أطاح الربيع العربي بعدد من النظم الدكتاتورية و الاستبدادية التي قامت منذ عقود على استنزاف موارد بلدانها وطاقاتها.وما ثورة 14 جانفي... إلا دليلاً واضحاً على خروج الطغاة والإستبددين الذين عاثوا في الأرض فساداً ودمروا الاقتصاد التونسي . واليوم تتصدر الأحزاب الإسلامية صدارة المشهد السياسي والاقتصادي مما يجعلنا نتسأل حول مستقبل اقتصادنا في ظل السياسات المتبعة من قبل الحكومة التي تنتمي إلى حركة النهضة الإسلامية. ويحملنا هذا التساؤل أيضاً إلى البحث في أبجديات الاقتصاد الإسلامي ومدى تطابقه مع المجتمع التونسي علماً و أن الاقتصاد الإسلامي لا يمت إلى الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي بصلة . وفي هذا الإطار يتنزل موضوعنا حول الاقتصاد الإسلامي في تونس ورهاناته في ما يتعلق بالاقتصاد التونسي. كما سنتطرق في هذا الموضوع إلى المعاملات والمبادلات التجارية في المصارف الإسلامية . ولتوضيح الرؤيا في هذا المجال اتصلنا بالسيد رضا الشكندلي باحث في الاقتصاد الإسلامي والمالية الإسلامية في حركة النهضة الذي تولى تفسير المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي خاصةً ما يتعلق بالصيرفة الإسلامية بقوله:"إن الاقتصاد الإسلامي هو مجموعة من المبادئ التي تنص عليها الشريعة الإسلامية وهو يقوم على العدالة الاقتصادية والتوزيع العادل للثروات وأصوله أيضاً مستوحاة من الأحاديث النبوية ويتم تطبيقها على أرض الواقع خاصةً ما يتعلق بملكية المال وهو مال الله والإنسان مستخلفٌ فيه. « المعاملات في المصارف الإسلامية أفادنا محدثنا أن المعاملات في المصارف الإسلامية تخضع لمعايير وهي المرابحة والإجارة والاصطناع والمضاربة والمشاركة أيضاً وتخضع إلى قانون المالية لسنة 2012 و تعتمد القرض الحسن وتعمل على تحديد استعمالات الزكاة. إمكانية تعميم الاقتصاد الإسلامي في تونس و فيما يتعلق بإمكانية تطبيق الاقتصاد الإسلامي والعمل به في تونس أكد لنا السيد رضا الشكندلي أن تونس تزخر بالموارد الطبيعية والبشرية حيث نستطيع استغلالها وبالتالي يمكننا الاستغناء على التداين من الغرب خاصةً أنها تعيش في أزمة اقتصادية كبرى . الفقراء والمساكين من أولويات الاقتصاد الإسلامي وأشار محدثنا أن الزكاة هي طريقة لمساعدة الفقراء والمحتاجين وأعلن أنه سيتم إنشاء بيت زكاة في تونس برئاسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية . أوضح أن 2.5% هي قيمة الزكاة وهو ما يعني أن نسبة 2.5% من زائد الحاجة يدفع زكاة للإنفاق توجه إلى الفقراء وهي تعد زكاة تصاعدية.وأضاف أن كل زيادة في موارد الزكاة هو نقص في نسبة الفقر .كما أكد على ضرورة بعث مشاريع صغرى للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة . معالجة الفساد المالي والرشوة وعن عنصر الفساد المالي والرشوة يقول محدثنا :" أن الشريعة الإسلامية تنهى عن الفساد والحرام ،فالإقتصاد الإسلامي يحد من ظاهرة الرشوة المتفشية في البلاد منذ عقود فلا يجوز بالتالي للإنسان أن يكسب مالاً حراما يضر به الناس وهو ما يعد كسباً من معصية .إذن فتحديات الاقتصاد الإسلامي هي زرع قيم أخلاقية في المعاملات الاقتصادية وهكذا يكون للاقتصاد الإسلامي دور في مساعدة الدولة بمجابهة أعباء نفقاتها خاصةً أنها تعاني من عجز في الميزانية وبالتالي يمكن للعدالة الاقتصادية والتوزيع العادل للموارد وإلغاء التفاوت أن يحسن من أداء اقتصادنا الوطني في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية « ولكن هل يمكن لتونس تحقيق الاكتفاء الذاتي في الاقتصاد الوطني ؟ انعكاسات انهيار "منطقة الأورو" على الاقتصاد الإسلامي تعتبر منطقة الأورو بالنسبة للاقتصاد التونسي أهم وجهة من حيث المبادلات التجارية و نظراً أن الاقتصاد الأوروبي هو اقتصاد معولم أي يخضع إلى قانون اقتصاد السوق الحر وبالتالي فإن الاقتصاد التونسي يخضع أيضاً إلى نفس التوجهات ومع انهيار منظومة الأوردو والإعلان عن فك الارتباط بين البلدان الأوروبية في الآونة الأخيرة حيث عادت كل دولةٍ إلى عملتها الأصلية و هذا ينبئ بانعكاسات كبيرة على اقتصادنا الوطني الذي ماانفك يعيش أزمات منذ العهد النوفمبري الذي انتهج سياسة الخوصصة ونهب القدرات الاقتصادية الوطنية . ورغم كل هذه التوضيحات الهامة يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن النهوض بالاقتصاد التونسي من خلال الاقتصاد الإسلامي ؟ المستقبل وحده هو الكفيل بالإجابة حنان الصحراوي