المسابقة العالميّة الكبرى لجودة زيت الزيتون بنيويورك 26 ميداليّة لتونس    ما هي الدول التي أعلنت الحداد العام على رئيسي ومرافقيه؟    الجامعة تضبط مواعيد النهائيات وجدل حول «دربي» الكأس    المهدية .. الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    سجن سنية الدهماني .. يتواصل    القيروان: انتشال جثة إمرأة من قاع فسقية ماء بجلولة    جمعية معرض صفاقس الدولي تكسب الرهان : لهذه الأسباب نجح صالون الفلاحة والصناعات الغذائية    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    وزيرة التجهيز تؤكد على جهود تونس في تحقيق التنمية بالجهات وتطوير الحركة الجوية بالمطارات الداخلية    بنزرت تستعد لاستقبال أبناء الجالية المقيمين بالخارج    النادي الصفاقسي : اصابة وضّاح الزّايدي تتطلب راحة باسبوعين    التوقعات الجوية لهذه الليلة    نابل: وفاة شاب واصابة 10 أشخاص في حادث خطير    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    كيف قتل "رئيسي"..خطأ تقني أم ضباب أم حادث مدبر..؟    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    وزارة التشغيل تمدّد في آجال التسجيل في برنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعثرة إلى غاية يوم 16 جوان القادم    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني..من هو ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار بين موقوفين
نشر في الحوار نت يوم 03 - 06 - 2013


كتبه: الحبيب الرباعي
في الوقت الذي يحاول فيه بعض الاسلاميين التركيز على القواسم المشتركة بينهم وبين مختلف الاطراف الوطنية لبناء نظام في الحكم يقوم على خدمة المجتمع، والارتقاء بمستوى التنمية فيه، في إطار ثقافة الاحترام المتبادل للخلفيات الايديلوجية لكل طرف. نجد أن الحاقدين على الاسلام حرص /spanون على جعل قضية الموقف من الدين أولى الأولويات، دون أن يعلنوا عن الدين الذي يتبنونه، وهم واعون كل الوعي بأنهم يتوجّهون بأفكارهم اللادينية لشعب مسلم، عاقدين رهاناتهم على حصائد القطيعة الطويلة التي عاشها المجتمع مع دينه. فمنذ دخول المستعمر بلادنا والمحاكم تعمل بنظم قضائية أ جنبية، والقوانين أغلبها مستوردة، ومناهج التعليم في بلادنا لا تؤسس لفكر اسلامي متكامل، ووسائل الاعلام تخصصت في أمرين: أحدهما يتمثل في تشكيل لاوعي جماعي مستخفّ بقيم الاسلام، والآخر يقوم على صناعة تصورات عن الحياة والعلاقات الاجتماعية، مستوردة من هنا وهناك من العالم، لمدة استمرت لعشرات السنين. فهل ينال الصادّون عن الاسلام شيئا من وراء مراهناتهم؟
من السهل في المرحلة الراهنة، أن نصوغ خطابا تعبويا (شعبيا) مليئا بالتفاؤل بحسب بعض المعطيات، وليس من المستتحيل أن نخرج ثلاثين ألف مواطن أو أكثر من جملة عشرة ملايين في هذه المظاهرة أو ذاك الاستعراض لنبعث في أنفسنا شيئا من التفاؤل، ولنعبّر لهم: بأن لا فائدة من مراهناتكم.
إلاّ أنّنا نحتاج أن نكون أكثر واقعية في معالجة الشأن السياسي العام، ونقرأ الأمور كما هي، ونقرّ بأن لأصحاب المشروع المعادي للإسلام حصائد يومية لبرامجهم في مختلف المجالات، مما يؤشّر إلى خطورة المسألة، خاصة وأنهم لم يستثنوا قطاعا من القطاعات الحيوية في البلاد دون توظيفها لخدمة أغراضهم. مما يعني أن مقولة: "الشعب مسلم ولن يستسلم" لعصابات المجرمين، تحتاج إلى مزيد من النظر العقلاني، حتى لا يكون حديثنا مرتبطا فقط بما نأمل، فنحرِم أنفسنا من فهم أعمق لهذه الجرءة التي يتحلى بها صنّاع الفشل والدمار في البلاد، والمدى الذي يمكن أن يصل إليه تحدي الشعب في دينه وعقيدته تحت شعار واضح وهو: "محاربة المشروع الاسلامي وكل ما له علاقة بالدين".
