المآذن في سويسرا: تصويت العار كتاب نيكولا بو وكاترين غراسييه عن تونس: السيدة "الوصية على قرطاج بقلم كامل العبيدي – واشنطن" هكذا صدرت أول من أمس صحيفة ليبراسيون الفرنسية في عنوانها الرئيسي.
هكذا صدرت أول من أمس صحيفة ليبراسيون الفرنسية في عنوانها الرئيسي. لم يستحث كتاب(•) على ما يبدو عداوة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الشهيرة للصحافيين الانتقاديين كما فعل كتاب نيكولا بو وكاترين غراسييه بعنوان "الوصية على عرش قرطاج: السيطرة على تونس"(•)، هذا الجمع الذي يأتي في الوقت المناسب لروايات عن صعود النفوذ السياسي والاقتصادي لزوجته الثانية واتهامها بالتورّط في الفساد، في وقت "يشارف فيه" حكمه السلطوي "على نهايته" لأسباب صحية، بحسب صحافيَي التقصي الفرنسيَين اللذين وضعا الكتاب. لقد رفعت ليلى طرابلسي، مزيّنة الشعر السابقة التي يُزعَم أن بن علي صادقها عندما كان ضابطاً أمنياً رفيع المستوى وتزوجها بعد خمس سنوات من تسلّمه السلطة عام 1987، دعوى في باريس ضد الكاتبَين بتهمة القدح والذم. وقد رفضت المحاكم الفرنسية طلبها فرض حظر فوري على الكتاب وسمحت بصدوره قبيل إعادة انتخاب بن علي غير المفاجئة في تشرين الأول الماضي لولاية خامسة ممتدّة لخمس سنوات. على الرغم من أن كتاب "الوصية على قرطاج" ليس موثّقاً بقدر Notre Ami Ben Ali (صديقنا بن علي) الذي شارك بو في تأليفه إلى جانب جان-بيار توكوا من صحيفة "الموند" ونُشِر قبل بضعة أسابيع من إعادة انتخاب بن علي "الأورويلية" ب99 في المئة من الأصوات قبل عشرة أعوام، إلا أنه استقطب مزيداً من الاهتمام الإعلامي وتسبّب بغضب أكبر في القصر الرئاسي. يُنسَب الفضل على نطاق واسع للكتاب إلى جانب مقالات وملاحظات نقدية من صحافيين ومعارضين تونسيين محاصَرين، بالمساهمة في خفض نسبة الأصوات التي حصل عليها بن علي من نحو 95 في المئة عام 2004 إلى 89.62 في المئة في الانتخابات الأخيرة. لقد أفادت المجموعات الدولية التي تعنى بحرية الصحافة عن زيادة الهجمات على الصحافيين في تونس عقب صدور الكتاب في فرنسا. كانت حقائبهم تخضع للتفتيش بحثاً عن نسخ من الكتاب لدى وصولهم إلى مطار قرطاج في تونس. وحُظِرت المواقع الإلكترونية التي تعرض الكتاب أو تنشر خبراً عنه. وتعرّض الصحافيون المحليون، لا سيما أولئك الذين اقتبس عنهم المؤلفان أو اشتُبِه بتعاونهم مع زميلَيهم الأجنبيين، للاعتداء أو سُجِنوا في خضم حملة غير مسبوقة لتشويه سمعة الصحافيين التونسيين والأجانب الذين ينتقدون النظام. يلفت الكاتبان إلى أنه لولا الحقوق – الفريدة في المنطقة – التي منحها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة للمرأة التونسية بعد بضعة أشهر من الاستقلال عام 1956، ما كانت زوجته الثانية وسيلة بن عمار ولا زوجة خلفه الثانية لتتمكّنا من ممارسة كل هذا النفوذ السياسي أو التمتع بكل هذه الأضواء. لكن ليلى طرابلسي توصَف بأنها أكثر جشعاً وخطورة بكثير لمستقبل البلاد من "الماجدة وسيلة" التي طلّقها بورقيبة المتقدّم في السن والذي أصبحت تصرّفاته غريبة، وذلك قبل عام من قيام بن علي