سليانة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 72 بالمائة    بسبب الأسماك النافقة: الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يوجه هذه الرسالة للمواطنين..    عاجل : إلغاء الإضراب فى الخطوط التونسية الفنية    عاجل/ حادثة تهشيم معدات بمستشفى القصرين: هذا ما قرره القضاء في حق المعتدين..    تنبيه/ اضطراب في التزود بالمياه بهذه الجهة..    الخارجية تؤكد: لا إعداد ولا تمويل ولا تنظيم لرحلات الجالية الصيفية الرسمية    نتائج التحاليل تؤكد: لا خطر صحي في استهلاك الدلاع التونسي    ''الستاغ'' تغرق في الديون: أكثر من مليار لدى الحرفاء و7 آلاف مليار لدى الدولة    فرنسا تشترط الإفراج عن رعاياها لرفع العقوبات على إيران    جندوبة: حريقان يأتيان على هكتار من القمح وكوخ من التبن بمزرعةتابعة للمركب الفلاحي بالكدية ببوسالم    "الصحة العالمية" تعلن إجلاء 23 مريضا من غزة..    عاجل : طلاق بالتراضي بين فوزي البنزرتي و الاتحاد المنستيري ...تفاصيل    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة متابعة..وهذه التفاصيل..    تعرف شنوّة تعني الأعلام في البحر؟ رد بالك!    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    ''فضيحة اللحوم الملوثة'' في فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29    "الزنجبيل".. ينصح به الأطباء ويقي من أخطر الأمراض..    موجة عنيفة من حرائق الغابات تجتاح تركيا    اختتام اللقاءات الأكاديمية ببيت الحكمة يوم السبت بمحاضرة عن "الثقافة الوطنية في عصر العولمة" يقدمها الأستاذ توفيق بن عامر    الدفاع عن المستهلك: أسعار معقولة في السوق...وهذه المنتجات الأكثر ربحًا    بلدية تونس تدعو متساكنيها الى الاسراع بالانتفاع بالعفو الجبائي لسنة 2025    الهلال السعودي يعلن انضمام المغربي حمد الله للمشاركة في كأس العالم للأندية    نجم المتلوي: تواصل التحضيرات .. وإيفواري يخضع للإختبارات    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    الرابطة الأولى: لاعب جديد يعزز صفوف الإتحاد المنستيري    إنتقالات: باير ليفركوزن الألماني يتعاقد مع مدافع ليفربول الإنقليزي    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    سعيّد: إعادة هيكلة المؤسسات وإبعاد من فشلوا... والشعب أولى بالفرص    محرز الغنوشي: أمطار رعدية بهذه المناطق.. بعد هذا الوقت    التيارات البحرية الخطيرة: كيف تتصرف لإنقاذ حياتك؟    عاجل : وفاة لاعب مشهور في حادث مروّع    "نتنياهو" يتوعد بالقضاء على حماس..#خبر_عاجل    بشرى سارة لمرضى السرطان..    وزارة الصحة تعقد اليوم جلسة تفاوض جديدة مع الأطباء الشبان..    مقتل 4 أشخاص وإنقاذ 23 إثر غرق عبارة قبالة بالي    لي سيو-يي.. رحيل مفاجئ لنجمة الدراما الكورية يثير التساؤلات    ما تخبئه الكواكب ليوم الخميس 3 جويلية: يوم حاسم لمواليد الأبراج المائية والنارية    عاجل: صفقة جديدة للنادي الإفريقي    اليوم: ارتفاع درجات الحرارة ...