إشكالات :
ماهو مَكمَن القوة لدى الصادّين عن المشروع الاسلامي؟
نحن نحمل رسالة منطلقها الاسلام ، وهم يؤمنون بخلافها، فهل في مشروعهم ما يقنع العامة ونفتقده؟
هل أن مشكلتنا مع حاملي الفكر اللاديني؟ أم أن مشكلتنا مع فئة تخطط للتصدي لدين الله تعالى، وأخرى من فذة له، لا تحمل فكرا مستقلا، وإنما هي مجرد أداة نشيطة وجريئة تنفذ أوامر تجهل عمقها وبعدها وحجم مخاطرها، وتجهل أيضا الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الخطة؟
بعض المنفذين لمشروع الصد عن دين الله تعالى، مستعدّون لتنفيذ كل ما يؤمرون به ولو كانت جرائم بشعة، مادامت صادرة عن "النخبة" التي يناصرونها. فما هي طبيعة العلاقة بين فئتين مختلفتين إلى حد التنافض اجتماعيا؟ فئة الأسياد والكبراء، التي لا تتشرف بمخالطة من "دونها"، وفئة العامة التي لا تجرؤ على سؤال الكبراء فضلا عن مراجعتهم في قراراتهم!.
كيف يحصل هذا التحالف؟ وما هي ضمانات استمراره؟ ثم ما هي مصلحة كل طرف من الآخر؟
الواقع يقول بأن نسبة من عامة المجتمع يمثلون درعا حاميا لرواد الصد عن دين الله. أليس فيما ندعوهم إليه تحقيق كرامتهم وإنسانيتهم؟ وأن ما يدعونهم إليه إذلالا لهم ودوسا لكرامتهم، وقد جربوا ذلك مدة طويلة. فكيف نحل هذا التناقض؟
ولمن أراد متشاركتنا النظر في هذه الهموم، لفهم تعقيداتها العملية بالرجوع إلى كتاب الله وتدبر آياته، باعتباره الكتاب الوحيد الذي يتضمن الحق الواقع لا محالة. فلهم هذا المقطع المختار من سورة سبأ.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِل َى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)
انطلاقا من وجوب التدبر في كتاب الله تعالى تبين لي أن هذا المقطع يتحدث عن واقع أقرب ما يكون لواقعنا. وأننا بحاجة للدروس المستفادة منه لأنه يعالج الاشكالات التي سبق عرضها، من ذلك:
1. بداية المقطع تتحدث عن فئة واجهت النبي صلى الله عليه وسلم ودعوة الإسلام من منطلق لاديني أي إنكار رسالات السماء كلها وما احتوته من تشريعات، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا..
لم يجب القرآن على موقف كفار قريش من الرسالات السماوية بأسلوب يفحم هم، بل رد عليهم بطريقة أخرى، حيث حوّلنا النص القرآنيّ من زمن إعلان هذا الموقف أي البعثة ، إلى زمن مآلات القائلين به يوم البعث، في مشهد يجتمع فيه كل الذين تبنوا هذا الموقف، لاشتراكهم في نفس المآل. فخرج الرد من دائرة التخصيص إلى التعميم، ومن الظرفي إلى الدائم.
مما يدلنا على أن غاية القرآن ليست إثبات القدرة على محاجّة أهل الباطل فقط، وإنما مقصده تقليل عدد الضالين والمضلين وإخراج الناس من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، وهو ما حصل فعلا بعد نزول الهدي الرباني وتوفيق النبي صلى الله عليه وسل م لارشاد الناس للخير، فكانت نسبة الذين ماتوا على الكفر، بالنظر للمن أسلم في كامل جزيرة العرب، ضعيفة جدا، وهذا هو مسلك كل من أراد أن تكون كلمة الله هي العليا.
