عاجل: ما تشربوش من''عين أحمد'' و''عين أم ثعلب'' في تالة!    خطر تيك توك؟ البرلمان المصري يهدد بالحظر!    عاجل: قرار قضائي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين من أمريكا    ضيوف تونس: رشيد بارادي (الجزائر): حبّ تونس لا يحصى ولا يعد    الوحدات الأردني يفسخ عقد قيس اليعقوبي    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    حماس تكذّب المبعوث الأمريكي: لن نتنازل عن السلاح    الخبير العسكري توفيق ديدي ل«الشروق» ...أخطاء ترامب ستعجّل بانهيار أمريكا    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة : ثلاثة لصفر جديدة أمام مصر والمرتبة 22 عالميا    الطريق الى اولمبياد لوس انجلس 28 : الجوادي يخوض اليوم نهائي 1500 متر سباحة    درجات حرارة تفوق المعدلات    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    أستراليا تمنع يوتيوب للأطفال: وداعًا للخوارزميات الخطرة؟    العواصف الرعدية والبَرَدْ جايين الليلة في المناطق هذي، حضّر روحك!    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    المهدية: اللإنثين القادم إنطلاق حملة تحيين مراكز الاقتراع لفائدة الناخبين المعنيين بالتصويت على سحب الوكالة    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    إيقاف ياسين تشيوكو الحارس الشخصي لميسي ومنعه من دخول الملاعب    مع الشروق :الاعتراف... نصر أكتوبر الجديد    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    ملعب حمادي العقربي يفتح أبوابه الوقت هذا.. شنوة لازم تعرف قبل ما تمشي!    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل: سوبر الأحد..الترجي بغيابات مؤثرة والملعب التونسي يسترجع عناصره    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    عاجل/ تزايد محاولات القرصنة..ووكالة السلامة السيبرنية تحذر..    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 27 جويلية إلى 2 أوت 2025)    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الفنان "الشامي" يحقق نجاحا جماهريا باهرا ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث خطوات إلى الأمام في التقريب بين المذاهب والفرق الإسلامية
نشر في الحوار نت يوم 11 - 09 - 2009


ثلاث خطوات إلى الأمام في التقريب
بين المذاهب والفرق الإسلامية

بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي


تشرفت في شهر رمضان الجاري من العام 1430 هجرية، 2009 ميلادية، بإدارة مناقشات برنامج "الحوار الصريج بعد التراويح" في قناة المستقلة الفضائية، التي شارك فيها باحثون وعلماء يمثلون المدارس الصوفية، والسلفية، والإخوانية والشيعية.

ومع أن بعض المثقفين المسلمين يشعرون باليأس من إمكانية التقريب بين المذاهب والفرق الإسلامية، فإن تجربتي الشخصية في إدارة الحوار بين أهل هذه الفرق خلال ما يقرب من عقد من الزمان، أثبتت لي أن التقارب ممكن، وتغيير العقليات غير مستحيل، وتجديد الفكر الإسلامي هدف قريب المنال.

هناك مفاهيم وأفكار ورثناها، ونشأنا عليها، وكثير منها لا يصمد أمام الأدلة الشرعية الصحيحة وأساسيات المنطق السليم وعلوم عصرنا. كيف نكتشف ذلك؟ نكتشفه بالحوار الصريح البنّاء بين العلماء والمفكرين، من مختلف الفرق والمذاهب الإسلامية.

فإذا صبرنا على الحوار، وتحمل بعضنا البعض، وحاكمنا مفاهيمنا الموروثة إلى أنوار الشريعة، وحجج العقل، وأيضا إلى تجارب الأمم الأخرى من حولنا، التي نقدت وتراثها وجددت أفكارها، إذا فعلنا ذلك، وأكرمنا الله الكريم بتوفيقه قبل كل شيء، فإن فرص نجاحنا كبيرة جدا، أعني النجاح في تجديد فكرنا الديني، ونفض الغبار عن التعاليم الدينية الصحيحة، وتحرير العقل المسلم من الجمود والتخلف والخرافة.

ويسعدني أن أقدم الدليل من مناقشات برنامج "الحوار الصريح بعد التراويح" لهذا العام، حيث أثمرت عشرون سهرة، وخمس وأربعون ساعة، من الحوار والنقاش الحر الشفاف، ثلاث بيانات مشتركة، كان البعض يتوقع صدورها من سابع المستحيلات.