بطرده من منصبه بسبب "إصابته بالخرَف". وفقاً للكاتبَين، لا تتمتّع طرابلسي بصحة ممتازة بسن الثانية والخمسين وحسب، بل تطّلع أيضاً على كل أسرار الدولة منذ عام 1987. لقد وضعت أزلامها في كل مكان، وجمعت إلى جانب عائلتها الممتدّة التي تبدي تضامناً مطلقاً بين أفرادها، ثروة طائلة تستطيع "شراء طاعة أي شخص متردّد". ومن هنا قانون 2005 السيّئ السمعة الذي منح "منافع تقاعدية" هائلة للرؤساء السابقين عند مغادرتهم منصبهم أو لعائلاتهم في حال وفاتهم. سرعان ما أُقِرّ القانون وتمت الموافقة عليه ونشره في وقت كانت تكثر فيه الشائعات عن صحة الرئيس. يعتبر المؤلفان بو وغراسيه أنه إذا توفي بن علي، 73 عاماً، فجأة أو أصبح عاجزاً عن النهوض بأعباء منصبه، فقد تصبح زوجته "الوصية على قرطاج" وتحوّل تونس من "ديكتاتورية ناعمة" إلى "جمهورية موز". لا يزال ابنهما الوحيد، محمد، دون سن العاشرة. ويرجّع الكاتبان صدى شائعات متزايدة في أوساط التونسيين بأن مرشح السيدة الأولى المفضّل لخلافة زوجها هو صهرها، رجل الأعمال والسياسي الصاعد صخر الماطري، 29 عاماً، الذي برز واحداً من أغنى الأقطاب الصناعيين والإعلاميين في البلاد بعد زواجه من ابنتها نسرين. وشقيق السيدة الأولى الأصغر، رجل الأعمال الحاضر في كل مكان بلحسن طرابلسي، هو شخصية بارزة أخرى في ما يسمّيه التونسيون "العائلة الحاكمة". يروي المؤلفان أيضاً كيف تمت حماية ابنَي شقيقَيها، عماد ومعز طرابلسي، من المقاضاة في فرنسا بعد تورّطهما في سرقة يخوت فخمة. أحد اليخوت المسروقة، وقد شوهد يرسو قرب القصر الرئاسي في قرطاج في أيار 2006، يملكه برونو روجيه، وهو مصرفي مقرّب من الرئيس السابق جاك شيراك ووزير داخليته آنذاك نيكولا ساركوزي. وقد عُرِف عن الرجلَين امتداحهما مهارات بن علي القيادية. كان ساركوزي رئيس الدولة الأول بعد العقيد القذافي الذي يحكم ليبيا المجاورة منذ عام 1969، الذي هنّأ بن علي على إعادة انتخابه. يخصّص بو وغراسيه حيّزاً كبيراً للحديث عن قدرة مجموعات الضغط الموالية لبن علي في باريس على توسيع دائرة داعميه في أوساط السياسيين الفرنسيين من الاتجاهات المختلفة. وتشمل هذه المجموعات "رجلاً مضيافاً" غالباً ما يدعو الصحافيين الذين يغطّون أخبار تونس لتناول العشاء في أفخر المطاعم الباريسية و"تمضية عطلتهم مع عائلاتهم في أحد نواديه في تونس على نفقة الأميرة". ويَمضي الكاتبان لتبيان التناقض بين التزلّف الفرنسي والطريقة التي ترفع بها الولاياتالمتحدة صوتها لانتقاد سجل بن علي الذي يزداد سوءاً في مجال حقوق الإنسان، وللحض على وقف الهجمات على الصحافة. كما تشجّع واشنطن ديبلوماسييها على الاجتماع بالمعارضين التونسيين "مما يثير غضباً عارماً لدى القصر الرئاسي في قرطاج". ويخلصان إلى أنه في غياب "حوار سياسي متماسك وحقيقي" مع تونس، "تتحوّل باريس نحو الإطراء على ديكتاتور في طريقه للخروج من السلطة". "ميدل إيست إنترناشونال" ترجمة نسرين ناضر (•) La Régente de Carthage: Main Basse sur la Tunisie Nicolas Beau and Catherine Graciet La Découverte, Paris 2009 ( صحافي تونسي)