أعلنت تسعة أحزاب معارضة مساء أمس إنشاء إطار سياسي جديد يوحد بينها وينسق جهودها في وجه ما وصفته بالدكتاتورية الجديدة وبمحاولات إعادة موريتانيا إلى الوراء سياسيا واقتصاديا وأمنيا من طرف الرئيس الجديد محمد ولد عبدالعزيز وخلال حفل الإعلان عن تشكيل المنسقية الجديدة تم التوقيع على وثيقة سياسية تمثل إطارا ومرجعية سياسية للأحزاب المنضوية تحت لواء المنسقية من طرف زعيم المعارضة أحمد ولد دادة ، ورئيس مجلس النواب رئيس الجبهة المناهضة للانقلاب مسعود ولد بالخير، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، ورؤساء تشكيلات سياسية أخرى.وجاء في الوثيقة أن الوضعية التي تمر بها البلاد تتميز "بانتهاك السيادة الوطنية والتدهور المستمر للأمن والتردي الخطير لظروف حياة المواطنين، مع الارتجال في تسيير الشأن العام بشكل يبعث على القلق في ظل إرادة عبثية منهارة فاقدة لذاكرتها مما يشكل تهديدا جديا لاستقرار ووئام الوطن".وقال ولد بلخير متحدثا باسم المنسقية إن موريتانيا باتت مهددة في وحدتها وبقائها بالتفكك بين قوميات وجهات وأعراق، ولأجل الوقوف في وجه هذه المخاطر تشكلت المنسقية الجديدة التي ستقف بقوة وصمود في وجه كل تلك الانحرافات والأساليب الملتوية.وقد وقفت الخلافات العميقة بين أطراف المعارضة الموريتانية في وجه أغلب محاولاتها السابقة لتوحيد الصف وتنسيق المواقف السياسية، وهو ما جعل مؤسسة زعيم المعارضة التي تعتبر دستوريا إحدى أهم المؤسسات الديمقراطية بالبلد في حالة موت سريري منذ نحو ثلاث سنوات. ضمانات ودافع ولد بلخير الذي تحدث باسم المنسقية في حديث للجزيرة نت عن التشكيل الجديد، ورأى أنه لن يلغي مؤسسة زعيم المعارضة ولن يحد من وجودها لأنها موجودة بحكم دستور البلد وقوانينه، أما المنسقية الجديدة فهي موجودة فقط بحكم إرادة الأطراف المشكلة لها. غير أن السؤال المطروح هو إلى أي حد ستمكن التشكيلة الجديدة زعماء المعارضة من توحيد صفوفهم وتجاوز خلافاتهم سعيا لتفعيل نشاطهم المناوئ لما يصفونه بانحرافات الحكومة؟هنا يؤكد ولد بلخير للجزيرة نت أن أهم ضمانات الاستمرار وتفعيل الأداء هي بقاء الحال على ما كان، بمعنى آخر الأمر يتعلق بأداء الحكومة وتعاطيها مع الشأن العام، إذا استمر الانهيار سنستمر، أما إذا تحسنت الظروف وعادت الديمقراطية وصححت الانحرافات فقد تزول أسباب وجودنا في كتلة واحدة.ولكن أغلب المراقبين لا يرون في هذه التصريحات أكثر من طموح أو تفاؤل قد لا تسعفه سوابق الماضي ولا معطيات الحاضر، لأن كل الجبهات والتكتلات التي شكلتها المعارضة سرعان ما تتلاشى أو تضمحل إلا في حالات نادرة. معوقات ويعتقد الكاتب الصحفي المصطفي ولد محمد محمود أن هناك معوقات ذاتية وموضوعية تعوق أي محاولة تقوم بها المعارضة لتجميع صفوفها وتفعيل أدائها، لأن أهم الشعارات التي شكلت روافع للخطاب المعارض في مراحل حرجة من التاريخ السياسي للبلد يرفعها الآن الرئيس الحالي، كما هو حال شعار محاربة الفساد ومناهضة التطبيع، والتي تبدو وكأنها مرتكزات أساسية في برنامج ولد عبد العزيز، مقابل حضور متراجع لها في الخطاب المعارض. ويضيف ولد محمد محمود أن ولد عبد العزيز قام باختراقات مهمة ومؤثرة أخرى في صفوف المعارضة، إذ تم الكشف عن لقاءات بعضها سري وبعضها علني جرت بينه وبين قيادات معارضة مؤثرة، بالإضافة إلى ذلك التعيينات الهامة التي تمت لرموز معارضة. أما المحلل السياسي عبد الله ولد أشفغ المختار فيقرأ في إقدام المعارضة على تشكيل منسقية جديدة إحساسا بالخيبة والإحباط من الجفاء وعدم المبالاة اللذين يواجهها بهما ولد عبد العزيز، بعد أن لم تجد دعواتها المتكررة للحوار، ولم يغن عن بعضها تقربه من الرئيس ولا اعترافه بنتائج انتخاباته. ويعتقد ولد أشفغ المختار أن مستقبل المعارضة مرهون سلبا أو إيجابا بما سيقدم عليه ولد عبد العزيز من خطوات. ويرى أن ولد عبد العزيز إذا واصل نهجه الحالي سيدفع ذلك المعارضة إلى التماسك والترابط، أما إذا تنازل وأبدى مرونة أكثر نحوها فلا شيء يمنع حليمة من العودة إلى سابق "التفكك والانقسام".