3. "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ" يقول العلامة ابن عاشور: وَالْخِطَابُ فِي "وَلَوْ تَرى"، لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِتَلَقِّي الْخِطَابِ مِمَّنْ تَبْلُغُهُ هَذِهِ الْآيَةُ، أَيْ وَلَوْ يَرَى الرَّائِي هَذَا الْوَقْتَ. وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ. وَتَقْدِيرُهُ: لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَجَبًا. وفي ذلك تنبيه لنا لنتأمل هذا الأمر العجيب، باعتباره غير مألوف ولا يتكرر، ومستحيل الحدوث في الدنيا، لأنه يقتضي إيقاف كل المشاركين في الصد عن سبيل الله من سادة وأتباع، ومتابعة حواراتهم وهم يواجهون أشد العذاب، من أجل فهم الاشكالات الذي وقفنا عندها في الأسئلة السابقة.
4. إن رؤية هذا المشهد بعيني البصير لا بد وأن يكون قطعيا، وهو أعلى درجة من الرؤية البصيرية بالنسبة للمسلم، لأن مرتكزه هو الايمان القطعي.
5. الزمن في حقيقته ملك لله تعالى، فنحن لا نملك الماضي فنسترجعه ولا نملك المستقبل فنستعجله. وفي هذا المشهد الذي يربط بين واقع ندركه بحواسنا ووجداننا وصورة نهاية وتوقف حركته، طمأنة لنفس المسلم وهو يتابع حركة رهيبة لأهل الباطل في واقعه.
6. "يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ": وهذه أولى العجائب لأننا أمام حوار بين فئتين اجتماعيتين، يربطهما في الدنيا قانون صارم كتابعين ومتبوعين، يقتضي ألا يكون الحوار الجاد والمحاسبة إلا بين الأنداد والأكفاء. فللمتعالين على المنصات مقام وللجالسن في الأسفل درجات تبدأ بالقرب من المنصة وتنتهي عند الباب. لكن الواقع الذي تصفه لنا الآية يلغى هذا القانون الوضعي الجائر لنفاجأ بأن التابعين البسطاء، أخذوا المبادرة في الكلام بتوجيه اتهام مباشر لأسيادهم، وتحميلهم مسؤولية ما هم فيه.
والعجب الثاني أن هذه المراجعة أثناء الايقاف لم تتجاوز ثلاث جمل مختصرات، فككت لنا العلاقة المعقدة بين زعماء التيار اللاديني وأتباعهم الذين ينفذون الأوامر بلا تعقل.
7. يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا: يقول العلامة ابن عاشور وجيئ بالمضارع لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ الْقَوْلِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ غَرِيبَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ جُرْأَةِ الْمُسْتَضْعَفِينَ عَلَى الْمُسْتَكْبِرِينَ وَمِنْ تَنَبُّهِ هَؤُلَاءِ مِنْ غَفْلَتِهِمْ عَمَّا كَانَ الْمُسْتَكْبِرُونَ يَغُرُّونَهُمْ بِهِ حَتَّى أَوْقَعُوهُمْ فِي هَذَا الْمَأْزِقِ.
وَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِي اسْتُضْعِفُوا لِلْعَدِّ وَالْحُسْبَانِ، أَيِ الَّذِينَ يَعُدُّهُمُ النَّاسُ ضُعَفَاءَ لَا يَؤْبَهُ بِهِمْ وَإِنَّمَا يَعُدُّهُمُ النَّاسُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ وَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ يَسْتَضْعِفُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ.
وَالضَّعْفُ هُنَا الضَّعْفُ الْمَجَازِيُّ وَهُوَ حَالَة الِاحْتِيَاج فِي الْمُهِمَّات إِلَى من يضطلع بشؤونهم وَيَذُبُّ عَنْهُمْ وَيُصَرِّفُهُمْ كَيْفَ يَشَاءُ. وَمِنْ مَشْمُولَاتِهِ الضَّعَةُ وَالضَّرَاعَةُ.
ومن المفترض أن تكون هذه القضية أي أمر المستضعفين من أوكد القضايا مناقشة وبحثا في الفكر الاسلامي لانقاذهم من استغلال الفئة المستكبرة، ولفصل الطواغيت اللادينيين عن أداة تنفذ أهدافهم الفاسدة والمتمثلة في هذه الشريحة البسيطة التي ليس لها حظ في الدنيا ولا في الآخرة، كما ألمحت الآيات.
