باريس - دام اللقاء أقل من ساعة وسط قاعة في قصر الإليزيه، أغلقت أبوابها أمام الصحفيين، غير أن المعلومات الشحيحة التي خرجت من اللقاء بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وجمال مبارك أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم بمصر تفيد بأن باريس "لا تمانع في أن يخلف جمال والده الرئيس حسني مبارك (في الرئاسة) مع إجراء بعض الإصلاحات السياسية"، بحسب ما كشفت عنه اليوم السبت 9-1-2010 مصادر مصرية واسعة الاطلاع في باريس ل"إسلام أون لاين. نت". وتتهم المعارضة المصرية الرئيس مبارك (81 عاما)، الذي يحكم مصر منذ عام 1981، بالإعداد لنقل السلطة لنجله الأصغر (جمال)، غير أن الرئيس ونجله ينفيان صحة هذا الاتهام، الذي يتردد بوتيرة متسارعة مع اقتراب الانتخابات التشريعية هذا العام والرئاسية العام المقبل. وتضيف نفس المصادر المصرية، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لحساسية القضية، أن "استقرار مصر ودورها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في الصراع العربي- الإسرائيلي، هو المحدد الأساسي لهذا الاختيار الفرنسي". وأوضحت أن "فرنسا على لسان رئيسها أعطت تطمينات ضمنية لجمال (45 عاما) بأنه خير خلف لوالده؛ إذ يرى ساركوزي في جمال نموذجا للشاب المتنور العصري القادر على إنجاز إصلاحات سياسية جوهرية دون إحداث هزات في مصر، فهو وحده القادر على الحفاظ على استقرار بلاده". وزار نجل الرئيس المصري باريس للمشاركة في ندوة اقتصادية بعنوان "عالم جديد.. رأسمالية جديدة" يومي 7 و8 -1-2010، وشارك في الجلسة الثالثة للندوة، ودعا في كلمته إلى وضع معايير جديدة لتجنب الهزات التي يعانيها الاقتصاد العالمي جراء الأزمة المالية التي بدأت أواخر عام 2008، مشددا على ضرورة إشراك الدول النامية في وضع تلك المعايير. وجاء استقبال ساركوزي لجمال في وقت يشتد فيه الجدل الفرنسي حول توريث منصب الرئيس بمصر، في ظل رغبة العديد من الفعاليات المصرية في سد الطريق على ما يسمى "بمشروع التوريث". المهم هو الاستقرار وبحسب المصادر فإن "فرنسا– ساركوزي حرصت على إيصال رسالة إلى الرئيس مبارك عبر نجله جمال مفادها أن باريس ترى في استمرارية استقرار السياسة المصرية مسألة جوهرية في علاقات الدولتين، وهذا رهن باستمرارية الاستقرار داخل مصر". وعلمت "إسلام أون لاين. نت" أن نجل الرئيس المصري التقى أيضا في باريس رئيس حزب "التجمع من أجل الحركة الشعبية" الحاكم في فرنسا برترون اكسافي، وسبق أن التقى جمال الرئيس ساركوزي في الإليزيه خلال زيارة خاصة قام بها لباريس يوم 13-5-2008. وتربط الرئيس الفرنسي علاقات وثيقة بنظيره المصري، لعل أحدث مظاهرها تسليم فرنسا لمصر خلال عشاء خاص في باريس جمع الرئيسين، آخر قطع الآثار المصرية النادرة التي طالب بها المجلس الأعلى للآثار المصري متحف "اللوفر"، والتي كادت أن تؤدي إلى أزمة بين البلدين، كما حرص ساركوزي على منح مبارك منصب نائب "رئيس الاتحاد من أجل المتوسطي" الذي يترأسه الأول. ويرى مراقبون أن لقاء ساركوزي وجمال يشبه إلى حد ما اللقاء الذي جمع -قبل نحو عشرة أعوام- الرئيس الفرنسي حينها جاك شيراك وبشار الأسد قبيل توريثه رئاسة سوريا خلفا لوالده الراحل حافظ الأسد؛ حيث وجه شيراك آنذاك دعوة خاصة لبشار وهو ما يزال طالب طب في العاصمة البريطانية لندن.