عبَّرت حركة حماس عن عدم اكتراثها بقيام إسرائيليين برفع شكاوى ضد قادة الحركة في بلجيكا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، معتبرةً أن هذه الخطوة "محاولة للتغطية على الملاحقات القضائية التي تطارد القادة الإسرائيليين في أوروبا"، ومؤكدةً أن مآل هذه الشكوى هو الفشل. وقال المتحدث باسم حماس، سامي أبو زهري، في تصريح صحفي الخميس 25-12-2009، إن الحديث عن شكاوى إسرائيلية ضد قادة الحركة "محاولة إعلامية لخلط الأوراق أمام انهيار صورة إسرائيل كضحية، وظهورها على حقيقتها كمجرمة حرب". وأضاف أن هذه الشكاوى محاولة كذلك لإحباط ظاهرة التفاعلات الشعبية والمؤسسية الواسعة في الغرب المناهضة لجرائم إسرائيل في الأراضي المحتلة. وفي رأي أبو زهري فإن "هذه محاولة يائسة لن تفلح في تشويش الصورة ولا إنقاذ موقف الاحتلال ولا تخليصه من الملاحقات أينما ذهب".
وصدر تصريح أبو زهري بعد ساعات من قيام 15 إسرائيليا يحملون الجنسية البلجيكية برفع شكوى أمام القضاء البلجيكي ضد حركة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب بإطلاقها صواريخ من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، وذلك رداً على صدور أوامر اعتقال بحق عدد من القادة الإسرائيليين في أوروبا، آخرها أمر اعتقال زعيمة حزب "كاديما" المعارض، تسيبي ليفني، في بريطانيا هذا الشهر. وينتمي هؤلاء الإسرائيليون إلى تجمع يحمل اسم "المبادرة الأوروبية"، وهو لوبي موالٍ لإسرائيل في أوروبا. وهذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها الجانب الإسرائيلي على مقاضاة حماس في الخارج. وقال محامي هؤلاء الإسرائيليين، رويل كوفيلييه، لوكالة الأنباء الفرنسية إن ال15 إسرائيليا الذين تقدموا بالشكوى "ممن تضرروا من سقوط الصواريخ على جنوب إسرائيل، وبعض هؤلاء أصيبوا بجروح وآخرون تضررت منازلهم، وأحدهم قتل قريب له". وأضاف كوفيلييه أن "طلب إصدار مذكرات توقيف قدم بعد استعدادات قانونية استمرت ستة أشهر ويستند إلى أدلة مؤكدة على علاقة قادة حماس بهجمات إرهابية تضرر فيها بلجيكيون". وتتهم الشكوى 10 قادة سياسيين وعسكريين في حماس بارتكاب جرائم حرب استنادا إلى تقارير وضعتها منظمات دولية لحقوق الإنسان وبعثة جولدستون التابعة للأمم المتحدة والتي ورد فيها اتهامات لكل من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي امتدت في الفترة من 27-12-2008 إلى 18-1-2009، وأدت إلى استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، ومقتل 13 إسرائيليا. وبين قادة حماس الذين تشملهم الدعوى رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل المقيم في دمشق، ورئيس الوزراء الفلسطيني في غزة إسماعيل هنية والقيادي محمود الزهار، والقياديان في جناحها العسكري أحمد الجعبري ومحمد ضيف. وقال محامٍ آخر للإسرائيليين هو موردخاي تسيفين إن هذه القضية في بلجيكا هي خطوة أولى ستليها قضايا في دول أوروبية أخرى كإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، لافتاً إلى أن المدعين طلبوا عدم نشر أسمائهم. أما رئيسة "المبادرة الأوروبية"، أوري يابلونكا، فقالت عن هدف هذه الشكوى أنه "تعزيز وعي أوروبا بأن حماس حركة إرهابية.. نريد إنهاء الخرافة التي تساوي بين إسرائيل ومنظمة إرهابية مثل حماس"، على حد قولها. خطة فلسطينية ويعد هذا التحرك الإسرائيلي الجديد من نوعه خطوة لمواجهة التحرك الفلسطيني الذي بدأ عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والخاص بتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية، قبل وخلال وبعد الحرب، واستخدامها في رفع شكاوى قضائية ضد إسرائيل في المحاكم الدولية وكذلك محاكم الدول التي تسمح بذلك. ويقود هذا التحرك في غزة ضياء المدهون، رئيس لجنة "توثيق الجرائم وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين" في الحكومة الفلسطينية المقالة، الذي قال الأحد 20-12-2009: "لدينا رؤية تعتمد على تزويد كل الجهات الدولية المناصرة للشعب الفلسطيني بالوثائق والتقارير والأدلة على الجرائم لتقديم مرتكبيها من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين للمحاكم وإصدار أوامر للقبض عليهم ومحاكمتهم". ونجح هذا التحرك في دفع القضاء البريطاني منتصف الشهر الجاري إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق تسيبي ليفني، والتي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، إثر رفع شكوى ضدها تتهمها بالمسئولية عن ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين. لكن هذا الأمر لم ينفذ حتى الآن بعد أن ألغت ليفني زيارة إلى لندن فور صدور أمر المحكمة، وكذلك تعهد رئيس الوزراء البريطاني، جوردن براون، لها بتغيير القانون البريطاني لعدم صدور مثل هذا الأمر مرة أخرى. والمطالبة باعتقال مسئولين إسرائيليين كبار على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم حرب ترددت في عدة دول أخرى غير بريطانيا في السنوات الأخيرة، ومنها المغرب التي طالب نشطاء فيها باعتقال ليفني نوفمبر الماضي خلال زيارة كانت تستعد أن تقوم بها إلى المملكة، والنرويج التي قدَّم فيها محامون أبريل الماضي طلباً إلى القضاء بملاحقة واعتقال رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وأيضاً ليفني. وفي يناير الماضي، عقب انتهاء الحرب على غزة، أصدر القضاء الإسباني أمرا بمحاكمة 7 قادة إسرائيليين شاركوا في إعداد وتنفيذ الحرب، وهو الأمر الذي تم إلغاؤه في يوليو اللاحق بعد تعرض إسبانيا لضغوط، كما صدر أمر باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إريل شارون، في بلجيكا عام 2001 استجابة لقضية تم رفعها ضده بتهمة المشاركة في مجزرة صابرا وشاتيلا في لبنان عام 1982، وهو الأمر الذي لم ينفذ بسبب الحصانة القضائية التي كان يتمتع بها كرئيس للوزراء.