اختتم أمس رئيس حزب حركة النهضة زيارته إلى مصر حيث التقى رئيس مصر الجديد وهنئه بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية. وألقى الغنوشي كلمة في ميدان التحرير بشر فيها بعهد جديد عهد الاخوان المسلمين. هذه الزيارة هي الثانية للشيخ بعد زيارة أولى ل"اخوانه" في مصر والتي جاءت أنذاك لدعم مرشح الاخوان مرسي ضد منافسه شفيق. ربما نتفهم اسباب الزيارة الأولى للغنوشي لدعم مرسي باعتبار ان الاثنين هم من ابناء التنظيم العالمي لتيار الاخوان وهو تنظيم ينكر الولاء للوطن والقطر بقدر مع ما يعتبر ان المشترك الوحيد هو الولاء للمشروع الاسلامي الاخواني ويمكن العودة لأدبيات هذا التيار للتأكد من الأمر. أما الزيارة الثانية فإن أسبابها وطبيعتها غير مفهومة فهل هي ريارة دولة أم زيارة شخصية هل توجه الغنوشي إلى مصر بصفته الحزبية (رئيس حركة النهضة الاخوانية) ام بصفته ممثلا لتونس.. إن كانت الفرضية الثانية فذلك يعني أنه قد تم تجاوز احد أبرز مطالب الثورة وهو الفصل بين الدولة والحزب وهذا يقتضي استقالة المرزوقي باعتباره الممثل الأول لتونس بالخارج. أما ان كانت الفرضية الثانية وهي أن هذه الزيارة هي زيارة مساندة ودعم لمرشح الاخوان ولحكم الاخوان فلنا ان نتسائل حول جدية المخاوف التي طالما عبر عنها مناهضون لتيار الاسلام السياسي باعتبار ان ولاء زعماء التنظيم الاخواني العالمي (ومن بينهم راشد الغنوشي) هو لمشروع أسلمة الأمة ووحدة الأمة الاسلامية وليس للمشروع الوطني بتعدده واختلافه الديني والسياسي. من ناحية اخرى فإن البروتوكولات الدولية تقتضي أن يكون رئيس الجمهورية (حتى وان كان منصبه شرفيا) هو من يمثل الدولة في المحافل الدولية ويتحدث باسم كافة الشعب وليس رئيس حزب يتحدث باسم منخرطيه فقط. فمثلا في ايطاليا أو تركيا فإن رئيس الدولة هو من يقوم بتمثل شعبه في مثل هذه المناسبات. اضف لهذا فإن العلاقة بين تونس ومصر وهما دولتان قامتا فيهما ثورة تقتضي أن يكون التمثيل أرفع من التمثيل الحزبي الايديولوجي الضيق ويكون المرزوقي جنبا إلى جنب مع مرسي باعتبارهما رمزا للشرعية الشعبية. وللتذكير فإن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها فقد سبق للغنوشي أن كان ممثلا لتونس في وفاة الأمير نايف كما قاد الوفد التونسي الذي توجه إلى الجزائر لتعزية القيادة الجزائرية بوفاة الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بلة هذا دون اعتبار للزيارات المتكررة التي يجريها مسؤولون ومستثمرون لمكتب الشيخ.