رئيس الجمهورية: تونس دولة مستقلة ذات سيادة ولن تقبل بأي تدخل في شؤونها    رئيس الجمهورية يسدي تعليماته بضرورة الإسراع بإعداد مشاريع نصوص جديدة تُمكّن من فتح آفاق للشّباب    ملف "التآمر على أمن الدولة": عدم سماع الدعوى في حق حطاب بن سلامة    عاجل: ترامب يعيد النظر في بطاقات الإقامة للمهاجرين... و4 دول عربية ضمن القائمة!    الغاز اللي يقتل في صمت في دارك وما تحسّش بيه....شوف التفاصيل    الجمعة: تواصل الأجواء الشتوية    تواصل نزول الامطار بالشمال والوسط الشرقي مع حرارة منخفضة الجمعة    مصري يقتل عروسه قبل زفافهما    نهاية معاناة عقود؟ لقاح جديد يوقف أخطر أشكال الضنك بنسبة 92%    عاجل: جثة متآكلة غامضة لمرتدي ملابس غواص بشاطئ راس انجلة    ترامب يكشف عن خطط لطرد الصوماليين ويسخر من إلهان عمر    بعد إطلاق النار في واشنطن... ترامب يريد وقف الهجرة بشكل دائم من كل دول العالم الثالث    قتلى بقصف إسرائيلي على ريف دمشق واشتباكات مع قوات الاحتلال    رئيس الدّولة يشدّد على ضرورة إيجاد حلول لتمويل الصناديق الاجتماعية حتى تقوم بدورها على الوجه المطلوب    بورتريه ...وفاء الطبوبي لبؤة المسرح العربي    الواعري مُرشحة لجائزة الشخصية العربية في اختصاص الشطرنج    خطبة الجمعة .. إنما المؤمنون إخوة ...    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون    في ظل الصيد العشوائي وغياب الرقابة .. الثروة السمكية تتراجع !    المسرحية المغربية "هم" لأسماء الهوري: صرخة الإنسان المخفية في مواجهة انهياراته الداخلية    بعد تعافيه من أزمته الصحية: تامر حسني يستعد لأولى حفلاته    نجاة الصغيرة تظهر من جديد.. هكذا أطلّت    كتاب جديد للمولدي قسومي: الانتقال المجتمعي المعطّل ... بحثٌ في عوائق الاجتماع السياسي التونسي    فرنسا: فرار محتجزين اثنين من السجن باستخدام منشار وملاءات    عاجل: البرتغال بطلاً للعالم تحت 17 سنة    أوتيك .. شبكة تزوّر العملة التونسية    المنتخب التونسي لكرة السلة يفتتح تصفيات كأس العالم 2027 بفوز ثمين على نيجيريا 88-78    قضية هنشير الشعال .. الإفراج عن سمير بالطيّب وآخرين    الإفراج عن سنية الدهماني بسراح شرطي    نابل: مشاركون في الاجتماع ال 29 لهيئة الاحصاءات الزراعية بإفريقيا يطّلعون على مراحل إنتاج زيت الزيتون البيولوجي ببوعرقوب    كأس التحدّي العربي للكرة الطائرة: البرنامج الكامل للمباريات    تطوير التعاون التكنولوجي والطاقي التونسي الإيطالي من خلال "منطقة تارنا للابتكار"    القيروان إفتتاح الدورة 5 الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية و البصرية بدور الثقافة    الليلة: من الشمال للعاصمة حالة غير مستقرّة تستحق الحذر    4 خرافات متداولة عن جرثومة المعدة.. علاش تتكرر الإصابة؟    سنويّا: تسجيل 3000 إصابة بسرطان الرئة في تونس    اسبانيا : مبابي يعادل رقم رونالدو وبوشكاش ودي ستيفانو مع ريال مدريد    مونديال السيدات لكرة اليد: المنتخب الوطني يشد الرحال الى هولندا    أبطال إفريقيا: الكشف عن هوية حكم بيترو أتلتيكو الأنغولي والترجي الرياضي    هذا السبت: التوانسة يتوقّفون عن الشراء!    عاجل: البنك الدولي يتوقع انتعاش الاقتصاد التونسي و هذه التفاصيل    رّد بالك كي تسوق في المطر ...ماتعملش الحاجات هذه    وزارة النقل: اقرار خطة تشاركية تمكن من الانطلاق الفعلي في مزيد تنشيط المطارات الداخلية    وزارة البيئة: تركيز 850 نقطة اضاءة مقتصدة للطاقة بمدينة القيروان    الحماية المدنية : 501 تدخلات خلال 24 ساعة الماضية    عاجل : لسعد الدريدي مدربًا جديدًا للملعب التونسي    نحو إعادة تشغيل الخط الحديدي القلعة الصغرى – القيروان    البنك المركزي التونسي يعزّز شراكته مع البنك الإفريقي للتصدير والتوريد من أجل فتح آفاق تعاون أوسع داخل إفريقيا    مفاجأة حول هوية مطلق النار قرب البيت الأبيض..