صدر البيان الأول يوم 6 رمضان، وهو كما يلي:


بيان صوفي سلفي إخواني شيعي مشترك حول
وجوب التوجه إلى الله سبحانه وتعالى وحده عند الدعاء


لندن: في 6 رمضان 1430 هجري
27 أغسطس 2009 ميلادي

بثت قناة المستقلة الفضائية في لندن حلقات يومية من برنامجها الثقافي "الحوار الصريح بعد التراويح"، في الفترة من 1 إلى 6 رمضان 1430 هجري، الموافق 22 إلى 27 أغسطس 2009، بإدارة رئيس القناة الدكتور محمد الهاشمي الحامدي.

دار الحوار حول رؤية المدارس الصوفية، والسلفية، والإخوانية (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين) للعلاقة بين العقيدة والسياسة، ولموضوع التوحيد بوجه خاص. وشارك في النقاش ضيوف ممثلون لهذه المدارس الثلاث.

وفي مساء السادس من رمضان 1430 هجري، اتفق المشاركون في البرنامج، أمام المشاهدين، على إصدار هذا البيان المشترك:

بناء على قول الله سبحانه وتعالى (ادعوني أستجب لكم)، ومعناها: اسألوني أستجب لكم، فإن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بسؤاله، جل في علاه، والإقبال عليه سبحانه وتعالى.
فالواجب على المسلم أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في جميع شؤونه وفي جميع أموره، لأنه هو سبحانه وتعالى مصدر العطاء، جل في علاه.

وإذا أخطأ مسلم عامي وتوجه بالدعاء لغير الله عز وجل فالواجب على أهل العلم أن يوضحوا له ويبينوا له المنهج الصحيح، دون أن يرموه بالكفر.

ونقول لكل إخواننا في الله تعالى، لجميع المسلمين: المطلوب منا جميعا كمسلمين أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في كل شؤوننا وفي جميع أحوالنا.

والملاحظ أن بعض الناس يقعون في الخطأ، متوجهين بالدعاء لغير الله عز وجل، ويقولون نحن تعودنا على ذلك، ووجدنا آباءنا يفعلونه. وهذا خطأ.

وينبغي على المسلم أن يكون عالما بدينه، وأن يعرف أن الواجب عليه أن يقبل على الله سبحانه وتعالى بقليه في جميع الشؤون، وأن لا يلجأ إلا إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه وتعالى وحده، بيده النفع والضر، جل في علاه.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

ضيوف البرنامج الموقعون على البيان:

1 جمعة أمين، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية.
2 د. عبد الرحيم ملازاده البلوشي، باحث إيراني متخصص في الدراسات الإسلامية. (من المدرسة السلفية)
3 د. جلال الدين محمد صالح: أستاذ جامعي من أريتريا، متخصص في الدراسات الإسلامية. (من المدرسة السلفية)
4 الشيخ محمد يحي الكتاني، إمام جامع سيدي ياقوت العرش في الإسكندرية، بجمهورية مصر العربية. (من المدرسة الصوفية)

5 كما تحدث في البرنامج عبر الهاتف، العلامة المجتهد السيد علي الأمين، مفتي صور الجعفري السابق، ووافق على البيان، ورحب به، وطلب إضافة اسمه إلى قائمة الموقعين عليه.


البيان الثاني

ثم صدر البيان الثاني يوم 15 رمضان، وفيه:

بيان سلفي إخواني شيعي مشترك حول
عدم صحة طلب المدد والغوث من الأنبياء والأولياء


بسم الله الرحمن الرحيم


لندن: في 15 رمضان 1430 هجري
5 سبتمبر 2009 ميلادي

بثت قناة المستقلة الفضائية في لندن حلقات يومية من برنامجها الثقافي "الحوار الصريح بعد التراويح"، في الفترة من 1 إلى 15 رمضان 1430 هجري، الموافق 22 أغسطس إلى 5 سبتمبر 2009، بإدارة رئيس القناة الدكتور محمد الهاشمي الحامدي.


دار الحوار حول رؤية المدارس الصوفية، والسلفية، والإخوانية (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين)، والشيعية، للعلاقة بين العقيدة والسياسة، ولموضوع التوحيد بوجه خاص. وشارك في النقاش ضيوف ممثلون لكل هذه المدارس.