ومن العجب أيضا أن سذاجة المستضعفين في الدنيا يتصفون بها يوم الحساب، فقولهم: "لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ" تعبير يدل على أنهم أناس بسطاء لا علاقة لهم بعالم الأفكار ونظم الحياة والتخطيط بعيد المدى، واستخدام البشر كوسائل للوصول للغايات...الخ ، فلم يعرفوا في حياتهم غير الاتباع الساذج لأسيادهم، ينطلقون معهم حيث انطلقوا ويحلّون معهم حيثما حلّوا.
9. هذا الصنف من الناس كان مشاركا للمستكبرين في موقفهم من رسالة السماء في الحياة الدنيا وبعد أن حاسبهم الله الحساب العادل وتبين لهم الحق الرباني من الباطل الذي كانوا يتبعونه ورأوا حسن وجمالية ومعقولية الرسالة التي كانوا يحاربونها، اكتشفوا أنهم متوافقون معها تماما. فتغيرت نظرتهم لحقائق الأمور، واشتد حنقهم على نخبة المستكبرين، وأصبحوا يرون أنهم مصدر كل شر لحقهم. فهاجموهم هجوما عنيفا بقولهم لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
10. المستضعفون لم ينكروا أن الرسالة قد بلغتهم، ولكنهم برروا عدم اتباعهم لها بوجود فئة المستكبرين كحائل بينهم وبين إدراكها، كأنهم حاجز سد عليهم آفاق الفهم والبصيرة. وهذا ما يفسر معارضة المستكبرين للسمتضعفين بأسلوب المقاطعة، حيث جاء الرد مجردا من حرف العطف و. "قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ.."
11. ; المستكبرون يتبرؤون كالعاة من التهمة التي ألصقها بهم المستضعفون وهي كبت الحريات الدينية، ويذكرونهم وهذه شهادتهم بأن رسالة الحق قد بلغتهم، وأنهم أي المستكبرون لم يعترضوا سبيل من اختار طريق الهدى وثبت عليه، ولكن المستضعفين استحقوا مصير العذاب، بسبب أمر سابق لعلاقتهم بالمستكبرين وهو أن صفة الاجرام ثابتة فيهم، وموقفهم الحر من الرسالة التي جاءتهم كان سلبيا، بدافع النزعة الاجرامية لديهم بحكم أنهم يميلون للشهوات والمتعة بأي طريق، ويكرهون التقيد بشرع الله تعالى لما فيه من أوامر يكرهونها ونواهي يميلون إليها. ولذلك واجهوهم بحقيقة أمرهم "بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ"
12. يتواصل إذا كشف أسرار العلاقة بين فئتين اجتماعيتين متناقضتين اتفقتا على معاداة الدين في الدنيا، حيث نلاحظ حدة الحوار بين الطرفين باستخدامهما كلمة "بل" المعبرة عن الاضراب الابطالي، فكل طرف يريد أن يبرء ساحته ويلصق التهمة بالآخر. وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا.." المستضعفون هنا يتصدون لتحميل المستكبرين الكلام محامل تدين غيرهم وتبرؤهم، يقول ابن عاشور فَالتَّقْدِيرُ: بَلْ مَكْرُكُمْ صَدَّنَا، فَيُفِيدُ الْقَصْرَ، أَيْ مَا صَدَّنَا إِلَّا مَكْرُكُمْ، وَهُوَ نَقْضٌ تَامٌّ لِقَوْلِهِمْ: أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى.
13.
