بوعرقوب.. أهالي منطقة بوعلي يغلقون الطريق إثر حادث مرور مأساوي يودي بحياة طفل    تعزيز الصمود المناخي في قرقنة    1700 مريض ينتظرون زرع كلى    أضرار فلاحية في القصرين    مع الشروق : صدّقوه... لم ير إبادة ولا مجاعة في غزّة !    رئيسة الحكومة.. مبادرة الإسكوا فرصة مهمّة لتطوير الاستثمار    نابل: متابعة الوضع البيئي بالجهة وبحث سبل رفع الاخلالات البيئية بمختلف البلديات    سليانة: تحسّن موسم الصيد البري الحالي مقارنة بالمواسم الفارطة    رابطة حقوق الإنسان تدعو السلطات إلى فتح تحقيق في "انتهاكات لحقوق الإنسان" داخل السجون (بيان)    مناضلون من التيار الشعبي يدخلون في إضراب جوع رمزي دعما لغزة من أجل رفع الحصار    اللجنة الأولمبية التونسية تحتفي بالبطل العالمي أحمد الجوادي بعد إنجازه التاريخي في مونديال سنغافورة    الترجي الجرجيسي ينتدب المدافع مكرم الصغير    الرابطة المحترفة الاولى - طارق جراية ينسحب من تدريب مستقبل قابس    طقس الليلة    قابس: وفاة شخصين وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في حادث مرور بالطريق الوطنية رقم 1 بمارث    وزارة الشؤون الدينية تكرم مكتب حجيج تونس    الكاف: تكريم الفنانة صليحة في افتتاح الدورة 49 لمهرجان بومخلوف الدولي    عاجل/ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن..    وسط حضور قياسي: مرتضى الفتيتي يتألق بمهرجان بلاريجيا الدولي    زغوان: رفع 163 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية المنقضي    وزير الشباب والرياضة يُكرّم الجمعيات الرياضية الصاعدة ويؤكد على دعمها    بطولة كرة اليد: الكشف عن الرزنامة .. ودربي العاصمة في الجولة السابعة    واشنطن تحدد هدفا إيرانيا وترصد مكافئة مالية لمن يدلي بمعلومات حوله    وليد الصالحي يمتع جمهور باجة الدولي    انفجار يخت سياحي وتسجيل اصابات في صفوف المصطافين..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    خزندار: القبض على عنصر مصنف خطير محل تفتيش ومحكوم بالسجن    الحماية المدنية: 568 تدخلا منها 142 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    الفرص التصديرية غير المستغلة على مستوى السوق الهندية تقارب 214 مليون دولار    الصولد يبدأ الخميس هذا... والتخفيضات توصل ل 20%    دبور يرشد العلماء ل"سرّ" إبطاء الشيخوخة..ما القصة..؟!    مسؤول يوضح: ''لا اختراق شامل لمنظومة التوجيه... والتحقيق متواصل''    السنة الدراسية على الابواب : معلومات مهمّة لازم يعرفها المعلم و التلميذ    عاجل: وفاة فنان مصري مشهور داخل دار المسنين بعد صراع مع المرض    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    شنوّا يلزمك باش تاخذ قرض من بنك في تونس؟    تأكلها يوميًا دون أن تعلم: أطعمة تقلل خطر السرطان ب60%    تُعطّس برشا ومكش مريض؟ هاو علاش!    التراث والوعي التاريخيّ    تواصل فعاليات الإقامة الفنية لمشروع"دا دا" للفنان محمد الهادي عقربي إلى غاية يوم 6 أوت الجاري    تثمين الموقع الأثري بطينة: تعاون علمي تونسي فرنسي وجهود ترميم متقدمة    زفيريف ينتفض ليُطيح بحامل اللقب بوبيرين من بطولة كندا المفتوحة للتنس    استشهاد 28 طفلا يوميا بسبب الجوع في غزة..#خبر_عاجل    هام/ وزارة الدفاع تنتدب..    عاجل/ السجن لتيكتوكور بتهمة نشر محتوى "مخل بالآداب العامة"    جامع الزيتونة ضمن سجلّ الألكسو للتراث المعماري والعمراني العربي    بارفان ب5 د و على الطريق ؟ رد بالك تضر صحتك و هذا شنوا يستنى فيك    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    واشنطن تدين قرار وضع الرئيس البرازيلي السابق قيد الإقامة الجبرية    قيس سعيّد: التعليم الوطني هو السلاح الحقيقي للتحرّر    ديوكوفيتش يعلن انسحابه من بطولة سينسيناتي الأمريكية للتنس    بنزرت/ حجز 5,45 طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية..    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    عاجل: زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب هذه البلاد    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    رسمي: ناجح الفرجاني يُوقّع للنجم الساحلي... بداية جديدة مع ''ليتوال''    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشابه والاختلاف في مقتل ودفن نيرون وفولتير والقذافي
نشر في الحوار نت يوم 06 - 12 - 2011


إن الليل زائل
نيرون مات ... ولم تمت روما
محمود درويش

نعم، استلهاما من الشاعر محمود درويش، نقول إن القذافي مات ولم تمت ليبيا، فهذه سيرورة الحياة وصيرورتها. ولكن أية أمة هذه، التي يشتم ويضرب ويسحل ثم يقتل فيها أسير كان يزعم انه ليس عميد رؤسائها وملوكها فحسب بل وكذلك ملك ملوك إفريقيا أيضا وقائد أممي وصاحب النظرية الثالثة في الحكم، المضمنة في كتابه المهزلة؛ ''الكتاب الأخضر''، أسوة بالكتاب الأحمر للزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ قائد المسيرة الصينية الكبرى.
أية أمة هذه، تريد أن تعود إلى مسرح التاريخ من خلال الربيع العربي، وتعرض جثة أحد "زعمائها " شبه عارية، مضرجة بالدماء و متفسخة، أمام العموم، بوحدة تبريد اللحوم، بأحد الأسواق. وأية أمة هذه التي تدفن، دون إجلال أوتكريم، جثة أحد ''قادتها''- بعد تكفيره- في أدغال الصحراء وفي مكان مجهول، تماما ككلب ضال. وهو ما لم يفعله المسيحيون الكاثوليك بالكاتب والمفكر فولتير، رغم جهره بعدائه الشديد للكنيسة الكاثوليكية وتهجمه عليها في كتابات كثيرة ورغم رفضه وهو على فراش الموت، أن يتراجع عن نقده للكنيسة الكاثوليكية، مما أدى إلى قرار منع دفنه وفقًا للشعائر الكاثوليكية، فإن جثمانه قد دفن سرًا داخل إحدى الكنائس الفرنسية الكبيرة. ولك أن تقارن هنا، بين موت فولتير ومقتل الكاتب الفذ ابن المقفع الذي قطعت أطرافه عضواً عضواً، وألقيت في تنور، وهو ينظر إليها، وذلك لمجرد إبداء رأي في إصلاح الحكم.
أقول هذا، ليس دفاعا عن ألقذافي، فهو لا يستحق التعاطف معه أو الدفاع عنه، بعد أن بدت عورته وانكشف عهره. لأنه قد أعجب برأيه فتاه وضل، وصارع الحق فأنهزم وذل. ولأنه أرتكب من المآسي والفجائع ما لا يحصيه عدد، .فهو حاكم مستبد، اشتهر بالبلاهة والعادات الغليظة غير اللبقة. يضاف إلى ذلك، طيشه وإجرامه وإنفاقه الأموال في الملذات، ورغباته الجامحة في تعذيب الناس والتنكيل بهم. فهو طاغية من طراز الإيطالي 'نيرون' -ابن أخ كاليغولا- الذي نكل بسكان روما وعذبهم وكسر عظامهمبالمطارق الحديدية ، تماما مثلما فعل الصهيوني رابين للفلسطينيين عند الانتفاضة الأولى .وأحرق نيرون الكثير من مواطنيه بالنار، بل قتل بداعي الشك أقرب الناس إليه؛ من أمه إلى زوجته إلى ضباطه، ثم أحرق روما وطفق يردد وهي تحترق "أنا نيرون الجبار، أقتل من أشاء وأملك ما أريد، وأقطع الأعناق وأسفك الدماء''. وقد مات في ظروف جد مشابهة لموت ألقذافي أي بعد ثورة عليه وغضبه الشديد من ذلك، ومقاومته للثوار بجيش، تخلى عنه فيما بعد وانضم للثوار، فبقي وحيدا ونهبت قصوره، ولم يبق له مكانا آمنا، فاختبأ عن الأعين حتى اقترب منه الثوار. فتوسل لأحد خدامه أن يقتله، فطعنه طعنة قاتلة، جنبته المذلة وشماتة الأعداء والخصوم ،وهم كثر.
