ؛ والدكتور حسان حتحوت -رحمهم الله- ؛ وإن أبرز المفكرين الإسلاميين الموجودين الآن على الساحة إنما هُم من أبناء هذه الدعوة البررة ؛ الذين ضاقت بهم ميكانيكات تنظيمية ؛ ورواكد فكرية ؛ وأمور روتينية..
وكُل هؤلاء لم يؤخذ كلامهم بعين الإعتبار؛ ولم توضع أفكارهم-المؤصلة بالتأصيل الشرعى والمبنية على الأصول الشرعية- لم توضع تلك الأفكار فى ماكينة الحركة ؟! لماذا سيدى الكريم ؟! وهُم أهل الذكر وأهل الإختصاص؟! وأنا أسأل ..من هو إذاً الذى يعطى الشريعة ويعطل أصولها ؟ ومن هو الذى لا يفعل المنهجية الإسلامية الشرعية فى التفكير؟! ومن الذى يطبق آرائه البشرية و أهوائه الشخصية ؟! من المفترض أننا حركة إسلامية ودعوة قرآنية ربانية ؛ وإن كُنتم تعتقدون أنكم ما زلتم فى هذا الإطار وداخل هذا المسمى .. فإن أولى تلك الخطوات .. أن نعود فننظر ماذا قال هؤلاء ؟!! ونُراجع ؛ هذا فضلاً عن مفكرين آخرين مشهود لهم .. ولم ينضموا يوماً إلى تنظيم أو خلافه .. فماذا فعلنا بأفكارهم وكيف استفدنا منها .. وهل عادت الحكمة تُمثل لنا .. ضالةً وهدفاً .. نسعى للحصول والعثور عليه؟! أما حديثك التالى (ثم تقول فضيلتك "وأظن أن فلانا سينتصر في النهاية" سبحان الله، هل نحن في معركة حتى ينتصر فلان أو ينهزم فلان، ما هذا التصور الغريب ؟) للأسف الشديد سيدى الكريم .. كُنا نتمنى أن يكون هذا التصور غريباً .. لكن ما قولك فيمن يجنب هذه الأفكار من الدراسة التربوية ؟! ومن يعتبرونها أفكاراً دخيلة ؟! وما تفسيرك .. بأن كُتب القرضاوى والغزالى -ولغتهما سلسلة عذبة ميسرة تتضح للأفهام وهو أبرز ما يميزها وهى شاملة جامعة وفى مختلف المجالات التى يحتاجها تشكيل العقل المسلم والوعى المعاصر- ما تفسيرك بأن كتبه تلك - التى فى التزكية والفكر الإسلامى والعقيدة السليمة وكيف نتعامل مع القرآن والسنة والثقافة .... إلخ وهلم جرا_ كيف تفسر بأن كتبه لا تُدرس فى الأُسر والمحاضن التربوية؟! وهو أعلم من فى الحركة الإسلامية والجماعة ؟! وهو الذى ينسب أبناء الجماعة انتماءه إليها ؟!(لكن للأسف الشديد يتم التعامل مع هؤلاء الأعلام بمنطق التلميع و الإشهار الفكرى وتحسين صورة الجماعة ؛ وإن كانت أفكارهم داخل الجماعة غير مرغوب فيها أو غير مستحسنة؛ فضلاً عن أنها غير مفعلة)؛
وقد قال غير مرةٍ فضيلة العلامة الشيخ القرضاوى .. "بأن كُتبى تُحظر من التدريس ولا تُدرس ؛ لأن أفكارها غير محببةٍ لدى القطبيين الذى يضعون المناهج" .. "على ما أذكره من معنى" .. وهذا الكلام قرأته فى أحد كُتبه ولا أذكر بالضبط اسمها ؛ وقد قاله الشيخ وقد سمعته بأذنى ورأيته وهى يتحدث بعينى ؛ فى آخر محاضرة له فى نقابة الصحفيين ؛ حتى أنه قال (إلا أن هذه المحاولات لا تنجح فالشباب لا يفتأون أن يعلموا أن كتاباً جديداً نزل لى حتى يذهبوا ليشترونه ويقرأوا ما فيه) ؛ وهذا الكلام أقوله والله شاهد على ومحاسبى على ما أقول ؛ والله شهيد. بم تفسر هذا الكلام سوى أن إفرازات المنهجية الشرعية العلمية الموضوعية تخالف أفكار المتولين زمام أمور الجماعة ؛ فيعملون ضدها ويعرقلونها؛ وقد حدث عدة مرات يا سيدى الكريم فى محاضن مختلفة .. التعرض لقيادات هذا التيار داخل الجماعة بأمور هدفها اغتيالهم المعنوى .. بأنهم "اصحاب مخالفات شرعية وأفكار لا تمثل الجماعة .... وغيرها" واربأ بنفسى وأربأ بالقارىء