تتجول داخل عديد الاقامات المشيدة في ضواحي العاصمة فتبدو لك جملية بما يتوفر فيها من حدائق خضراء، علاوة على طلائها اللامع، وما يوجد داخلها من مرافق أخرى توفر خدمات مختلفة لسكانها.. لكن يبدو أن ما يكون ظاهرا منها قد يخفي عيوبا أخرى لا يدركها إلا من يدقق في جزئيات داخل هذه الإقامات. إحدى الاقامات الحديثة بدار فضال من ضاحية سكرة التي يطاب فيها المقام نظرا لما يتوفر بها من إمتيازات كهوائها النقي وقربها من العاصمة، وما يحيط بها من مراكز تجارية توفر لساكينها كل احتياجاتهم من المواد الأساسية الضرورية دون تحمل أعباء البحث عنها من أماكن بعيدة، طالتها مظاهر غريبة تمثلت في تحويل دهاليزها إلى مساكن. إقامة عصرية تحتوي حوالي 670 محل سكن، وتتوفر بداخلها كل المرافق التي تساعد سكانها على جملة من الخدمات مثل روضة أطفال ومآوي للسيارات وغيرها من أنواع الخدمات الأخرى التي تبقى الإقامات وسكانها في حاجة إليها. لكن على الرغم من كل هذا، فإن سكانها باتوا يتذمرون من مظاهر غريبة باتت تتكاثر داخلها، وتنجر عنها عديد المشاكل التي تزعج السكان، وتقلق راحتهم بشكل يجعلهم لا يطمئنون على عائلاتهم من ناحية، علاوة على مضايقتهم بما نتج عن هذه الظاهرة من اكتظاظ في الإقامة، بعد تزايد سكانها بشكل غير قانوني مثل على ما يبدو تجاوزات صارخة من قبل مالك الإقامة لما قام به داخلها من إضافات في شكل استيديوهات لسكان جدد. ومن خلال زيارة لهذه الإقامة تبين لنا بشكل لا يقبل الشك أن صاحب الإقامة عمد إلى استغلال الدهاليز التي توجد تحت العمارات أو المساكن، والتي تمثل في الحقيقة أركان تابعة لمحلات السكن خصصت للفضلات، وتحويلها إلى استيديوهات ليقيم فيها الطلبة وغيرهم ممن لا يقدرون على كراء محلات للسكن. ولعل الثابت الذي وقفنا عنده من خلال هذه الزيارة أن هذه «المساكن» التي أضيفت ضمن الإقامة، بتحويل دهاليزها إلى محلات سكن، توجد تقريبا تحت كافة العمارات، ويسكنها العشرات إن لم تقل المئات من الناس، وهي أيضا ضيقة ولا هواء فيها، وغير صالحة بالمرة للسكن، علاوة على ما تمثله من مضايقة للعائلات المقيمة فيها. سكان هذه الإقامة ممثلين في نقابتهم يتساءلون بأي شكل يمكن أن تتحول إقامتهم لهذا الوضع، وأي قانون يسمح لصاحبها أن يتصرف بهذا الشكل، فيضيف بها استديوهات داخل الدهاليز لتوظف للسكن، والحال أن القانون واضح ولا يسمح بأن تتحول الدهاليز وأقبيتها التي بعثت لتكون أركان لوضع الفضلات إلى محلات للسكن، وتعج بالمتساكنين. وهم يتساءلون أيضا هل أن بلدية سكرة على علم بهذه التصرفات، وهل أن سكان هذه الدهاليز في مأمن من عديد الأضرار الصحية التي يمكن أن تلحق بهم، جراء انعدام الهواء داخل هذه الدهاليز، وبقية الظروف التي تحيط بهم. وهم يتمسكون بحقهم في عدم استغلال هذه الفضاءات التحت أرضية لغير السكان ، ويرون أن ذلك يمثل تجاوزات قانونية قام بها باعث الإقامة، مستغلا صمت السكان، وعدم إطلاعهم على القوانين التي لا تسمح بمثل هذه التصرفات. وبعيدا عن الطرفين سألنا الأستاذ المحامي خالد الكريش بخصوص تحويل هذه الدهاليز أو الأقبية إلى محلات سكن وماذا يقول القانون في ذلك فأفادنا أنه يجب أولا معرفة الطرف الذي قام بتحويل هذه الدهاليز إلى محلات سكن، دون أن ينفي أمكانية ذلك، لكنه أفاد في نفس الوقت أن هذه الدهاليز يمكن أن توظف للاستغلال في مجالات مختلفة، أما تحويلها إلى مساكن، فأنه يفرض أن تتوفر فيها كافة المرافق الصحية من تهوئة وغيرها. وبين أن الأمر يعود إلى البلديات في ذلك.