وقد اتفق الضيوف المنتمون للمدارس السلفية والإخوانية والشيعية على اصدار هذا البيان المشترك:

اتفق المتحاورون في برنامج "الحوار الصريح بعد التراويح"، في قناة المستقلة، يوم السبت، الخامس عشر من رمضان 1430 هجري، على عدم صحة التوجه بالدعاء لغير الله سبحانه وتعالى.

واتفقوا بعد ذلك أيضا على عدم صحة الإستغاثة بغير الله سبحانه وتعالى، وإظهارها بصيغة لفظية يقول فيها الداعي: مدد يا رسول الله مدد، أو مدد يا على مدد، أو مدد يا جيلاني مدد، أو مدد يا بدوي مدد، أو يا رسول الله أغثني، يا علي أدركني، يا جيلاني أغثني، وأمثال هذه الصيغ، لأنها بمدلولها اللغوي ظاهرة في طلب العون المباشر من المنادى (بفتح الدال)، وهو في هذه الصيغ غير الله سبحانه وتعالى.

وإذا أخطأ المسلم بطلب المدد والغوث من الأنبياء والأولياء، فالواجب على أهل العلم أن يوضحوا له ويبينوا له المنهج الصحيح، دون أن يرموه بالكفر.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

ضيوف البرنامج الموقعون على البيان:

1 جمعة أمين، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية.
2 العلامة الشيعي المجتهد السيد علي الأمين، مفتي صور الجعفري السابق.
3 د. عبد الرحيم ملازاده البلوشي، باحث إيراني متخصص في الدراسات الإسلامية. (من المدرسة السلفية)
4 د. جلال الدين محمد صالح: أستاذ جامعي من أريتريا، متخصص في الدراسات الإسلامية.
5 الشريف عبد الحليم العزمي، كاتب مصري، رئيس تحرير مجلة "ألإسلام وطن"، من الطريقة الصوفية العزمية. (وافق العزمي بعد يوم إضافي من المناقشات، أي يوم 16 رمضان)
6 الشيخ نبيه الإسماعيل: شيخ الطريقة الصوفية القادرية في دمشق، وهو تدخل هاتفيا وأعلن موافقته على البيان دون تحفظ.
7 عامر شعبان: وكيل المجلس الصوفي الأعلى في جمهورية مصر العربية، وهو اتصل هاتفيا بالبرنامج وأعلن موافقته على البيان دون تحفظ.

البيان الثالث

بيان سلفي إخواني صوفي مشترك في
النهي عن بناء المساجد على القبور

بسم الله الرحمن الرحيم


لندن: في 20 رمضان 1430 هجري
11 سبتمبر 2009 ميلادي

بثت قناة المستقلة الفضائية في لندن حلقات يومية من برنامجها الثقافي "الحوار الصريح بعد التراويح"، في الفترة من 1 إلى 20 رمضان 1430 هجري، الموافق 22 أغسطس إلى 11 سبتمبر 2009، بإدارة رئيس القناة الدكتور محمد الهاشمي الحامدي.

دار الحوار حول رؤية المدارس الصوفية، والسلفية، والإخوانية (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين)، للعلاقة بين العقيدة والسياسة، ولموضوع التوحيد بوجه خاص. وشارك في النقاش ضيوف ممثلون لكل هذه المدارس.

وقد اتفق الضيوف المنتمون للمدارس السلفية والإخوانية والصوفية على اصدار هذا البيان المشترك:

إن الله تعالى شرع بناء المساجد لعبادته وذكره ولإقامة الصلاة فيها. قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا". (الجن:18) وقال تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ". (النور 36-37)

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنكاره الشديد لصنيع بعض المتدينين في الأمم السابقة من بناء المساجد على القبور ووضع الصور فيها، إذ قال فيهم: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله".

وثبت أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم مسجدا على قبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، أو قبر ابنه إبراهيم، أو على قبر أي شهيد من شهداء بدر وأحد وبقية معارك الإسلام الأخرى التي جرت في حياته صلى الله عليه وسلم.

وكما صح أيضا أن الخلفاء الراشدين لم يبنوا المساجد على قبور كبار الصحابة.

وصح أن سيدنا عليا رضي الله عنه لم يبن المساجد على قبور أهل البيت الذين ماتوا في حياته.

وثبت أن أشهر أئمة الفقه في التاريخ الإسلامي أكدوا كراهة بناء القبور على المساجد. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوّى، أو يصلّى عليه وهو غير مسوى، أو يصلّى إليه". وإذا كانت الصلاة إلى القبر محرمة بإجماع المسلمين، فإن من الواضح أن الإمام الشافعي يتحدث في هذه الفقرة عن الكراهة التحريمية.

