بادئ ذي بدء لابد من التنويه أن الحسين عليه السلام وآل البيت الأطهار ظلموا مرتين ففي المرة الأولى قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مظلوما لما غرر به أدعياء التشيع وأرسلوا له الرسائل ليناصروه أمام نواصب الأمة فكان أن اجتمع رضي الله عنه في قتله كلا من شيعة الكوفة مع النواصب فاشتركوا وباؤوا بذنبه كلا الفرقتين , أما المرة الثانية التي يظلم فيها آل البيت عليهم السلام فهي مانشاهده في أيامنا هذه ممن ينسبون مذهبا وأقوالا وآراء سموها ظلما وعدونا بمذهب آل البيت والآل منهم براء براءة الذئب من دم بن يعقوب . استشهد الحسين رضي الله عنه من أربعة عشر قرنا واستشهد قبله أبوالحسنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مقتولا بسيف الغدر وقبله فجع المؤمنون بموت أفضل خلق الله حبيبي وسيدي أبي الزهراء محمد صلى الله عليه وسلم وقتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وغيرهم كثير من آل البيت وغير آل البيت رضي الله عنهم أجمعين . إذن لما يتباكى أدعياء التشيع على الحسين فقط ولما يقيمون العزاءات واللطميات في كل عام ويتركون من سبقه من الآل ويتركون أفضل خلق الله صلى الله عليه وسلم وهذه ليست دعوة لإقامة هكذا طقوس وعبادات وإنما هي مقارنة لدرجة الصدق في هذا المنحى الذي نراه في هذه الأيام أفليس رسول الله أولى بهذه العزاءات إن كان حقا يجوز لنا أن نظل نستشعر حزننا وفرقنا لمدة أربعة عشر قرنا. إن تعاطف عامة الأمة بل قل كل الأمة مع آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم هو ماجعل المتاجرة والمزايدة في قضية مقتل الحسين تجارة مربحة كما يراها أصحاب هذه الرئية ليمرروا مذهبا وطقوسا دخيلة لم يأت بها لاقرآن ولا سنة وبنظرة بسيطة في كتب القوم لن تجد كثير عناء في الوقوف على هذه العقيدة التي لم يسلم من درنها حتى آل البيت عليهم السلام. بدأ التشيع سيايسيا وكان محمودا في أوله وكان كل أهل السنة شيعة بمعنى الموالات لآل البيت ولذلك اتفق جماعة السنة على أن الحق كان مع علي والفرقة الباغية كانت مع معاوية والتزموا الصمت في الخوض في الكثير من هذه الأحداث خوفا من الوقوع في أعراض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثلا لقوله تعالى وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ وتمثلا لقول رسول الله صلى عليه وسلم في حق سيدنا الحسن عليه السلام إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) . وقد تحققت نبوؤة رسول الله صلى عليه وسلم لما صالح الحسن معاوية رضي الله عنهما إذن بدأ التشيع سياسيا إلى أن تبلور بعد ذلك مذهب الاثنى عشرية الذين غلوا في حب آل البيت ونسبوا لهم مذهبا لاعلاقة له بآل البيت مستغلين حب الأمة للآل الأطهار ليفرغوا فيهم ماجادت به قريحتهم من غلو وانحراف فأسس أبناء وورثة أولائك الذين خذلوا الحسين لما راسلوه بعد ذلك هذا المذهب وياليتهم اكتفو بخذلانه وتوقفو عن المتاجرة والمزايدة بمقتله حتى لاتكون المصيبة مصيبتين. وإنه ليحضرني مفارقة عجيبة بين هؤلاء وبين ماجرى مع أبناء الحسن لما استضعفهم العباسيون فكان أن هربت أم ادريس الاكبر إلى بلاد المغرب فما كان من جماعة المسلمين إلا الإلتفاف حول آل البيت فأمروهم وأسسوا بذلك دولة آل البيت دولة الأدارسة التي لم تكن لااثنى عشرية ولاغيرها من