هنا نصل إلى مفتاح الأبواب المغلقة، التي نمر بجانبها ولا نعرف ما وراءها، إذا وقفنا على تعريف المكر. يقول ابن عاشور هو: الِاحْتِيَالُ بِإِظْهَارِ الْمَاكِرِ فِعْلَ مَا لَيْسَ بِفَاعِلِهِ لِيُغَ رَّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ . وَالْمَكْرُ فِعْلٌ يُقْصَدُ بِهِ ضُرُّ أَحَدٍ فِي هَيْئَةٍ تَخْفَى عَلَيْهِ، أَوْ تَلْبِيسُ فِعْلِ الْإِضْرَارِ بِصُورَةِ النَّفْعِ، وجاء في لسان العرب: المَكْرُ احْتِيَالٌ فِي خُفية. وجاء في تفسير الماوردي: المكر هو الاحتيال على الإنسان لالتفاف المكروه به. والفرق بين المكر والحيلة أن الحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إلى الإضرار , والمكر: التوصل إلى إيقاع المكروه به. وجاء في تفسير الواحدي: المكر: السعي بالفساد . ويضرب الامام الماتريدي في تفسيره مثالا عن المكر فيقول: المكر أن تحسن إلى عدو ليقع عنده أنك تركت عداوته، فيعتبر بإحسانك إليه، ثم تأخذه من وجه أمنه، ومن حيث لا يشعر به، ويقول أيضا : المكر: هو الأخذ بالغفلة ويقول: المكر هو الأخذ على الأمن وذهب الامام محمد رشيد رضا في تفسيره إلى أن الْمَكْرَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّدْبِيرِ الْخَفِيِّ الَّذِي يُفْضِي بِالْمَمْكُورِ بِهِ إِلَى مَا لَا يَحْتَسِبُهُ وَلَا يَتَوَقَّعُهُ،
وإذا أردنا الجمع بين هذه التعريفات نقول بأن المكر: هو التَّدْبِيرِ ا لْخَفِيِّ الَّذِي يُفْضِي بِالْمَمْكُورِ بِهِ إِلَى مَا لَا يَحْتَسِبُهُ وَلَا يَتَوَقَّعُهُ من المفاسد، بعد تأمينه لأخذه غفلة. ( هذا في حق البشر)
علينا أن نجوب بفكرنا ونحن نعيش مع دلالات هذه الكلمة العظيمة والحقيقة الربانية، لنلقي الضوء على كثير من الأمور التي تجري في واقعنا وتستهدف دين الله تعالى.
علينا أن ندرس التيرات الهدامة في العالم وسيطرتها على الاعلام العالمي والانتاج الفني وقدرتها للدخول لأي بيت.
من وراء تهريب كميات كبيرة من المخدرات ولماذا؟ من وراء تهريب مجرمين من السجون أثناء الثورات وما هو دورهم بعد هذه العملية ولمصلحة من؟ من وراء تهريب الأسلحة؟ ولمن توجه؟ من المحمي ومن الحامي الذي يدفع الثمن؟ من الذي يستخدم كل الأساليب لك ي لا ينجح أي مشروع إنمائي في بلاد الثورات؟ من الذي يخطط ومن الذي ينفذ؟ من الذي يقابل كل خطوة نحو التقدم بمثلها أو أكثر منها إلى الخلف؟ من الذي يشرف بشكل مباشر أو غير مباشر على بيوت الليل وبيوت الدعارة ويشتغل على الدعاية لهما سرا وعلانية؟ من الذي يتصيد المنحرفين ويوظفهم؟ من هم المتخصصون في علم الاجرام وحاصلون على درجات الدكتوراة فيه وكيف يوظفون خبراتهم في هذا العلم؟ من هم الذين توجهوا منذ زمن للتخصص في علم النفس؟ وما هي أدوار البعض منهم؟ لماذا تعقد بعض الجمعيات أجنبية الانتماء، سهرات تجمع موظفين سامين من مختلف مؤسسات الدولة؟ هل درسنا بعمق الخلل الحاصل في سلك القضاء؟ من المستفيد من هذه الاخلالات؟ هل الأشراف فقط أم من شاؤوا من المستضعفين أيضا؟ من يسيطر على نقابة العمال ويوظفها كما شاء؟ من يترصد الشباب أمام المعاهد والجامعات لاستمالتهم لكل ألوان المفاسد؟ ومن وراء تحصين الفساد بالقوانين؟ أي فكر يحمله المجرمون خاصة ما تعلق منه بقضية الدين؟ من هم جمهور اللادينيين؟ إلى أي حد يمكن أن يقدم المستضعفون تضحيات في سبيل أسيادهم؟ ماذا يقول شبيحة بشار بعد أسرهم؟ هل يأخذ المستضعفون الظلمة أوامرهم مباشرة من أسيادهم، أم هنالك وساطة بينهما؟ مع أي فئة يصنف هؤلاء الوسطاء؟ هل هم مجرمون في ثوب أنيق خادع؟ حالة الذلة والانكسار التي يظهرها طواغيت بلداننا أمام كبار طواغيت العالم توحي بأن حالهم شبيه بحال المستضعفين في شعورهم بالدونية، فهل أن طواغيت عالمنا الاسلامي من صنف المستكبرين أم المستضعفين المجرمين أم أنهم يحملون صفة مزدوجة تختلف بحسب المقام؟
لو توسعنا في الأسئلة لتطال كل خطوات شياطين الإنس في كل مجالات الحياة لوجدنا الجواب الشافي عنها في الآيات الثلاث التي نحو بصددها.
