محاولات الانقلاب على إرادة الشعب لا تتوقف! ... إصرار شديد كلما فشلت محاولة، مرّ الإنقلابيون إلى أخرى، دون كلل أو ملل أو يأس! جرّبوا المسيرات والاعتصامات وتدمير الاقتصاد، لم تنجح العملية! ... حرّكوا "اللوبيات" المتنفذة في الداخل والخارج فكان "الرصيد غير كاف" ... لم تنجح العملية! ناشدوا الجيش والجنرالات، ... لم تنجح العملية! مرّوا للاغتيالات السياسية، أحدثوا هزّة كبيرة ولكن، ... لم تنجح العملية! ... قالوا: فرصتنا في الحوار الوطني بشروطنا المجحفة، به نحصر النهضة والترويكا في الزاوية ولكن، ... لم تنجح العملية! مرّوا الآن على ما يبدوا إلى آخر ورقة وهي التي كانت كملح طعامهم في كل الخطوات الماضية، "الإرهاب" المصنوع بين مقرات المكر وأفران الحقد! الحرب على الارهاب موضة العصر! والإرهاب إن لم يكن موجودا فإيجاده لا يتطلب غير أرضية من المظالم والفوضى وإعلام غير نزيه، وفي هذه لدينا الحاجة وزيادة! ... وحتى يكون الإخراج جيدا لابدّ من خلط اللحى الاصطناعية بأخرى مدسوسة ومدفوعة الأجر، مع بعض اللحى الغبية التي تقع في الفخ كالضباع "مدّ إيدك انحنّيلك"! سقط ضحايا من الجيش والأمن بطرق مشبوهة تفوح منها رائحة الغدر، الذي برز بعض "الكمبرس" من مسببيه على الركح دون أن نرى الأصابع التي حركتهم من خلف الكواليس! وأعلنت الحرب على "الإرهاب" وهي التي تبرّر ما لم يكن مبرّرا، ومن يرفض مسايرة "الجوقة" فالتهمة في انتظاره جاهزة: "إرهابي" أو "مناصر للارهاب"!
فرصة جديدة لسياسيّ "الأصفار" المتاجرين بالدماء كي ييمموا وجوههم شطر النقابات الأمنية المسيّسة ويعبّروا عن المساندة المطلقة والاصطفاف غير المشروط خلفها ويعلنوا ودّا متبادلا وتنسيقا وتكاملا! أسعدهم أن يتمرّد رجال أمن مسلحون "غاضبون" غضبا مبرمجا ومدبرا بليل ويرفعوا شعار "ديقاج" في وجه الرؤساء الثلاثة الذين حلوا بثكنة الحرس الوطني بالعوينة لتأبين ضحايا الغدر! أولائك الذين برروا تمرّدهم وخروجهم عن الأعراف المتبعة بأن الموكب الرئاسي حلّ بعد أكثر من ساعة من الانتظار في الشمس! وهم الذين كانوا يقفون الساعات الطوال ممنوعين من الحركة، لا يقدر أحدهم أن يهشّ ذبابة حطت على أنفه قبل أن يمرّ موكب "عرفه الهارب"! هذا إن مرّ أصلا ولم يكن وقوفهم مجرد تمويه عن خط سيره! ... لم يحتجوا يوما، ولم يكن لهم أي حصانة تمنعهم من التعرض للصفع من أقارب "بن عليّ" وأصهاره! أما اليوم وبفضل ثورة شباب تونس ودمائهم الزكية أصبح لهم من الجرأة ما يتطاولون به على من اختارهم الشعب، وكان أليق بهم أن يحمدوا الله و يشكروا الشعب أن رضي ببقائهم في مناصبهم وطوى صفحة الماضي بما فيها من جراح وآلام وجرائم لا تسقط بالتقادم! فضلا عن تعاطفه مع مطالبهم المشروعة! النقابات الأمنية استلمت "كرة الانقلاب" وهي تهاجم الآن متعللة بالمطالب المشروعة مع خلطها بمطالب سياسية لا تخلو من صبغة إيديولوجية! فإما أن تحقق الفوز بالالتفاف على إرادة الشعب أو لا أقل من أن تحقّق مكاسب مهمة! وأصبحنا الآن نسمع كلاما وتسريبات من قبيل أن يوم ذكرى الانتخابات سيكون يوما مغايرا لما سبقه! وفي هذا الإطار يندرج البيان الأخير لهذه النقابات الذي يذكّر ببيان "السيسي"! فقد منح مهلة بعشرة أيام لتحقيق المطالب وإلا فإن الأمنيين سيمنعون المجلس التأسيسي من الانعقاد والنواب من الالتحاق به! ولا يجد الناطق باسم الداخلية، الذي يمثل سلطة الإشراف أي غضاضة في تبرير ما أقدم عليه زملاؤه في ثكنة العوينة من تطاول على رموز السيادة، ومنعهم من تأبين ضحايا "الغدر"! ونفس هذا الناطق الرسمي الذي حدثنا عن خرافة "مجاهدات النكاح" يأتينا بروايات عن أحداث سرعان ما يرفضها القضاء أو يخالفه فيها غيره من المتدخلين، باسم الحرس الوطني أو الجيش مخالفة تصل حدّ التضارب التام في المعلومات، فمن نصدّق؟ مشوارك يا شعب تونس إلى الاستقرار مازال طويلا ولكن اصبر وصابر وتيقظ، ولا تكن إمعة أو مغفلا (دغفة)!