نشر المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي، محرز الغنوشي، اليوم الخميس، منشورا على فايسبوك، بيّن من خلاله النتائج والمخاطر المتوقعة لارتفاع حرارة البحر الأبيض المتوسط بفارق يصل إلى 5 درجات مئوية عن المعدلات العادية. واوضح الغنوشي ان البحر الأبيض المتوسط، يشهد تغيراً مناخياً متسارعاً، حيث سجّل العلماء ارتفاعاً في درجة حرارة مياهه بفارق يصل إلى 5 درجات مئوية فوق المعدلات الطبيعية خلال فترات الصيف الأخيرة. وشدد الغنوشي على ان هذا التغير الحراري الاستثنائي ليس مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل إنذار مناخي خطير يُنذر بانعكاسات مباشرة وعميقة على الطقس والمناخ أولاً، ثم على البيئة، الاقتصاد، الصحة، والاستقرار الاجتماعي في كامل منطقة المتوسط. وتتمثل نتائج ومخاطر الطقس والمناخ في: 1. تفاقم موجات الحر الشديدة يساهم البحر الدافئ في رفع حرارة الهواء فوق السواحل، ما يؤدي إلى: -تسجيل درجات حرارة قياسية متكررة. -طول موجات الحر وتوسعها زمانياً وجغرافياً. -تأثير مباشر على فئات ضعيفة (المسنين، الأطفال، العمال، المرضى…). 2. اضطراب الأنظمة الجوية المتوسطية -ارتفاع حرارة البحر يؤثر على توزيع الضغط الجوي، مما يؤدي إلى: -عواصف رعدية محلية عنيفة وغير متوقعة. -أمطار طوفانية خلال ساعات قليلة (Flash Floods). -زيادة شدة الأعاصير المتوسطية المصغّرة (Medicanes). 3. تغيّر نمط الأمطار -تراجع الأمطار المنتظمة وزيادة الأمطار المفاجئة. -تقلبات حادة في المواسم الزراعية. -ازدياد الفجوة بين فترات الجفاف وفترات الغرق المفاجئ. 4. تسارع ذوبان الجليد القطبي -الحرارة الزائدة في المتوسط تسهم في تغذية التيارات الدافئة العالمية، مما يؤدي إلى: -ذوبان الجليد في القطب الشمالي. -ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي. -تغيّرات في حركة التيارات البحرية الكبرى. اما النتائج البيئية المباشرة لاحترار البحر الابيض المتوسط فتتمثل في التالي: 1. تدهور النظام البيئي البحري -نفوق واسع للكائنات البحرية بسبب نقص الأوكسجين. -انتشار أنواع دخيلة (مثل قناديل البحر السامة، وأسماك غير مألوفة). -تناقص التنوع البيولوجي وتراجع السلسلة الغذائية البحرية. 2. تدمير الشعب المرجانية ومروج البوسيدونيا ارتفاع الحرارة يؤدي إلى تبييض المرجان وموت المروج البحرية، مما يؤثر على: -نقاء المياه. -حماية السواحل. -مناطق تكاثر الأسماك. هذا وتتفرع نتائج هذه الظاهرة الخطيرة، لتشمل الجانبين الاقتصادي والاجتماعي: 1. تهديد قطاع الصيد البحري -تراجع الإنتاج البحري. -تغيّر توزيع الأسماك المعتادة. -تهديد مباشر لأرزاق الصيادين المحليين. 2. تأثير سلبي على السياحة الساحلية -فقدان جاذبية الشواطئ بسبب نفوق الكائنات البحرية أو تلوث المياه. -خطر متزايد على السياح من قناديل البحر أو الفيروسات المنقولة. 3. تآكل السواحل وتهديد البنية التحتية -تفاقم تآكل السواحل بفعل التمدد الحراري وارتفاع الأمواج. -تضرر المنشآت السياحية والموانئ. اما المخاطر الصحية لارتفاع درجات حرارة البحر المتوسط فتتمثل خاصة في: 1. انتشار الأمراض المنقولة بالمياه -تكاثر البكتيريا مثل Vibrio في المياه الدافئة. -زيادة حالات التسمم من الأسماك والمحار. -ارتفاع خطر الأمراض المعوية والجلدية. 2. ظهور أمراض استوائية ارتفاع الحرارة والرطوبة يشجع انتشار بعوض ناقل لأمراض مثل: -حمى الضنك. -الشيكونغونيا. -زيكا. اما المخاطر الاستراتيجية فتشمل: 1. ضغط على الموارد المائية والزراعية -زيادة التبخر من السدود والبحيرات. -تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية. -ارتفاع أسعار الغذاء والماء. 2. الهجرة المناخية والنزوح الداخلي -المجتمعات الساحلية المهددة بالفيضانات أو التلوث قد تضطر للنزوح. -ضغط إضافي على المدن الداخلية. -إمكانية تصاعد التوترات الاجتماعية. التوصيات والإجراءات المستعجلة على المدى القريب: -دعم مراكز الرصد الجوي والبحري المتوسطي. -تعزيز قدرات الإنذار المبكر والوقاية من الكوارث الطبيعية. -توعية المجتمعات الساحلية وتدريبها على خطط الإخلاء والتأقلم. على المدى المتوسط: -إرساء شراكات متوسطية لمجابهة التغيرات المناخية. -حماية الغطاء النباتي البحري والساحلي. -إدماج المناخ في السياسات الاقتصادية والزراعية والبيئية. وفي ختام تدوينته، شدد الغنوشي على ان ارتفاع حرارة البحر الأبيض المتوسط ليس مجرد مؤشر بيئي، بل حدث مناخي بالغ الخطورة، يتطلب استجابة عاجلة وشاملة، مشيرا الى ان المنطقة المتوسطية، بما تحمله من إرث حضاري وثقافي واقتصادي، تواجه تحدي القرن الذي يفرض علينا الاستعداد والتكيّف والتعاون..