والقذافي كذلك لا يقل جبروتا وبربرية وإجراما من الالماني النازي أدولف هتلر الذي تسبب في قتل الملايين ولكنه لما أقترب منه الجيش الاحمر أطلق النار على عشيقته ايفان براون، حتى لا تراه يذل أمام عينيها، في صورة القاء القبض عليه. والقذافي كذلك هو من طينة الفاشي موسوليني الذي تم اغتياله من قبل الشعب الإيطالي وعلق من قدميه مع عشيقته كلارا بيتاتشي، تماما كالخروف.
و القذافي يقترب كثيرا من السوفياتي جوزيف ستالين الذي سممه أحد وزرائه بعد أن أعدم الآلاف و قام بترحيل مليون ونصف المليون سوفييتي إلى "سيبيريا" وجمهوريات آسيا الوسطى . والعقيد هو كذلك على شاكلة الروماني تشاوسيسكو الذي أعدمه الجيش مع زوجته، وكان قبل أربعة أيام من ذلك، وصف القس المغمور الذي حرض على العصيان عليه، بأنه أخرق مأفون.
لكن القذافي يختلف كثيرا عن الطاغية الوطني والقومي، العراقي صدام حسين الذي شنقه الشيعة بوم عيد الأضحى ليحتفلوا بالعيد في اليوم التالي.لأنه ثبت للجميع أن القذافي لم يكن لا وطنيا ولا قوميا، بل تظاهر بذلك، فقط لجلب الانتباه إليه. وقد نجح في ذلك.لكنه أدخل بلاده في متاهات وغياهب أزمات لم تنته بقتله.
إن أمة قال الله تعالى فيها ، أنها خير أمة أخرجت للناس، لا يشرفها أن يقوم مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي الليبي بقتل أحد أبنائها بتلك الوحشية والهمجية والفظاعة والبربرية البشعة، مهما كانت الاعتراضات عليه- وهي اعتراضات موضوعية -في محلها ولا تقبل الجدل حولها- لان حادثة القتل بعد الأسر كما شاهدها العالم ،تكرس الفكرة الخاطئة عن الإسلام التي تعتبر الإسلام إنما هو دين دموي بالأساس، يقوم على القتل دونما رحمة ولا شفقة. فالثوار فعلوا بالقذافي، تماما، ما كان ينوي فعله بسكان مدينة بنغازي، لولا تدخل حلف شمال الأطلسي. وقد قالها بصريح العبارة في الخطاب الذي سبق توجه كتائبه إلى بنغازي.إلا أنه ورغما عن ذلك، فلا يمكن الرد على الخطأ بخطأ مثله، وإلا يصبح ألقذافي وقاتليه من نفس المعدن الوضيع، وينتفي بالتالي مبرر تعاطف المجتمع الدولي معهم في ثورتهم عليه.ما يعني فقدان الثورة لزخمها ووهجها.
ذلك أنه لم يعد متاحا- راهنا- القيام بما قام به الفرنسيون إبان الثورة الفرنسية العظيمة، وحتى فيما بعد ذلك. ضرورة أنه لم تكن هناك معاهدات كمعاهدة جينيف الخاصة بالأسرى، ولا التزام باحترام حقوق الإنسان كما جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
نعم، بالغ القذافي في حبه لنفسه، وأذاق الليبيين الويلات ،حيا، فبالغ الناس في كرهه، ونكلوا به مقتولا. ولكن رغم أن طريق الجاهل مستقيم في نظره، فهو ليس كذلك عند الآخرين. ذلك تماما ما ينطبق على القذافي وقاتليه.
فتحي الحبوبي/ مهندس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.