14. كان يفسر قوله تعالى "بل مكر الليل والنهار" على أنه للمبالغة لاستغراقه الزمن كله، في وقت كانت فترة الليل مخصوصة للسبات في البيئة العربية، أما زمن الأنترنيت المفتوحة ليلا نهارا وكذا الفضائيات، فإن سياسة إلباس الحق بالباطل، واستغفا ل الناس، وإفساد عقولهم وضمائرهم قائمة باستمرار، وكأن الآية نزلت لتفهم على وجهها الواقعي في هذا الزمن.
15. "مكر الليل والنهار" يفيد وجود سياسة تواصل للمستكبرين مع ضحاياهم من المستضعفين في أعلى مستوياتها. مما يجعلنا نفهم الخلل في المعادلة التالية: تنظيمات إسلامية قوية ومحكمة تضم نخبة من المجتمع، تخاطب الناس بلغة دينهم ومصلحة بلادهم. مقابل أقلية ماكرة تحتكر الاعلام للتواصل مع الناس، تخاطب كل الذين لا ينتمون لتيار إسلامي (وهم غالبية) بأسلوب يزيد الهوة اتساعا بينهم وبين التوجه الاسلامي، ويستميلونهم عن طريق الاغراء والاثارة وتوفير ما يشتهون إلى اتجاهات أخرى غير الاسلام. ولا يتوانون خارج الاعلام الرسمي في تعبئة المنحرفين لفعل كل ما من شأنه تعطيل مسيرة الاسلام وأي خير في البلاد.
16. إن أسلوب الاستخفاف الذي يستخدمه كثير من قادة العمل الاسلامي بالمعادين للدين في أفكارهم التي يؤمنون بها، أثناء تواصلهم مع أبناء الصحوة الاسلامية، يمكن أن..
تتناسب مع وصفهم بالضعف.
17. كلمة (طغيان الباطل) لا معنى لها لأن الباطل زهوق بطبيعته أما الطغيان فينسب لحاملي هذا الباطل وشدة بأسهم في تنزيل باطلهم في الواقع لاستثمار نتائجه.
18. لكل طرف من طرفي الظلم (مستضعفون ومستكبرون) سماته الخاصة:
1 المستضعفون: مجرمون، طيعون لأوامر المستكبرين، تابعون في ولاءاتهم، ينفرون من التكاليف وينجذبون للشهوات، قليلوا التفكير.
2 المستكبرون: ماكرون، ناشطون (يعملون بالليل والنهار)، انتهازيون، خبراء بخبايا النفس البشرية (لهم قدرة على ترويض المجرمين)،
19. ; صيغت سياسة أعداء المشروع الاسلامي في إطار المكر، لما فيه من أخذ الناس بشكل لا يبعث الشك في صدقهم، ولمعرفتهم بأن صدّ الحق مباشرة بأسلوب القوة والعنف، يحدث حالة من الانتباه في أوساط البسطاء، فيدفعهم للتعاطف التلقائي مع الممكور به.
20. المستكبرون والمستضعفون، كل طرف يعرف مطلبه من الآخر وكيف يصل إليه.
21. مكر الليل والنهار يوحي باستغراق الزمن كله، أي أعمار الأفراد.
