بعد تصريحات لعدد من قياديها الذين ساروا شوطاُ طويلا في طريق الخروج عن منهج الحركة التقليدي وصاروا يجاهرون بإيمانهم ومساندتهم للحريات حتى وصل بهم الأمر لعدم رفض المثلية الجنسية أو سجن من يتعاطى المخدرات فما بالك بشرب الخمر يخرج المكتب التنفيذي للحركة في بيان رسمي يتجاهل كل القضايا والأزمات التي تواجه تونس سياسياً واقتصادياً ويتحفنا بدعوته "الحكومة لأخذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لحالة الاحتقان المتصاعد بمدينة الجم من خلال سحب الترخيص لبيع الخمور بالمدينة حمايةً للأمن العام". فجأة تحول موضوع فتح مخزن لبيع الخمور من أولويات حركة النهضة وطنيا وسياسيا ويجتمع لإجله مكتبها التنفيذي ويناقش لساعات مخاطر مثل هكذا حكاية على الأمن العام ويطالب الحكومة بالتحرك الفوري على خلفية وضع حد للاحتقان المتصاعد في المدينة جراء هذا القرار. هذا البيان يطرح نقطني استفهام غريبتين أولهما هل عادت النهضة مرة أخرى للمربع الأول فصارت المكلفة بتطبيق الشريعة وحماية الأخلاق العامة وأسلمة تونس مرة أخرى وهل عادت لنفس مشاكلها مع المجتمع في قضايا الحريات الفردية وتريد بعد مؤتمرها العاشر الذي أتحفنا بالفصل بين الدعوي والسياسي بالعودة لتكون مجددا حركة دعوية أسلامية تريد فرض منظورها الإسلامي على الشعب التونسي من منطق أنهم حملة رايات دين الله والمدافعين عنها. أم أن لمنطقة الجم خصوصية مميزة لدى حركة النهضة دفعت بمكتبها التنفيذي الذي لم يناقش مشاكل الكثير من المناطق التي يسودها الاحتقان الاجتماعي جراء البطالة والتلوث والفقر ليعطي الجم العزيزة مساحة كبرى من اجتماع مكتبها التنفيذي لمناقشة مخاطر فتح نقطة بيع للخمور فيها!!!. يعلم الجميع أن تشعبات علاقات قيادات حركة النهضة في الكثير من المناطق تثير الكثير من الأسئلة القلقة فكيف يمكن ان ننسى توقيع القيادي فيها احمد العماري لاتفاق مع مجموعات مسلحة ليبية لتقنين التهريب وتنظيمه دون أن يعود للدولة او يستشيرها ووضع نفسه مفاوضا مع هذه المجموعات وليومنا هذا لم نسمع بان للتهريب فائدة تمس غير المهربين والعاملين معهم. الجم أحد النقاط التي تتجمع في أسواقها واردات مختلفة المصادر وتشكل نقطة يقصدها كثر لشراء مواد مختلفة فيها الكثير من السلع المهربة أجتمع لأجل عيون البعض مكتب حركة النهضة التنفيذي ليطالب الدولة بالتحرك الفوري لغلق نقطة بيع الخمور فيها وكأن المنطقة لا يوجد فيها شارب للخمر رغم أن كثر يعملون في تجارة بيع الخمور في السوق السوداء وموقف النهضة يطرح تساؤلا مشروعا هل الحركة ضد بيع الخمور بالمطلق وبالتالي تريد أن تكون الجم أول مرحلة في محاربة بيعها لأنها تخالف شرع الله ورسوله أم أن تجار الخمور في السوق السوداء وهم كثر تضرروا من هذه الموضوع. في خضم الحسابات السياسية والتجارية الضيقة تعود ازدواجية خطاب الحركة مرة أخرى للسطح وتعود الشكوك بصدق ما يقوله بعض قياداتها في سياسة التسويق الإعلامي للوجه الجديد لها بينما تكون بياناتها أكثر صدقاً في التعبير عن حقيقتها بعيدا عن رتوش التجميل المصطنع. فبعد لطفي زيتون وحسين الجزيري والطرح الليبرالي الذي تجاوزت حدود ثقافة الكثيرين في المجتمع تعود النهضة مرة اخرى لتظهر وجهاً خلنا انها تجاوزته من منطلق أننا لا نشكك فيما يصدر عن مؤتمراتها ولكن وللأسف بيانات مكتبها التنفيذي تشكك وتضرب بعرض الحائط كل ما يسعى بعض من قياداتها لبيعه في إطار سياسة إيهام الناس بان النهضة تغيرت ولكن الحقيقة يبدو أنها لم تخرج بعد مما قاله احدهم في سبيل الله نمضي نبتغي رفع اللواء فليعد للدين مجده ولترق منّا الدماء