فرق التشيع التي لايزال يعيش أبناء الحسن في هذه الربوع على مذهب أهل السنة والجماعة وغيرهم كثير ممن ينتسبون لآل البيت في المشرق العربي الذين لايؤمنون ولايدينون الله بهذا المذهب الذي ينسب إلى أجدادهم ظلما وعدوانا . ولكم أعجبني مقال للشيخ عائض القرني في هذا المضمار أضيفه لهذه الكلمات وهو من قتل الحسين ( مقال لعائض القرني ) أنا سُني حسيني، جعلتُ ترحُّمي على الحسين مكان أنيني، أنا أحبُ السّبطين، وأتولَّى الشيخين، أنا أعلن صرخة الاحتجاج، ضد ابن زياد والحجاج، يا أرض الظالمين ابلعي ماءك، ويا ميادين السفَّاحين اشربي دماءك، لعنة الله وملائكته والناس أجمعين على من قتل الحسين أو رضي بذلك، ولكن لماذا ندفع الفاتورة منذ قُتل الحسين إلى الآن من دمائنا ونسائنا وأبنائنا بحجة أننا رضينا بقتل الحسين ونحن في أصلاب آبائنا وفي بطون أمهاتنا؟!. استباح ابن العلقمي بغداد بحجة الثأر للحسين، وذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل وتحرَّق الجثث ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين، إن المنطق الذي يقول: إن مليار مسلم كلهم رضي بقتل الحسين وكلهم ناصبوا العداء لأهل البيت منطق يخالف النقل والعقل والتاريخ، ومعناه إلغاء أهل الإسلام والقضاء على كل موحِّد في الأرض، هل من المقبول والمعقول أن يجتمع مئات الملايين من العلماء والخلفاء والحكماء والزُّهاد والعُبّاد والمصلحين ويتواطأوا على الرضا بقتل الحسين والسكوت على هذه الجريمة الشنعاء ؟! لماذا لا يُحَكّم العقل ويسأل نفسه الذي يمشي وراء السراب ويصدق الوهم ويؤمن بالخرافة ؟. هل من المعقول أن تُحارب أمة الإسلام لأجل كذبة أعجمية صفوية ملفّقة كاذبة خاطئة تكفِّر الصحابة والتابعين ودول الإسلام وتتبرأ من أبي بكر وعمر وأصحاب بدرٍ وأهل بيعة الرضوان ومن نزل الوحي بتزكيتهم وأخبر الله أنه رضي عنهم ؟ متى تُكف المجزرة الظالمة الآثمة التي أقامها الصفويون ضد كل مسلم ومؤمن تحت مظلة الثأر للحسين ؟ . نحن أولى بالحسين ديناً وملَّة، ونسباً وصهراً، وحباً وولاءً، وأرضاً وبيتاً، وتاريخاً وجغرافيا، ارفعوا عنّا سيف العدوان، وأغمدوا عنّا خنجر الغدر فنحن الذين اكتوينا بقتل الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين: جاؤُوا بِرَأْسِكَ يا ابْنَ بِنْتِ مُحَمّدٍ مُتَزَمِّلاً بِدِمائِهِ تَزْمِيلا ويُكَبِّرونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وإنّما قَتَلوا بكَ التّكْبيرَ والتّهْليلاَ يقول شيخ الإسلام بن تيمية: قتل الحسين رضي الله عنه مصيبة من أعظم المصائب ينبغي لكل مسلم إذا ذكرها أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأقول لو كره عضو من أعضائنا الحسين أو أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لتبرأنا من هذا العضو ولبترناه. لكننا نحبهم الحب الشرعي السنُي الصحيح الموافق لهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، لا الحب الصفوي والسبئي الغريب على الأمة وعلى الملّة وعلى السماء وعلى الأرض: مَرحباً يا عراقُ جئتُ أغنّي ك وبعضٌ من الغناءِ بكاءُ فجراح الحسين بعض جراحي وبِصَدرِي من الأسى كربلاءُ الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم، رحم الله السبطين الحسن والحسين، وجعل الله علياً وفاطمة في الخالدين ورضي الله عن الشيخين.