والشهيلي حاضر    وزير الخارجية ونظيره العماني يؤكدان على ضرورة متابعة تنفيذ توصيات الدورة 16 للجنة المشتركة التونسية العمانية    أكثر من 30 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ منتصف الليل    محمد صلاح يتصدر قائمة أغنى اللاعبين الأفارقة لسنة 2025 بثروة قدرها 110 ملايين دولار    كوريا الشمالية تصعد لهجتها ضد الولايات المتحدة    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    باجة: رياح رملية قوية وتحذيرات من تقلبات جوية وأمطار غزيرة    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    أخبار الحكومة    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    التحقيق مع راغب علامة بقضية "المكالمة الهاتفية" المسرّبة    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    عاجل/ هذا ما تقرّر ضد إمرأة ستينيّة تهرّب الكوكايين من تركيا الى تونس    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    عاجل/ موجة حر الأسبوع المقبل..وهذه التفاصيل..    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    كيفاش تستغل دارك والا محلك وتدخل منهم فلوس؟    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذابح حكم العسكر في مصر:
نشر في الخبير يوم 22 - 08 - 2013

الصحفي البريطاني الكبير روروبرت فيسك يكشف اعلام التظليل والتقتيل
يلاحظ المتتبع للإعلام المصري في الفترة الأخيرة دون عناء أنه أصبح بوقا دعائيا لنظام مبارك العائد على ظهور الدبابات مستعملا في ذلك طرقا في التظليل بدائية و أساليب في التوجيه والفبركة لا تصدقها عقول الرضع. وان لم يكن غريبا عن إعلاميين رضعوا حليب العبودية منذ نعومة أظافرهم وتخرج أغلبهم من مكاتب أمن الدولة أن يعودوا إلى مهنة التطبيل والتظليل فان الخطير هو أن يصبح هذا الإعلام أداة لتبرير المجازر التي ترتكبها يوميا الأجهزة الأمنية والعسكرية في حق أبناء وطنهم وبذلك تحول من يطلقون على أنفسهم صحفيين إلى بلطجية يقتاتون من الدماء وشركاء في كل الجرائم والمذابح التي عصفت بأسطورة « الجيش المصري الشريف » الذي غرق في دماء مواطنيه بينما الطائرات الإسرائيلية بدون طيار تتجول في سماء سيناء .
لم تكن وسائل إعلام نظام حسني مبارك -الذي تم اخلاء سبيله في قضية القصور الرئاسية وقد يطلق سراحه قريبا- هي وحدها من قادت حملة تبرير المجازر وشيطنة كل من رفض العودة الى فترة ما قبل الخامس والعشرين من يناير بل شدت أزرها قنوات البترودولار خاصة تلك التي تعود لأمراء السعودية التي تحولت بين عشية وضحاها إلى محررا للشعوب وداعما للحرية حتى وان كان ذلك عبر أسلحة روسية للجيش المصري تتكفل بتسديدها لولا أن كبرياء الدب الروسي قد رفض الصفقة .
في مقابل هذه الترسانة الإعلامية الضخمة التي تواصل على مدار اليوم قصف عقل المتلقي لإجباره الإقرار بأن ما يجري من تقتيل في مصر ليس سوى حربا طرفاها على نفس القدر من التسليح و أن الجيش المصري بصدد تسطير بطولات جديدة قد تفوق انجازات حرب أكتوبر، تبرز بعض القنوات من الجهة المقابلة لتقدم رواية للأحداث بعين واحدة نظرا للارتباطات الايديولوجية أو السياسية مع الاخوان المسلمين وان كان أغلبها قد أصبح عرضة للتشويش المتكرر.
وأمام هذا المشهد ذو البعد الواحد والاعلام الميليشوي الذي بات لا يقل إجراما عمن يطلق الرصاص، يجد المرء نفسه مجبرا على البحث عن الروايات الموضوعية والمهنية التي يقدمها إعلاميون أثبتت السنوات أنهم على قدر من المصداقية يسمح لهم بأن يكونوا أمناء في نقل الخبر ورواية الأحداث. من بين هؤلاء نجد الكاتب الصحفي الكبير روبرت فيسك المشهود له بالنزاهة والذي يملك تجربة طويلة في الصحافة الاستقصائية وتغطية الحروب تمتد الى عقود طويلة. في ما يلي ننقل لكم ما كتبه فيسك في صحيفة « ذي أندبندنت » البريطانية حول مذابح القاهرة.
