بعد قرار منع الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب في بعض المدارس الحكومية البلجيكية هذا الشهر وزيادة عدد المدارس التي تسير على هذا الدرب، يسعى أبناء الأقلية المسلمة في البلاد إلى بناء مدارس خاصة بهم لتخطي العراقيل التي تستهدف بناتهم. وتجري حاليًّا مناقشات بين ممثلي الأقلية المسلمة في هذا البلد للتفكير جديًّا في بناء هذه المدارس بعدما وقفوا حائرين أمام هذه المشكلة التي تخيرهم بين التعليم والدين. ويقول محمد شاكر، رئيس اتحاد الجمعيات المغربية في بلجيكا: "إن خطط بناء مدارس خاصة بالمسلمين قائمة بالفعل، ولا ترتبط مباشرة بقضية الحجاب، ولكن بواقع التمييز الصارخ الذي يئنُّ تحته الطلاب المسلمون بصفة عامة في المدارس البلجيكية"، بحسب صحيفة هيندلسبلاد البلجيكية في عددها الصادر الجمعة. شاكر، الذي وصف انتشار قرارات حظر الحجاب في مدارس بلجيكا ب"المحبط"، أضاف: "تؤكد الأبحاث أن فجوة الحقوق التعليمية بين أبناء المهاجرين المسلمين وغيرهم في بلجيكا تعدُّ الأكثر اتساعًا على مستوى القارة الأوروبية... ونحن لا نفكر في بناء مدارس دينية، بل نريد فقط إيجاد حلٍّ عملي لهذه المشكلة". من جهته، أعرب باسكال سميت، وزير التعليم البلجيكي، عن أمله في ألا تصلَ الأمور إلى هذا الحدِّ قائلًا: "ينبغي أن تعكس مدارسُنا جميع شرائح المجتمع". وأوضح أن ذلك برأيه راجعٌ إلى "حرب المدارس" التي نشبت مؤخرًا بين المدارس الكاثوليكية والأخرى العلمانية في البلاد، والتي كانت سببًا في هذه "الحساسيات الدينية". ودحض سميت -الذي شغل عدة مناصب قانونية قبل عمله وزيرًا للتعليم- دستورية قرارات حظر الحجاب في المدارس، وقال: إن هذا الحظر يقتضي إذن تعديل دستوري، لكنه أوضح أن هذا سيُدخِل البلاد في سجالٍ عقيم بسبب مطالبة المدارس الكاثوليكية كذلك بحظر جميع الرموز الدينية. يُذكر أن نظام التعليم العام في بلجيكا قرَّر قبل أسبوعين بحث حظر شامل للحجاب في المدارس هناك، ما دفع بعض أولياء أمور الطالبات إلى اللجوء للمحاكم والمطالبة بوقف مثل هذه الممارسات. واستقبلت بلجيكا العام الدراسي الجديد هذا العام بقيام بعض المدارس بمنع المسلمات من دخول مدارسهن بالحجاب، مما أدى إلى تظاهر العديد من الطالبات خارج المدارس مطالباتٍ بحقِّهِنَّ في حرية التعلم والعقيدة، واقترح مجلس الشيوخ البلجيكي أوائل الشهر الجاري مشروع قانون "يجرِّم" ارتداء النقاب في بلجيكا. وفي بلجيكا يعود قرار منع ارتداء الحجاب أو السماح به في المدارس إلى مديري المدارس، ويوجد 23 مدرسة فقط من بين 148 مدرسة في المستويات الأقل من الثانوي تسمح بارتداء الحجاب، بينما كانت هناك مدرسة واحدة فقط ثانوية تسمح به قبل أن تقرر مؤخرًا عدم السماح بارتدائه. ويعيش في بلجيكا نحو 450 ألف مسلم من أصل حوالي عشرة ملايين نسمة، ويتوزع المسلمون بين 250 ألفًا من أصول مغربية، و130 ألفًا من أصل تركي، و30 ألفًا من أصل ألباني، أما الباقي فمن أصول فلسطينية وجزائرية وتونسية وبوسنية.