رغم مرور عدة عقود على ثورة التحرير الجزائرية ، فإنها لا تزال ساحة خصبة للكتاب والمؤرخين لإعادة تقييم الأحداث والجدل سواء في الداخل الجزائري أو الخارج الفرنسي . ومؤخرا لجأ الكاتب الفرنسي لورون موفيليي في روايته "الرجال" وجون ميشال جيناسيا في روايته "نادي المتفائلين الفاسدين"، لفتح ملف الثورة التحريرية والحقبة الاستعمارية وحيثياتها التاريخية أو الاجتماعية أو النفسية -وإن لم يغلق- في إصدارين جديدين لاقا روجا كبير في الشارع الفرنسي وحققا أعلي مبيعات للكتب حتي الأن. ولازال الحديث متواصل بين الجانبين عن تناول تلك الحقبة حيث تطالب الجزائر باعتذار فرنسي عن المجازر التي ارتكبتها في حق شعبها، وجاء رد فعل سياسي مباشر من فرنسا بتبني قانون 23 فبراير ليمجد للاستعمار، فضلا عن عودة الحديث عن التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وما صاحبها من ضجة إعلامية وسياسية. وتناولت روايتي "رجال" عن دار "مينيوي" و"نادي المتفائلون الفاسدون عن دار البان ميشال، الحقبة الاستعمارية وفقا لإطار زماني ومكاني وأحداث وشخوص تنسجها رؤية فرنسية جديدة، عبر وقائع مغايرة وتطرح إشكالية الصراع من زوايا متعددة. فتدور رواية "رجال" وفقا لصحيفة "الخبر" الجزائرية في يوم واحد على شكل "فلاش باك"، وتتعلق الأحداث بالمدى البعيد حول من مجموعة من الأصدقاء معمرين أمنوا بفكرة "الجزائر الفرنسية" خالطتهم الذكريات في عام 2000 بين الذكرى والحنين والتاريخ، والحقد، والألم، والغضب. فيما تبحث رواية جناسيا استقلال الجزائر من أيد ومن عارض، والأفكار الشيوعية والاشتراكية المنادية بمعاداة الامبريالية الاستعمارية، حيث تدور الأحداث من 1959 حتى 1964، وتتعرض إلى 50 سنة من تاريخ أوروبا، أين تأخذ الثورة الجزائرية والغليان السياسي الذي صاحبها في فرنسا والعالم مكانا مهما فيها.