حول مذبحة رمسيس كتب روبرت فيسك:
برك الدماء أصبحت مشهدا يوميا في القاهرة
إنها وصمة عار…بل الفصل الأكثر خزيا في تاريخ مصر..إنها مذبحة رمسيس..لقد كان أعوان الشرطة، الذين يرتدي بعضهم أقنعة سوداء، يطلقون النار على المتظاهرين من فوق سطح مركز الأمن برمسيس و الأسطح المجاورة. لقد أطلقوا النار حتى على العربات المارة في طريق المطار.
المشهد يزداد فضاعة عندما تترجل وتصعد بعض الدرجات من الرخام الوردي في مسجد الفتح حيث الدماء لم تجف بعد و أعداد كبيرة من المصابين الملقون على السجاد المنسوج وهم ينزفون…وهناك في ركن نائي سجيت 25 جثة…حين رفع الدكتور إبراهيم اليماني الغطاء عن الجثث كانت اثار الطلقات تتوزع بين الرأس والصدر والوجه.
نحن اذا ازاء مذبحة رمسيس..برك من الدماء تراق أسبوعيا ان لم يكن يوميا..بينما كان المصلون يؤدون الصلاة كان فريق من المسعفين يحاول انقاذ حياة أحد المصابين بجروح خطيرة. « سوف يفارق الحياة » صاح أحد الأطباء المسعفين، ليرتفع العدد الى 26 قتيلا. لقد تحدث الفريق المسعف عن اصابته برصاص انشطاري قسم رأسه الى نصفين حتى عاد وجهه غير وجهه.
كان الذباب يتجمع حول إحدى الجثث وبجانبها رجل يذرف الدموع بحرقة. كان الطاقم الطبي يكتب أسماء الضحايا على أجسادهم العارية كل ما تسنى التعرف على أصحابها: « زيد بلال محمد » كتب على صدر أحد القتلى..هنا في مصر لايزال الميت يستحق الأسماء… كانت اخر الجثث التي تم إحضارها إلى المسجد تعود الى » أحمد عبد العزيز حافظ »…لقد كان هناك 250 جريحا أحصاها الأطباء في حضوري.
ما كان غير عادي، ربما ليس بالنسبة للحشود الذين اعتادوا على هذه البلطجة، هو أن ترى بعض وجوه القتلة أمامك. لقد كان هناك رجل محلوق الشعر وذا شوارب فوق سطح مركز الأمن يلوح بمسدسه في الهواء ويصرخ في وجوه الحشود المتجمعة أسفله في الطريق السريع. وكان على يساره شرطي بزيه الأسود، لاصق الى الجدار شاهرا سلاحه الأتوماتيكي في اتجاه السيارات المارة في الطريق السريعة. وأخذ يطلق الرصاص حتى مرت إحداها بيني وبين سائقي لكنها كانت موجه الى الساحة التي يتواجد فيها المتظاهرون .
قبل ساعة كنت أتحدث الى أحد أعوان الأمن في مسجد رابعة المحترق في مدينة نصر- مسرح مذبحة الاربعاء..وخاطبني أحدهم بابتسامة قائلا: « نحن نقوم بعملنا، والجيش يتفرج ». كانت هذه من أهم الحقائق التي توصلت اليها بالأمس. فقد كان الجيش يقف على بعد حوالي ميل من المذبحة التي شهدتها ساحة رمسيس، وكان العسكريون يجلسون فوق مدرعاتهم النظيفة. لادماء على أزياءهم الناصعة.
لمدة ساعتين، اجتاحت نيران الشرطة حشود المتظاهرين. كانت هناك عربتان مصفحتان تابعتان للشرطة تظهران من حين لاخر وتطلقان النار بكثافة باتجاه الساحة من المدفع المثبت فوقها. عند نقطة واحدة يمكن سماع مدفع رشاش يطلق النار على حشد من 20.000 الى 30.000 ، وفي وقت لاحق، ربما 40.000 شخص ،بالتأكيد ليس مليون متظاهر كما ادعى الإخوان المسلمون.