#خبر_عاجل    الأولمبي الباجي: نجم الفريق يخضع لتدخل جراحي .. وهذه مدة غيابه عن الملاعب    الجمهور يتأثر: الإعلامية المصرية هبة الزياد رحلت عن عالمنا    تهديد إعلامية مصرية قبل وفاتها.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها    محرز الغنوشي يُبشر: ''ثلوج ممكنة بالمرتفعات والاجواء باردة''    حريق هونغ كونغ.. 44 قتيلا واكثر من 200 مفقود    ارتفاع عدد وفيات فيروس ماربورغ في إثيوبيا    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يحاصرون الاسلام
نشر في الحوار نت يوم 08 - 11 - 2016

لا تصدقوا ما يُثار حول " الاسلام السياسي " ، فليس هناك إلا إسلام واحد هو دين متكامل جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من ربه ، هو شيء آخر غير المسيحية الكنسية ، إنه نظام حياة ، يشتغل بشؤون الدنيا اشتغاله بأمورالآخرة ، لا يؤمن بمقولة ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، فقيصر وما له ملك لله تعالى ، أما مقولة سعد زغلول " الدين لله والوطن للجميع " فعبارة تستطيع تقليبها على وجوهها الأربعة فلن تجد لها أي معنى ، إن الإسلام ليس صوفية تهتم بالجانب الروحي ، ولا هو عبادات وأذكار وأوراد ، ولا هو سياسة تسيّر حياة الناس ، ولا هو جهاد و قتال ... إنه كلّ هذا في آن واحد وفق الفهم المقصدي العميق لنصوص القرآن والسنة ، بعيدا عن التبعيض والسطحية والبتر .
إذا استثمر بعض المسلمين – من خلال العمل الحزبي والتحرك المجتمعي – في السياسة ووضعوا برامج مفصلة مستقاة من الوحي لتسير شؤون الحكم والاقتصاد والتربية والعلاقات الخارجية ، بينما يستثمر آخرون في النشاط الدعوي والعمل الخيري فإن كل ذلك من صميم هذا الدين ، وإنما يتضايق الخصوم مما يسمونه الاسلام السياسي لأنهم يعرفون أن أغلبية الأمة تدير لهم ظهرها وتقبل على الاسلاميين لأنهم يمثلون ثوابتها ورغباتها إلى جانب ما يعرفون من الحصيلة المفلسة للعسكر والعلمانيين الذين حكموا البلاد العربية عشرات السنين فلم يجلبوا لها سوى التخلف والفساد ومزيد من التبعية للغرب ، بناء على هذا ينبغي الانتباه إلى سوء استخدامهم لمصطلح الاسلام السياسي ، وهو مصطلح دخيل يحمل إيحاءات سلبية ، وإذا حدث سوء تطبيق من الاسلاميين في قضية أو أخرى فهم مسؤولون عنه ويبقى الاسلام مرجعية جميع المسلمين إلا من انسلخ منه طواعية من التغريبيين والعلمانيين ومن على شاكلتهم ، والتخويف من " الاسلام السياسي " وتطبيق الشريعة هو بضاعة هؤلاء وحدهم اما الأمة فقد أعلنت انحيازها لدينها كمنهج حياة وكرّرت ذلك كلما اتيح لها أن تعبّر عن رأيها بحرية ، فقد زكّت القوائم الاسلامية في جميع البلاد العربية وجدّدت لها ثقتها مرة بعد أخرى ، لذلك قرّر العسكر في بعض هذه البلاد ألاّ يخسر الانتخابات ، أما التخويف من الاسلاميين حين يصلون إلى السلطة فسخافة كبرى لأن العلمانيين ينصبون أنفسهم أوصياء على الشعوب كالعادة ولا يعطون الفرصة للإسلاميين ليختبرهم الرأي العام في الميدان ، لأن القضية ليست الخوف على الحرية والديمقراطية كما يزعمون بل هي نقيض ذلك ، هي الخوف منهما ، ولا أجد أبلغ مما كتبه الشهيد سيد قطب رحمه الله في الموضوع منذ زمن بعيد ، فقد قال : " وبين الحين والحين يخرج بغاث هزيل ، وببغاوات فارغة تحذرنا من دعوة الإسلام ومن راية الإسلام. تحذرنا عداء العالم الغربي إذا نحن هتفنا باسم الإسلام ، وتجمّعْنا كتلةً تحت رايته. كأن هذا العالم يساقينا اليوم كؤوس المودة !. وتحذرنا الفرقة والتنابز في داخل الوطن الواحد. كأننا اليوم جبهة واحدة لا شراذم وشيع وفرق !.
وتحذرنا ما هو أشد وأنكى ، تحذرنا طغيان الحكم الإسلامي .. تحذرنا هذا الطغيان كأنما ننعم اليوم في بحبوحة الحرية !. وتحذرنا ألاعيب رجال الدين المحترفين كأننا الآن لا نذوق منها الأمرين !.
