إيطاليا- بعدما قطع نصف القارة الإفريقية ونجا من رحلة خطيرة بالقارب من ليبيا بحثا عن حياة أفضل في إيطاليا يفكر "أبوبكر بايلو" في الانتحار. ويقول بايلو (24 عاما) وهو واحد من آلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين يعملون في جمع الطماطم (البندورة) في منطقة بوليا: "لم أعتقد أبدا أن تكون الأمور هكذا في إيطاليا.. حتى الكلاب أفضل حالا منا"، وتابع: "الموت أفضل من هذه الحياة؛ لأنك على الأقل حين تموت تنتهي مشاكلك"، بحسب ما نقلت رويترز الأحد 4-10-2009. وبايلو مثل آلاف المهاجرين الذين يؤدون عملا شاقا لساعات طويلة مقابل أجر زهيد يتراوح بين 15 و20 يورو (22 و29 دولارا) يوميا، ويقيمون في مخيمات مؤقتة غير نظيفة دون مياه جارية أو كهرباء. ويتدفق آلاف المهاجرين كل عام غالبيتهم من إفريقيا على الحقول والبساتين في جنوب إيطاليا؛ لكسب قوتهم كعمال موسميين يجمعون العنب والزيتون والطماطم والبرتقال. وتعرف منطقة بوليا باسم (مثلث الذهب الأحمر) وتنتج 35% من إنتاج الطماطم في إيطاليا، وساءت الأمور بشكل خاص هذا العام في بوليا التي يستخدم إنتاجها من الطماطم في وصفات غذائية في شتى أنحاء العالم. وأجبرت الأزمة الاقتصادية مطاعم في شمال إيطاليا على إغلاق أبوابها والاستغناء عن العاملين؛ لذا جاء عدد أكبر من المعتاد من المهاجرين (نحو ألفين) إلى بوليا بحثا عن عمل، بحسب رويترز. وتعتبر الأمطار أفضل صديق لجامعي الطماطم؛ لأن الآلات التي يستخدمها أصحاب المزارع بدلا من العمالة اليدوية لا تعمل بشكل جيد على الأراضي الطينية، لكنها ندرت في الوقت الحالي. وجعلت الحملة التي تشنها الحكومة المحافظة لوقف الهجرة غير الشرعية المزارعين أكثر ترددا إزاء الاستعانة بعمال "سريين"، وبصفة خاصة من يمكن التعرف عليهم كأجانب بسهولة؛ بسبب لون بشرتهم. وأصدرت الحكومة الإيطالية هذا الشهر عفوا عن المهاجرين غير الشرعيين الذين تستعين بهم أسر إيطالية في أعمال النظافة أو رعاية كبار السن، لكن العفو لا ينطبق على جامعي الطماطم من الحقول. ويقول بايلو الذي رفض طلبه من أجل الحصول على حق اللجوء ولا يحمل أية أوراق إنه عمل ثمانية أيام خلال الشهرين الماضيين، وأضاف: "ولم أضع حتى مائة يورو في جيبي". والمقابل الذي يحصل عليه المهاجر غير الشرعي الذي يقوم بجمع الطماطم 3.5 يوروات عن كل عبوة بلاستيكية ضخمة تزن 350 كجم حين تمتلئ، ويأمل العامل أن يجمع ما بين 35 و40 يورو من العمل من الفجر إلى الغروب، وعليهم في بعض الحالات دفع مبلغ للوسيط الذي يختار العمالة لأصحاب المزارع وضمان قيامهم بعملهم. "عبيد العصر الحديث" ويقول القس أركانجيلو مايرا الذي يحاول مساعدة المهاجرين "إنه مثل النظام الإقطاعي في العصور الوسطى.. عبيد العصر الحديث مفيدون للاقتصاد.. يمكن أن تستغلهم ثم تتخلص منهم عندما لا تكون بحاجة إليهم". ويعرف الحي الفقير الذي يعيش فيه بايلو في الريف إلى جانب نحو 600 مهاجر باسم "الجيتو"، ويشبه من بعيد أي مخيم للاجئين في دولة إفريقية تمزقها الحرب ولكن الواقع ربما أسوأ. وبعد تجاهل استمر أعواما أقامت السلطات المحلية في أغسطس الماضي 60 دورة مياة متنقلة و20 خزان مياه لخدمة نحو 1500 مهاجر حتى أكتوبر الجاري حين ينتقل معظمهم جنوبا إلى منطقة كالابريا لجمع البرتقال. غير أن منظمة "أطباء بلا حدود" التي تراقب المنطقة منذ عام 2003 وتساعد المهاجرين على الحصول على الخدمات الصحية الأساسية تقول إنه ينبغي بذل جهد أكبر. وقال الطبيب ألفيس بينيلي: "الظروف التي يعيشون ويأكلون فيها خطيرة جدا؛ إنهم شبان أقوياء يصلون إلى إيطاليا في صحة جيدة ويصيبهم المرض هنا". ويصاب المهاجر الذي يمضي ساعات راكعا أو محنيا بآلام في الظهر والعضلات، كما أن قلة النظافة تؤدي إلى الإصابة بأمراض جلدية ومعوية، ويعاني أغلبهم من الاكتئاب. وقال بينيلي: "غادروا بلادهم وجاءوا إلى هنا بحثا عن الثراء، ولكن ينتهي بهم الحال بالعيش في ظروف أسوأ مما كانوا عليها في ديارهم"، ويكمل: "تراهم في أسوأ حال حين يضطرون للبقاء في الداخل ينامون معظم الوقت ولا يجيبون حين نتحدث إليهم.. رأيتهم يبكون أحيانا". مصدر الخبر : a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=813&t=إيطاليا.. "عبيد العصر الحديث" بمزارع الطماطم&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"