هي ظاهرة تلقي بظلالها في العديد من المؤسسات التربوية مما يدعو إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذه الغيابات. هل هي إشكالية البرامج والمناهج المعتمدة أم وراءها آليات أخرى عوضت إلى حد ما وجود الأستاذ. يبرر بعض التلاميذ تغيبهم وهجرانهم للحصص العادية لسير الدروس إلى طبيعة المناهج والبرامج المعتمدة التي تحتاج في غالبها إلى عنصر التشويق إلى جانب افتقار بعض الأساتذة للبيداغوجيا المطلوبة. ويقول بعضهم ان الاطارالتربوي اليوم لم يتجاوز مرحلة سرد المعلومات في تقديمه للدرس مما يدفع إلى الاستغناء عن الحصة التي يقدمها الأستاذ للبحث عن الوثائق المنسوخة نظرا لان عنصر الإضافة لا يتحقق داخل القسم. التلميذة آية باكالوريا علوم تجريبية قالت انها تضطر إلى نسخ دروس الرياضيات والفيزياء وسلسلة التمارين وتكتفي بشرحها في حصة الدروس الخصوصية التي تعتمد عليها اعتمادا كليا. الدروس الخصوصية وتقول هيبة تلميذة الباكالوريا آداب إن طبيعة شعبتها لا تتطلب الحضور الدائم في القسم نظرا لتوفر كم هائل من المراجع والمناهج وهي تتعمد الغياب في بعض المواد كالجغرافيا والتاريخ لان هذه المواد لا تتطلب الحضور الدائم لذا افضل البقاء في المنزل لمراجعة مواد هي أكثر أهمية كالفلسفة والعربية. غير ان الاطار التربوي له رؤيته التقيمية لهذه المسالة حيث تعتبر السيدة حياة عبيدي أستاذة انقليزية أن الإطار التربوي يقوم بمهمته على أكمل وجه غير أن التلاميذ يعتمدون طريقة انتقاء المواد التي يخيرون دراستها فمن خلال تجربتها ترى أن تلاميذة الشعب العلمية لا يهتمون بمادة الانقليزية لذا فان عدد التلاميذ الذين يحضرون حصتها لا تتجاوز عادة أصابع اليد وتساندها في القول زميلتها هاجر أستاذة عربية لتؤكد تفاقم ظاهرة الغيابات المتعمدة في صفوف بعض التلاميذ وترجع ذلك إلى أن اغلبهم غير جديين ويفضلون المزاح واللهو فيتغيبون عن الدراسة لقضاء وقت في صالونات الشاي. وجود بديل وفي خضم تبادل ادوار الاتهام بين الأساتذة والإطار التربوي كان لا بد من التقصي عن الأسباب الفعلية الكامنة وراء تسرب هذه الظاهرة. وقد بين خبير تربوي أن أسباب عديدة تقف وراء استفحال هذه الظاهرة ورغم غياب دراسات معمقة عن هذه المعضلة التربوية فانه يمكن حصر الأسباب في طريقة التدريس والتواصل أو ما يسمى بالعلاقات القائمة بين الأستاذ والتلميذ إلى جانب تغير المحيط العام للتعليم الذي تغيرت معه العقليات والنظم السائدة. غير أن الأسباب الفعلية التي تبرر ظاهرة التغيب تكمن في سهولة الحصول على المعلومة من ذلك المناهج والبرامج المتوفرة على شبكة الانترنت والمسجلة على طريقة الفيديو. فهل همشت هذه الآليات نوعا ما دور الأستاذ فلم يعد المصدر الأساسي للمعرفة بل أضحى اليوم مجرد مصدر من مصادرها؟