الكريم أن أذكر أمثلةً أو نماذجاً ؛ لذلك يا أخانا الكريم نقول .. نعم سينتصر الصواب على الخطأ والحق على خلافه .. أما حديثك عن قضية الشورى ؛ وأن هذا أمر مؤسسى ؛ فهذا فى الحقيقة أمر عجيب ؛ بداية من حق أى قارىء أن يسأل .. "هل تمت الشورى بين أهلها المُختصين" .. والشورى إنما هى أحد آليات التعبير عن القناعات المكونة والتصورات المبنية .. وقد تحدثنا منذ قليل .. كيف تتكون هذه القناعات بطريقة خاطئة وفق منهج غير منضبط .. وبشكل فيه كثير من التسطيح. ثانياً: إن ما حدث فى الموقف الأخير هذا يجعلنا نصك مُصطلحاً يُسمى ب"المؤسسية الموجهة" التى تخدم أفكاراً بعينها وتياراً بذاته يسعى لكتم أنفاس تياراً آخر ؛ ومن أجل ذلك يتم الإحتماء بالقيم والمبادىء التى فى الحقيقة يتم لىِ أعناقها وتفريغ محتواها .. مثل الشورى ؛ ولم يخفى على أحدٍ خلاف الأحداث الأخيرة وما ظهر ووضح جلياً .. "التربيطات والتشبيكات" التى تمت لعدم تصعيد الدكتور العريان-وأعود فأكرر بأن القضية ليست فى تصعيد الدكتور العريان أوو عدمه لكن خُذ هذا كمثال وقِس عليه- وهذا ما دفع فضيلة الأُستاذ المرشد بأن يقول فى حواره للمصرى اليوم:
(إن هُناك سراً غامضاً داخل مكتب الإرشاد ولم أعلمه حتى الآن) .. حينما رأى ستة عشر عضواً يصوتون ضده؛ هذا فضلاً عن التأويلات التى تلوى عنق اللوائج والقوانيين المجردة ؛ هذا بخلاف ما كُتب عن أن انتخابات مجلس الشورى تمت بلوائح مزورة .. وكان آخره ما كتبه المهندس خالد الدفراوى بموقع إسلام أون لاين .. كُل هذا نُحمله للشورى وننترس بالمبادىء والقيم العُليا لتمرير أفكارنا و كتم أنفاس أفكار غيرنا .. مُتحليين وواضعى "طبقة دهان أخيرة" بصبغة الإسلامية على حواراتنا وأفعالنا .. "عجباً" . ثالثاً: أما المثال الذى تفضلت به سيدى الكريم-د.محمود غزلان- عن "مخالفة الشورى!" فهو بحقٍ مثال يصف موقفكم الأخير من مكتبكم الموقر وآلية الشورى الموجهة ضد التيار الإصلاحى-الذى يُعد القرضاوى من رواده وأهل الذكر من أعمدته- يعد مثال يصف موقفكم .. فقط لو تم عكسه" . إنك قلت : (أما إذا كان المطلوب أن يخالف اللائحة كل من يريد لمصلحة شخص ما، فيكون ثمَّ الهوى وتترتب على ذلك الفوضى، فهل يرضيك مثلا أن نفعل مثلما يفعل مجلس الشعب كلما أراد أن يخالف لائحته أن يرفع شعار (المجلس سيد قراره) ؟ ) (!!) (فى الحقيقة سيدى الكريم أنكم تفعلون ما تفعله الأغلبية المتحكمة فى مجلس الشعب فأنتم تمثلون الأغلبية "المحافظة" ؛ ضد الأقلية "الإصلاحية" الموجودة ؛ والتى تُجنب من مواطن اتخاذ القرار ؛ وتكتم أنفاس أفكارها وأصحابها فى محاضن القواعد ؛ وحينما يأتى وقت التصويت واتخاذ القرارات .. "يتم تمريرها بأغبيتكم .. بدعوى الشورى" .. مع ما ذكر من تحفظات على علمية الإنتخاب وما يسبقها. إننا فى الحقيقة يا أخانا الكريم كُنا نتمنى أن تجد دعوة القرضاوى وتصريحاته فى آذانكم مُتسعا ؛ وفى قلوبكم موضعا .. وكنُا نأمل خيرا من ورائها .. ولكن يبدو أن فلسفتكم فى التعامل مع الأمور والأحداث والنصح والتوجيه باتت واحدة .. وآمل أن نُعيد المراجعة والتقدير وأن نُغير النظارة التى ننظر بها للأشياء . وقبل أن أختم هذا المقال الأول .. أُحب أن ألفت عنايتكم وعناية الإخوة الكرام المتولين زمام الجماعة وقيادتها .. بأن "الإصلاحيين" الموجودين داخل الجماعة ..