قد تكون جماعة الإخوان المسلمين أصرت على المواجهة كي تؤكد أنها لازالت موجودة، لكن ذلك لا يمثل بأي حال من الأحوال عذرا للشرطة كي تحصد أرواح المتظاهرين. أضن أن ما قاموا به ليس بسبب عدم الانضباط. لقد صدرت لهم التعليمات بالقتل فنفذوا ما أمروا به. وبعد عمليات التقتيل هذه ربما علينا أن نضع كلمة قوات « الأمن » بين ظفرين..فلا أدري عن أي أمن يتحدثون.
عندما كنت أتابع هذه المشاهد المرعبة كانت أول كلمة تبادرت إلى ذهني هي »عيب »… في قلب واحدة من أكبر مدن العالم والمعروفة لدى الملايين، وعلى بعد حوالي ميل عن روائع المتحف المصري وكنوز توننخمان، و200 متر من قصر العدالة- اذا كان يمكن أن نطق كلمة « عدالة » أصلا في القاهرة بعد ما حدث من مذابح. فأعوان الأمن الذين تتمثل مهمتهم في حماية الأرواح صوبوا نيران أسلحتهم باتجاه الآلاف من مواطنيهم ببساطة من أجل قتلهم. هذه هي مصر بعد سنتين من الثورة التي كان من المفترض أن تأتي بالحرية و العدل والكرامة. على الديمقراطية السلام بالنسبة للوقت الحالي.

وعن السجناء الذين قيل أنهم توفوا خنقا بالغاز المسيل للدموع كتب روبرت فيسك:
تراجيديا وطنية مسرحها مشرحة القاهرة النتنة
لقد تم شواءهم.. كان ذلك أول تعبير تبادر إلى ذهني عندما رأيت بقايا السجناء ال34 الذين قتلوا وهم بين أيدي البوليس المصري السبت ليلا.
لقد قيل أن هؤلاء السجناء الذين تم اعتقالهم في ساحة رمسيس بعد أن قام الجيش والشرطة باقتحام مسجد الفتح حاولوا الاعتداء على الأعوان الذين كانوا يحملونهم إلى سجن أبو زعبل فكان رد أعوان أمن الدولة باستعمال الغاز المسيل للدموع داخل السيارة التي تقلهم ففارقوا الحياة خنقا حسب رواية السلطات المصرية.
وبعد أن شاهدت جثثهم المرعبة في مشرحة القاهرة النتنة لا يسعني الا أن أقول أن هؤلاء المساكين -الذين لم يقترفوا أي جريمة ولم توجه لهم أي تهمة والذين هم ضحية حالة الطوارئ المجيدة التي ابتليت بها مصر الان- قد قتلوا بأبشع ما يكون.
في بعض الأوقات يكون مجرد الوصف غير قادر على نقل بشاعة الجريمة التي تعرض لها القتلى. وخشية أن ينساهم التاريخ أو لا يفيهم حقهم، أخشى أنه يجب علينا مواجهة الواقع. لقد كانت الجثث منتفخة ومتعفنة بطريقة فضيعة…أجساد الضحايا تعرضت الى الحرق من الرأس حتى أخمص القدمين.
أحد القتلى كانت له حفرة في رقبته قد تكون نتيجة طعنة سكين أو رصاصة. ورأى زميل لي 5 جثث مماثلة وكانت الحفر في الرقبة نتيجة تعرضها للرصاص..أما خارج المشرحة فكانت مجموعة من البلطجية المرتزقة لدى الداخلية يحاولون تخويف الصحفيين ومنعهم من الاطلاع على فضاعة المشهد.
هذه اذا مذبحة أبو زعبل التي سيظل يذكرها التاريخ تماما كمذبحة رابعة و مذبحة النهضة و مذبحة رمسيس و مذابح أخرى يبدو أنها في الطريق.
ترجمة عمر بوعيسي عن »ذي أندبندنت » البريطانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.