بسم الله الرحمٰن الرحيم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿ الأحزاب 23﴾ صدق الله العظيم كتبه عباس شورو / تونس صدق الدكتور الصادق شورو مع ربّه فقرّبه إليه، كما صدق سيّدنا يوسف عليه السلام مع ربّه فقرّبه إليه. ثمّ لمّا أخرجه ربه من السجن بعد ثمانية عشر سنة قضّاها فيه محتسبا لربه، لم يُخلف الدكتور الصادق شورو عهده، مرة أخرى، مع ربه فقال السجن أحب إليّ... الدكتور الصادق شورو من مواليد 10 فيفري من سنة 1947. نشأ في عائلة محافظة تُعطي للدين الحنيف حقّه رغم الجهل والتجويع والتغريب الذي كان يمارسه الاستعمار الفرنسي آنذاك على المواطنين. فتشبّع بقيمٍ أخلاقية ودينية عالية سواء من خلال تربية والديه له أو مما رسخ في قلبه وعقله وذاكرته من تعاليم سامية وهو يتردّد على "كُتّاب" القرية لحفظ القرآن الكريم منذ نعومة أظافره. زاول الدكتور الصادق شورو تعليمه الابتدائي بمدرسة "الحدادين" بميدون والتي كانت تتْبع وزارة التربية الناشئة حديثا بُعيْد الاستقلال، خلافا للمدرسة الثانية بالقرية التي كانت تابعة للتعليم "الزيتوني" الموازي. بنهاية الستّ سنوات من التعليم، تحصّل الدكتور على شهادة ختم الدروس الابتدائية فانتقل من رعاية والديْه إلى رعاية أخيه الأكبر الطيب شورو الذي كانت له تجارة جملة للمواد الغذائية بتونس العاصمة. سجّله أخوه الطيّب بالمدرسة الثانوية "ابن رشد" وهي أحدى المدرستين (الأخرى تسمى مدرسة ابن شرف) اللتين كانت برامجهما تسمى برامج الشعبة "أ" وهي برامج جامع الزيتونة تمّ تحديثها بُعيْد الاستقلال ويتمّ تدريسها باللغة العربية. من خلال تعلُّمه بمدرسة ابن رشد، الزيتونيّةِ المنبع، تمكّن الدكتور الصادق بالأخذ بناصية أمرين هامين سيكون لهما الأثر الساطع في مسيرة حياته وهما اللغة العربية والعلوم الحديثة وهي الرياضيات والفيزياء والفلسفة والعلوم الطبيعية وغيرها: اللغة العربية يسّرت له، في ما بعد، المطالعةُ والإبحارُ في ما كان يكتبه المُجدّدون والمجتهدون والمفكرون العرب والمسلمون لمعالجة هموم الأمة العربية والإسلامية بعد ما ران عليها من وهن وجور وجهل وسبات عميق. كل هذا جعل الدكتور الصادق لا يتردّد في ما بعد لنداء الواجب والضمير لإحياء جذوة الدين الحنيف التي عصفت بها رياح التغريب والإلحاد والمسخ. أما العلوم الحديثة فمكّنت الدكتور الصادق من الالتحاق، بعد حصوله على شهادة البكالوريا، بكلّية العلوم بتونس ليدرُس فيها الكيمياء حتى تحصّل منها، بعد ثلاث سنوات، على شهادة الأجازة. تميُّزُ الدكتور في دراسته بكلية العلوم بتونس مكّنه من الالتحاق بالمدرسة المركزية الشهيرة بباريس أين سجّل فيها لمتابعة دراساته وأبحاثه في إطار الإعداد لدكتوراه اختصاص في الكيمياء الفيزيائية (Chimie-Physique) ثمّ لدكتوراه دولة (PhD) في نفس الاختصاص. وقد تحصّل الدكتور الصادق عليهما معا في زمن وجيز لم يتعدّ السبع سنوات. بعد حصوله على الدكتوراه، رجع الدكتور الصادق إلى بلده الحبيب تونس ليلتحق بكلٍّ من كليّة الطب بتونس العاصمة والأكاديمية العسكرية بفندق الجديد برتبة "أستاذ محاضر" ليدرّس فيهما مادة الكيمياء. هذا التميّز في الرتبة، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، لم يُقعده عن واجبه نحو مجتمعه، في نطاق واسع، وكذلك نحو محيطه الجامعي في إطار أخصّ. فكان من مؤسّسي فرع أساتذة التعليم العالي بكلية الطب للاتحاد العام التونسي للشغل بالنسبة لمحيطه المهني. أما في محيط مجتمعه فكان همه وديدنه ردّ الاعتبار للقيم الخالدة للدين الإسلامي والتصدّي لمعاول الهدم والتغريب والإلحاد التي كانت تنخر وتهدم ما بقي من تلكم القيم في المجتمع التونسي... وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿139﴾ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿140﴾(آل عمران) صدق الله العظيم.