وقال أيضا رحمه الله: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس .

وقد صح عن الأحناف أيضا قولهم بالكراهة التحريمية. قال الإمام محمد بن الحسن - رحمه الله - تلميذ أبي حنيفة - رحمه الله -: "لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر، ونكره أن يجصص، أو يطين، أو يجعل عنده مسجد".

وقد صح هذا الرأي أيضا عن المالكية. قال القرطبي المالكي: "يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد". وبهذا الرأي قال الشيخ الطاهر بن عاشور التونسي من معاصري المالكية.

وصح أيضا عن الحنابلة. قال ابن القيم: "نص على ذلك الإمام أحمد - رحمه الله - وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق".

كما نقل هذا الرأي أيضا عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه. جاء في كتاب "وسائل الشيعة" عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن سماعة بن مهران أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن زيارة القبور و بناء المساجد فيها، فقال: أما زيارة القبور فلا باس بها، ولا تبنى عندها مساجد". ورواه الكليني عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته، وذكر مثله.

وذهب جمهور كبير من العلماء المعاصرين، منهم عدد معتبر من مشائخ الأزهر الشريف، إلى هذا الرأي، ونهوا بشدة عن بناء المساجد على القبور.

وظاهر أن الحكمة من النهي عن بناء المساجد على القبور هو عدم الوقوع في تعظيم الصالحين، وسد باب الذرائع للغلو فيهم واعتقاد قدرتهم على النفع والضر، مما يتعارض مع التوحيد الخالص لله عز وجل، أو مما يؤثر على صفائه ونقائه.

وبناء على ما تقدم، فإننا ننصح المسلمين بتجنب بناء المساجد على القبور، وعدم دفن الصالحين وغيرهم في المساجد. هذا في رأينا هو النهج الموافق لتوجيهات الكتاب والسنة.

كما أن هذا الرأي عندنا هو الأحوط للمسلم الذي يريد الإبتعاد عن الشبهات، عملا بما جاء في الحديث المشهور للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله: ألا وهي القلب". (متفق عليه)

ونذكر إخواننا المسلمين في كل مكان، أنه حتى إذا رأى الواحد منهم أن بناء المساجد على القبور مكروه فقط وليس محرما، نذكرهم أن الله سبحانه وتعالى لا يُتقرب إليه بمكروه، بل الثابت أنه سبحانه وتعالى يثيب من يترك مكروها من أجله.

وجوابا على من يرى في بناء المساجد على قبور الصالحين حفظا لذكراهم، نقول إن هناك بدائل أخرى مشروعة لا شبهة فيها، مثل إقامة المؤسسات الخيرية أو المراكز العلمية بأسماء أولئك الصالحين، وتوظيف تلك المؤسسات والمراكز لنشر العلم وخدمة المجتمع والحفاظ على التراث العلمي للصالحين.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وقع على البيان:
1 جمعة أمين، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية.
2 الشيخ نبيه الإسماعيل شيخ الطريقة القادرية في دمشق.
3 د. عبد الرحيم ملازاده البلوشي، باحث إيراني متخصص في الدراسات الإسلامية. (من المدرسة السلفية)
4 د. جلال الدين محمد صالح: أستاذ جامعي من أريتريا، متخصص في الدراسات الإسلامية.

موقف العلامة السيد علي الأمين

لم يوقع العلامة الشيعي المجتهد لسيد علي الأمين على البيان الثالث، غير أنه عبر عن موقف قريب جدا من مضمونه، حيث اقترح النص الآتي: "توجه المتحاورون في نهاية "الحوار الصريح بعد التراويح" بالنصيحة التالية إلى المسلمين، وهي عدم القيام بدفن الأولياء والصالحين وسائر موتى المسلمين في بيوت الله ومساجده، وأن الأولى عدم بناء المساجد على الأضرحة والقبور، والحمد لله رب العالمين".

دعوة للحوار

وإذ أضع هذه الأفكار بين أيدي القراء الكرام في كل أنحاء العالم، فإنني أدعو الجميع للمساهمة في إثراء هذه المناقشات وتعميقها وتطويرها، بما يسهم في نشر ثقافة الحوار والتجديد والتسامح في حياتنا المعاصرة، وبما يسهم في عزل ثقافة التعصب والجمود والخرافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.