إنها تعلات فارغة لا تخدم أحداً إلا المستعمرين الذين يفزعون من فكرة التكتل الإسلامي تحت راية الإسلام ، لأنهم يدركون ما أدركته الملكة فكتوريا ، وما أدركه جلادستون من أن راية القرآن يجب أن تُمزَّق قبل أن يتسنّى للرجل الأبيض حكم هذه البقاع الإسلامية. ولأنهم يدركون أن ظل الاستعمار الأسود سيتقلص يوم ترتفع هذه الراية من جديد ."
هذا حالنا اليوم ، لذلك نرى كيف استنجد غلاة العلمانيين العرب بالغرب والكيان الصهيوني- أو كيف جنّد هؤلاء أولئك العلمانيين – للقيام بالثورة المضادة وإبطال اختيار الشعوب الحرّ وإفساد الربيع المسالم وتسليط العسكر والجماعات المصطنعة لتخريب المجتمعات العربية لأن الديمقراطية – حتى قبل " الاسلام السياسي " - هي التي تهدّد الغرب والصهاينة وأتباعهم من العرب ، وتنوّعت الأساليب للوصول إلى غرض واحد هو الحيلولة دون تحرّر البلاد العربية وقيام أي نظام ديمقراطي فضلا عن الحلّ الاسلامي ، ففي مصر قام انقلاب عسكري دموي غادر لا مبرّر له إطلاقا سوى منع الإخوان المسلمين من الاستمرار في السلطة وتجسيد نموذج الحكم الاسلامي ، وفي تونس حدثت اغتيالات سياسية يكاد يعرف القريب والبعيد منفذّيها استهدفت بقاء حركة النهضة في السلطة ، وتدخل أبناء زايد بقوة وبصراحة ووضعوا أموال دولة الامارات تحت تصرف الاستئصاليين العلمانيين للانقلاب على المسار الديمقراطي ، وفي ليبيا رفعت أوساط الفساد والاستبداد فزاعة " الاسلام السياسي " لمنع قيام حياة سياسية طبيعية ولم يتوانوا عن خلق فتنة متشابكة للوصول إلى أغراضهم ، وحدث ما يشبه ذلك في اليمن لمنع تجمع الإصلاح من الحكم ال ارتضاه له الشعب ، أما في سورية فإنهم ساندوا الطاغية المتجبر بكل قوة وخلقوا من أجل تحقيق مقاصدهم تنظيما هجينا مخيفا سموه " داعش " يعرف كل متابع أن لا علاقة له لا بالإسلام ولا بسورية ، بل هو ذريعة مخابراتية لوقف المدّ الاسلامي ، وقبل هذا حرموا حركة حماس من حقها في التسيير بعد فوزها العريض في الانتخابات وانقلبوا من رافعين لشعار الديمقراطية إلى لاعنين لها ، وأخرجوا كل ما في جعبتهم من مفردات منفّرة لوصف الحركة المقاومة المجاهدة وتنادوا جميعا على تجريمها ومحاصرة غزة وإعطاء الصلاحيات لسلطة رام الله التي خسرت الانتخابات ، وبعد ذلك حاولوا الاطاحة بالحكومة الاسلامية في تركيا ، لسبب واحد هو إسلاميتها ، رغم ما حققته من نتائج سياسية واقتصادية مذهلة ، وما زالت جهات شتى تفتعل لها المشكلات وتتآمر عليها في السر والعلن.
إن الحرب المكشوفة على ما يسمونه " الاسلام السياسي " محاصرةٌ للإسلام ذاته حتى لا يكون له حضور في حياة الناس العامة ، وحتى لا يكون منهجا للحياة ، لا يقيم حضارة و لا يُسعد البشر ، بل يصبح بيد الدراويش والمغفلين والقشوريين والطرقيّين ورجال الدين الموظفين لدى الأنظمة غير الشرعية ، يدور بين دورات المياه والقبور والخضوع للقصور ، والإسلام الوحيد الذي نؤمن به هو آيات القرآن كلها بدون أي استثناء وجميع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة ، كل ذلك وفق القراءة الأصيلة المعتدلة لعلماء الأمة وفقهائها ودعاتها الذين فهموا أن هذا الدين يخاطب العقل والقلب ويعنى بشؤون الفرد و الأسرة والمال والحكم ليصلحها ويجلب للبشر السعادة ، كما يبشر المؤمنين بالسعادة في الجنة ، وكم أتمنى من الإخوة أصحاب النيات الطيبة الذين تأثروا بدعاية المستشرقين والتغريبيين والعسكر أن يتعاملوا مباشرة مع كتاب الله وسنة رسوله ليقفوا بأنفسهم على حقائق الاسلام فيسهموا في فكّ الحصار عنه بدل أن يساهموا مع أولئك في محاصرته ، كما أتمنى منهم أن يقلعوا عن تجريم جماعة الإخوان متأثرين بتلك الدعاية المغرضة ، فما للجماعة من جريمة سوى التفاف أغلبية الأمة حولها لأنها تمثل الاسلام الوسطي على نهج النبوة.

عبد العزيز كحيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.