الجريدة: ياسر المعروفي يبدو أن استقالة قائد اركان جيش البر محمد صالح الحامدي تحمل في طياتها عديد الحقائق والأسرار التي بدأت تظهر وتخرج من العلبة السوداء للمؤسسة العسكرية التي طالما عرفت بتكتمها الشديد.
يبدو أن صبر المؤسسة العتيدة التي حمت التونسيين قد نفذ تجاه تصرفات قائد القوات المسلحة رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي ومشاريعه الخطيرة التي باتت تهدد المؤسسة وأمن التونسيين واستقرار البلاد. علاقة المرزوقي بالمؤسسة العسكرية مرت بمراحل مختلفة وعرفت هزات عديدة فاتسمت في مراحلها الأولى بالحذر وكان للمرزوقي نوع من ''الفوبيا'' تجاه المؤسسة وقادتها بل كان لا يخفي على المقربين منه انه يعتقد أنها مؤسسة تابعة للنظام السابق وأنها مستعدة أن تنقلب عليه في اللحظة السانحة. هذا الخوف والرعب و''الفوبيا'' من العسكر تدعمت وتضاعفت بعد أحداث مصر وصعود وزير الدفاع الأسبق عبد الفتاح السيسي واسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي. وقد ظهرت حالة الارتباك في تصريحات المرزوقي وقادة النهضة أنذاك حول استحالة اعادة السناريو المصري وكانت تختم عادة بتمجيد الجيش والتنويه بخصال الحياد والوطنية التي تميز العسكر التونسي. كما لجأ المرزوقي لاسلوب الترغيب ومحاولة استمالة القادة لصالحه عبر ترقيات شملت قادة المؤسسة وزيادات في الرواتب والامتيازات. ومن جهة أخرى لم يتوانى في اللجوء لاسلوب الاقصاء والعزل لبعض القادة الذين عدهم ضمن المعسكر ''الغير مضمون'' على غرار عزل الجنرال العجيمي والجلاصي وعكروت وهم الذين يعرفون بكفاءتهم وحيادهم. تدخلات المرزوقي في الجيش والتحويرات والتغييرات المتكررة في المؤسسة أضعفت المؤسسة وعطلتها في حربها المصيرية ضد خلايا الارهاب المتحصنة بالجبال بل وصلت لحد احداث حالة من التململ والقلق داخل القادة العسكريين فالقرارات الارتجالية والغير مدروسة بعمق التي اتخذها المرزوقي في علاقة بمكافحة الارهاب كانت قرارات معطلة ومحبطة للعزائم ولعل ابرزها قرار تحويل المنطقة العسكرية بجبل الشعانبي إلى منتزه ترفيهي. ويرى متابعون أن تعامل المرزوقي مع المؤسسة العسكرية بهذا الاستهتار واللامبالاة لا يعود إلى جهل الرئيس المؤقت بتقاليد الجيش التونسي وأبجدياته وإنما لنية مبيتة للانقضاض على الجيش وتطويعه عبر اضعافه وانهاكه فقد سبق لوزير الدفاع الأسبق الزبيدي أن اشار إلى أن المرزوقي يتعمد انهاك قدرات الجيش عبر التمديد في حالة الطورائ دون وجود مبرر لذلك وهو ما يستنزف القدرات اللوجستية والبشرية للعسكر. كما أن المرزوقي لا يمثل سوى حلقة من حلقات عقد اخواني متكامل لبسط النفوذ على الجيش عبر اختراقه واضعافه تمهيد لتدمير قدراته وهو مخطط دوّنه منظري التنظيم الاخواني من سيد قطب غلى حسن البنا ويقضي بضرورة تغلل الاخوان في اهم أجهزة الدولة من الادارة غلى الأمن إلى الجيش. ولا يمكن أن ينسى التونسيون ذلك التصريح الخطير لرئيس الحركة الاخوانية في تونس راشد الغنوشي عندما قال محذرا عددا من الاسلاميين المتشددين ''الجيش غير مضمون'' والتي فضحت النوايا الخبيثة التي تتربص تونس وجيشها. وبالعود لقرار رئيس أركان الجيش الاستقالة وقبله رئيس الأركان الجيوش الثلاث رشيد عمار وقبلهم وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي يبدو أنه إشارة إلى وجود خلل كبير داخل المؤسسة سببه التدخلات السافرة للمرزوقي في عمل الجيش وكأن حال لسان المرزوقي يطمئن الغنوشي الذي أسكنه في قرطاج ليقول له ''الجيش مضمون.. الجيش مضمون.. الجيش مضمون''.