تخيلوا لو وقعت وثائق الأحزاب التي حكمت بلادنا الاسلامية بين يدي باحثين، للاحظوا بالتأكيد أنهم أمام سلسلة من الأعمال والمتابعات المستمرة التي لم تتجاوز أي جيل لاغوائه، ولم يغفل القائمون عليها عن استخدام الأساليب المتاحة لاخضاع الناس لإرادة قادة هذه الأحزاب، في حراك دائم ليس فيه كلل ولا ملل لعشرات السنين، إننا أمام قضية إسمها: تدبير، تخطيط، احتيال، تربص، إفساد....
22. الاسترسال في المكر بالليل والنهار يحقق غايات منها
أ الإحاطة بكل جديد يدور بين المستضعفين المجرمين، والتأكد من غياب أي عامل يخرجهم عن سيطرة المستكبرين، وأن القبضة محكمة عليهم.
ب التمكن من غسل أدمغة المستضعفين، باستخدام سياسة التكرار.
ت صناعة لاوعي جماعي في دائرة المستضعفين، يوفر لهم را حة نفسية.
23. يشترك المستكبرون والمستضعفون في صفة الظلم وفي الموقف من الرسالة، مما جعلنا ننظر إليهم ككتلة واحدة بناء عل ى حراكهم في الواقع، ولكن الآية الكريمة أظهرت لنا صورة فيها تجزئة لهذه الكتلة، وكشفت لنا كيفية تفاعل أجزائها من الداخل.
24. المستكبرون يصدون المستضعفين عن دين الله وفي المقابل يأمرونهم باتخاذ أي ند لله، ما يدل على أن الصراع الايديولوجي الذي نستبعده نحن لأننا لا نريد تقسيم المجتمع على أساس عقائدي، يعتبر أولى الأولويات للادينيين، لأنه يدخل في دائرة شغلهم المستمر "إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا" فهم يحاربون الدين من أجل دين آخر، أي أنهم لا ينفكون عن أمر الدين إلغاء لهذا وتثبيتا لذاك. أما نحن فنخشى مع الأسف أن نخاطب الناس باسم الدين.
25. قانون الدعوة والاستجابة، "ومَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي" قانون شغّال لا يتوقف إلى يوم الدين، يتداوله شياطين الجن والانس، ولم يزده التطور العلمي إلا تمكينا من وسائل أسرع وأنجع، هي الآن مسخرة مع الأسف أيضا لأعداء الله تعالى.
26. "مكر الليل والنهار" يشير إلى قانون رباني مهم، وهو أن ضمائر بني البشر في معرفة ربهم، والاعتراف به كما اعترفوا به زمن الذر الأول، موجود في كيان كل إنسان ومجرد تذكيرهم بهذه الحقيقة تتم الاستجابة بإذن الله، ولذلك احتاج دعاة الباطل إلى الاشتغال بالليل والنهار للتشويش على جهاز الاستقبال لدعوة الحق، لأن ا لغفلة عنهم لوقت يسير تؤدي إلى بداية يقضة وتفعيل ضمائرهم. هذه الآشارة الربانية تفيد بأن الدعاة أمام صراع من نوع مخصوص مع دعاة الباطل، وهو افتكاك فرص التواصل مع المستضعفين لتخليصهم من قبضة الطغاة.
27. لقد كان كفار قريش يستمعون للقرآن، فكان يكشف لهم أسرارا يخفيها المستكبرون، ما نتج عنه إسلام العديد منهم. مصداقا لقوله تعالى "وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" وقد أدى هذا الجهاد إلى دخول جزيرة العرب الاسلام العظيم زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأقل الخسائر البشرية. ولأن كشف الأسباب يمثل مدخل الوعي الحقيقي، كان اللادينيون زمن البعثة يشددون في النهي عن الاستماع للقرآن "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ"
فلو قام علماؤنا وأئمتنا في المساجد شهرا كاملا ولما لا يكون في رمضان بشرح الآيات المتعلقة بنظام الاتباع السائد في المجتمع انطلاقا من آيات الكتاب شرحا مستوفيا، أفلا يحدث ذلك ثورة تصحيحية داخل الثورة في مجتمع مسلم، ويجنبنا كثيرا من المخاطر الممكنة؟.
تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.