تواترت الأنباء منذ يوم الجمعة 22 ديسمبر 2017 عن منع السلطات الأماراتية المواطنين التونسيين وخاصة النساء من كل الأعمار من السفر عبر رحلات شركات طيران دويلة الأعراب قدوما وعبورا ومغادرة، ليس فقط من مطاراتها هي بل كذلك من مطارات بلدان أخرى كمطار بيروت! أوغاد الأعراب الأجلاف المغرورون الذين ناصبوا تونس العداء منذ ما بعد الثورة وبذلوا الملايين لإشاعة الفوضى والاحتراب بين أبنائها أو إحداث انقلاب يعصف بالمعادلة السياسية القائمة على نحو ما فعلوا في ليبيا واليمن ومصر وغيرها أصابهم الحنق والجنون والعمى السياسي فأرادوا أن يشنوها حربا مباشرة ضد المواطنين التونسيين، فبدأوا بالمرأة حسبانا منهم أن ذلك ربما يدفع رهطا من الجنسين في تونس إلى "الثورة" وتغيير الوضع السياسي للبلاد. والرهط الذي راهن ويراهن عليه هؤلاء الأعراب ومن وراءهم من أعداء ثورات الربيع العربي هم أولئك الذين امتلأت جيوبهم بالبترودولار الصحراوي وأتخمت بطونهم بهدايا عيال زايد يحملها إليهم دحلان وأشباهه من المرتزقة في زياراتهم المعلنة وغير المعلنة إلى تونس وفي لقاءاتهم خارجها بمرتزقة ممن ينتسبون إلى النخبة السياسية والإعلامية بل وحتى الجامعية. ولكن يبدو أن ذلك البذل والتآمر لم يجديا نفعا وحبطا حبطا شديدا أمام ما يتوفر عليه شعب تونس من وعي ثقافي وسياسي وتماسك اجتماعي وحنكة وطنية، فأراد عرابو الثورة المضادة أن يجربوا وسائل أخرى في حربهم ضد تونس علهم يبلغون بعض أغراضهم التخريبية. ولقد جاء الرد التونسي إزاء العنجهية والعجرفة الأعرابية بتعليق رحلات طيران عيال زايد إلى مطارات تونس على غير ما توقعوه استهوانا منهم بالإرادة الوطنية وبالقرار السياسي لتونس شعبا وحكومة. إن هؤلاء السفهاء المتطاولين على نساء تونس خاصة وجماهير شعبها عامة لا يبدو أنهم يعرفون شيئا من تاريخ أو جغرافيا أو ثقافة أو سياسة لا عن تونس ولا عن غيرها. إن البترودولار الذي ليس لهم فضل أو إسهام لا في استخراج أصوله من قار الأرض ولا في إدارته وتدويره واستثماره في الداخل أو في الخارج قد أعماهم وأصمهم عن أن يدركوا ويعوا أن الشعوب الأصيلة والبلدان الأثيلة لا يمكن ولا تقبل أن تمتهن كرامتها أو يذل أبناؤها أو تكسر إرادتها أو يحتقر شأنها، مهما وظفوا في سبيل ذلك من عملاء مرتزقة ومهما صرفوا من مال ليسوا هم بكاسبيه إلا على سبيل المجاز. ولكن أنى لأمثال هؤلاء المتطفلين على التاريخ والحضارة أن يرتقوا إلى إدراك هذه المعاني ودويلتهم (إن جاز إطلاق هذا اللقب عليها) لا يجاوز عمرها أعمار كثيرين من أبناء جيلي، بل عمرها دون أعمارهم! فعندما كان أبناء جيلي يترقون في مراقي التعليم بمدارس تونس في مدنها وقراها، كان طغام تلك الدويلة يطاردون عنزا هنا أو جملا هناك ويصطادون ضبا هنا أو يطاردون جرادة هناك، تائهين بين كثبان الرمال ومهامه الصحراء. ولست أرى هذا عيبا في ذاته، إذا فرضته على الناس ظروف بيئتهم وأحوال معيشتهم. ولكن هؤلاء عندما فتحت عليهم النعمة مما في باطن تلك الرمال والصحراء بأيدي غيرهم لا بأيديهم، بدل أن يشكروا خالقهم على ما رزقهم وأن يصلحوا بما آتاهم أنفسهم وغيرهم، بطروا وعتوا وطغوا وأفسدوا وتجبروا، وما علموا أنهم بذلك إنما هم يخربون بيوتهم بأيديهم ويحفرون قبورهم بمعاولهم، مهما لاذوا بطواغيت في العالم من قريب أو بعيد، لا من رعاة البقر ولا من دونهم. وإن سقوطهم لقريب واندثارهم لوشيك، تماما كما كان صعودهم سريعا غير طبيعي لم تتوفر له شروط الاستمرار والبقاء من نضح اجتماعي وتأصل ثقافي ورشد سياسي وكفاية ذهنية! وإني إذ أكتب هذا الكلام لأحني هامتي تحية وتقديرا وإجلالا للكثيرين من أبناء تلك الصحراء الأصلاء الشرفاء الذين حدثوا بنعمة ربهم فأفاضوا منها على الكثيرين من المعوزين والمحتاجين من أبناء العروبة والإسلام، والذين يقبع الكثيرون منهم بالمئين أو الآلاف في سجون عيال زايد لا لذنب اقترفوه سوى أنهم قاموا بما يقتضيهم الواجب نحو إخوانهم في الإسلام والعروبة والإنسانية خيرا ومعروفا يبذلونهما لمن يستحق، فرج الله عنهم جميعا.