إنما يعدون القرضاوى وأمثالهم ممن سبق ذكرهم فى هذا المقال .. من أهل الذكر والإختصاص وعلماء الشريعة .. أساتذتهم وروداهم ومرشديهم .. ومن أفكارهم ينسجون كلامهم .. ومما يسطرونه ينطلقون؛ إن هؤلاء الإصلاحيين إذ يتحدثون إنما يتخذون من مقاصد الشريعة بوصلة لهم "ولا بوصلة لتحديد الإسلامية أكثر من مقاصد شريعتنا" .. إنهم يتخذون من تلك المقاصد صياغة لمشروعم .. وترتيباً لأولوياتهم الموزعة فى المسارات .. مقاصد "التوحيد والتزكية والعمران" "مقاصد .. عبودية الله ؛ تزكية النفس؛ عمارة الأرض ؛ وصناعة الإنسان وتنمية مهاراته وبناء تفكيره؛ بناء الأمة الشهيدة على الأمم؛ إنشاء عالم إنسانى متعاون ؛ تحقيق كرامة الإنسان وإنسانيته ؛ وحفظ الكرامة البشرية ؛ والسماحة والتيسير والعدل والحرية؛ والإصلاح الإنسانى الإجتماعى السياسى ؛ فلا داعى للمزايدة الخاطئة على إسلامية الأفكار وما سواها .. وسأبين لفضيلتكم .. فى المقال التالى -بمشيئة الله إن قدر الله لنا فى العمر وبسط- أن ما ينادى به الإصلاحييون من شباب الإخوان وغيرهم ممن يكبرونهم .. إنما هو قول القرضاوى مذ عشرين عاماً وهى أفكارها التى ظلمت حينما لم تُطبق فلم نظلم -نحن- من وراء عدم تطبيقها إلا الدعوة والإسلام ؛ وسأنقل لكم كلامه .. بل أنقل لشباب الدعوة ممن يحملون لشيخهم ومفتيهم العلامة القرضاوى الحب والعاطفة والتقدير .. ما قاله منذ عقدين من الزمان .. حتى يعلموا أى الأفكار هى الإسلامية من عدمها ؟! و لعل المحاور الأساسية تتحدث عن (التربية والتكوين -بالمعنى الشامل الجامع.. التربية الصوفية الروحية .. التربية الفكرية الثقافية؛ والعلاقة مع المجتمع والعمل الإجتماعى الخدمى؛ والإنفتاح عليه والتواصل مع مختلف طبقاته ؛ إعادة النظر وتعريف المفاهيم والتصورات ؛ الحوار مع الآخرين .. "الحركات الإسلامية الأخرى- عقلاء العلمانيين وغيرهم - الغرب- ؛ الحركة والفن ؛ التخصصية داخل مجالات العمل ؛ إستيعاب العقول والمفكرين داخل الحركة) .. وغيرها وغيرها .. من الكلام الذى وجهه الشيخ بطريقة مباشرة إلى أهل الدعوة والقائمين عليها ؛ وما يمكن الإستفادة منه بطريقة غير مباشرة أعظم وأكثر لمن أراد النفع . وإنما هدفنا من وراء هذا .. أن نُعيد الروح لمشروع أسس لبناته شاباً فتياً كان يُسمى حسن البنا .. حين بدأ مشروعه لم يتهموه "بإنبتات الأفكار عن المرجعية!!" .. أن نُعيد الروح لمشروع .. حاد عن مساره الحقيقى .. وأوشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة إثر من يكتمونها بعلمٍ أو بدون علم-لا سلطان لى على النوايا- .. أن نُعيد الروح لمشروع .. قال مُجدده حين سأله أحد الصحفيين حينها منذ أكثر من ثمانيين عاما .. (من أنت) ؟ فأجابه: (أنا سائح يبحث عن الحقيقة ؛ وإنسان يفتش عن الإنسانية فى الناس بمصباح ؛ أنا متجرد أدرك سر وجوده ؛ فنادى فى الناس (إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين) ؛ والله من وراء القصد وهو الموفق لما فيه الخير ؛
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.