في حين تنتظر تونس النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية، أقر حزب النهضة الإسلامي حلوله ثانيا في الاقتراع خلف خصمها العلماني "نداء تونس" حسب المتحدث الرسمي باسم النهضة. حلت "حركة النهضة" الإسلامية ثانية بالانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت الأحد، خلف حزب "نداء تونس" العلماني، حسبما أفاد زياد العذاري المتحدث الرسمي باسم هذا الحزب. وقال العذاري استنادا إلى إحصائيات مراقبي حزبه لمراكز الاقتراع "لدينا ىقديرات غير نهائية، أنهم (نداء تونس) في المقدمة (...) سيكون لنا حوالى 70 مقعدا (في البرلمان) في حين سيكون لهم نحو80 مقعدا". وكان أعرب حزب "نداء تونس" العلماني الليبرالي مساء الأحد عن ثقته بالفوز في الانتخابات التشريعية التي أجريت في تونس. ويتوقع أن تعلن اللجنة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج الجزئية اليوم الاثنين، في انتظار الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية بحلول الخميس 30 أكتوبر/تشرين الأول. ويبعث تنظيم هذه الانتخابات التي حيّاها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووصفها ب"الديمقراطية" الأمل في منطقة مضطربة، وتسجل لتونس كخطوة هامة إضافية نحو تقرير المصير خصوصا بعد المخاوف الأمنية التي سبقت الانتخابات والأزمات التي عرفتها البلاد على مختلف الأصعدة في السنوات الثلاث الأخيرة. وأعرب رئيس "نداء تونس"، الباجي قائد السبسي، مساء الأحد عن تفاؤله وصرح لوسائل الإعلام بعد انتهاء الاقتراع "لدينا مؤشرات إيجابية" تفيد بأن حزبه قد يكون في الطليعة. لكنه حرص على التأكيد أنه لا يمكن الحديث عن نتائج الانتخابات قبل الإعلان الرسمي من قبل هيئة الانتخابات". الحزب الفائز لن يحكم بمفرده وأشاد الأحد رئيس الوزراء مهدي جمعة ب "اليوم التاريخي" وقال أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع بشمال العاصمة تونس إن "في نجاح هذه العملية ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة حيث أوضاعه في كثير من البلدان صعبة". وتعيش البلدان العربية الأخرى التي شهدت ما سمي ب "الربيع العربي" أوضاع فوضى وقمع. وكان المرشحان الأبرز للفوز في هذه الانتخابات حزب "النهضة الإسلامي" الذي أمسك بزمام الحكم بين 2011 و2014 وحزب "نداء تونس" الذي يتكون من أطراف مختلفة تشمل نقابيين ومستقلين ومعارضين سابقين لبن علي كما أعضاء سابقين في "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع. لكن طبيعة الاقتراع التي تترك مجالا للأحزاب الصغيرة للفوز بمقاعد في البرلمان لن تمكن أيا من الأحزاب في حال فوزها بالحكم بمفردها. وسيتم تقاسم السلطة بين مختلف الأحزاب حسب الائتلافات التي ستتكون لاحقا. وحزب "النهضة" ترك الحكم بداية 2014 لصالح حكومة تكنوقراط بعد أن عرف أزمات عديدة في .2013 ". أما "نداء تونس" الذي يقدم نفسه عادة كبديل وحيد للنهضة ويصفه بانتظام بالظلامي، فيتوقع في حال تأكد فوزه التحالف مع أحزاب قريبة منه "إيديولوجيا"، لكنه لم يستثن قطعا التعاون مع "النهضة". اقتراع حاسم لإرساء مؤسسات دائمة وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات الأمس 61.8 بالمئة بحسب أرقام رسمية جزئية، أي ما يمثل نحو ثلاثة ملايين ناخب مقابل مشاركة أكبر في انتخابات 2011 لاختيار مجلس تأسيسي والتي كان في طليعتها حزب "النهضة". الانتخابات التشريعية الأخيرة مهمة فهي ستمكن تونس من إرساء مؤسسات واستقرار على المدى الطويل بعد مرور قرابة أربع سنوات على الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011. وتعتبر نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية متوسطة نسبيا لكنها مرضية بالنسبة للعديد من المراقبين الذين توقعوا نسبة أكبر من الامتناع عن التصويت جراء الخيبة التي أصابت التونسيين تجاه الطبقة السياسية في السنوات الأخيرة. وتعيش تونس صعوبات اقتصادية واجتماعية، وهي المطالب التي قامت من أجلها الثورة. ثم مرت بأزمة سياسية بلغت ذروتها في 2013 حيث قامت حسب السلطات مجموعات متطرفة بقتل العشرات من رجال الأمن وعناصر الجيش إضافة إلى تورطها في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للنهضة. وجعل أغلب الأطراف السياسية من المسائل الأمنية والاقتصادية أهم محاور الحملة الانتخابية في بلاد تنهكها البطالة ويضنيها الفقر. واعتبر المراقبون ورغم الخروقات التي سجلت في عديد المكاتب وسوء التنظيم الذي ساد أخرى خصوصا في الخارج، أن عملية الاقتراع كانت مرضية إجمالا. وقالت آنمي نيتس-أوتبورك رئيسة بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي مساء الأحد "حتى الآن نلاحظ أن الاقتراع يجري بصفة مرضية". وستنظم في تونس انتخابات رئاسية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وسينبثق عن الانتخابات التشريعية برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.