طالب عشرات من أبرز علماء الدين الإسلامي والشيوخ والشخصيات العامة الإسلامية المعروفة، الحكومة التونسية باحترام المقدسات والمؤسسات الدينية التي تتعرض لاعتداءات صارخة، على حد قولهم. وقال أكثر من تسعين عالماً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم الإسلامي في عريضة مشتركة وقعوها وصدرت يوم الخميس الماضي، إنهم منشغلون بعمق "بوضع الدين الإسلامي وشعائره ومؤسّساته في البلاد التونسية، التي ينصّ دستورها على أن الإسلام دين الدولة". وتساءل العلماء في بيانهم "كيف يسوغ أن تقع مثل هذه الاعتداءات على أقدس المقدّسات"؟، مشيرين إلى ما قالوا إنه تواتر لديهم من "وقوع مخالفات شرعية واعتداءات متعدّدة ومتكرّرة على الدين الإسلامي، من حظر للباس النساء الشرعي، مروراً بإغلاق الكتاتيب ومنع الأمالي القرآنية، وتأميم المساجد والجوامع، وتجريم التدريس فيها، إلى تدنيس المصحف الشريف". واستشهد البيان بالبلاغ الذي أصدره فرع رابطة حقوق الإنسان ببنزرت، والذي صدر في الأول من حزيران (يونيو) الماضي، من أنّ مدير سجن برج الرومي الضابط عماد العجمي، اعتدى بالعنف على السجين أيمن الدريدي، كما أخذ المصحف الشريف وضرب به السجين المذكور، وأثناء الضرب سقط المصحف من يده على الأرض فركله بقدمه، وفق ما ذكرت العريضة. وقال العلماء والمفكرون "نعبّر عن استيائنا البالغ من هذه الاعتداءات الصارخة التي طالت مقدّسات الإسلام في تونس، بلاد جامع الزيتونة"، داعين الحكومة التونسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية وجزائية، عقاباً للجناة ومنعاً لتكرار مثل هذه الاعتداءات، على حد تعبيرهم. كما طالبت العريضة الحكومة التونسية "بالتزام مقتضيات البند الأوّل من الدستور، وذلك بإلغاء القرار لإداري المعروف بالمنشور 108 وسواه من المناشير والقوانين المخالفة للشرع الإسلامي"، على حد تعبير العريضة. يُشار إلى أنّ المنشور 108 يمنع ارتداء الحجاب (غطاء الرأس) في جميع المؤسسات الإدارية والتعليمية، ويحرم بمقتضاه آلاف النساء من العمل أو متابعة تعليمهن. هذا وتأتي هذه العريضة الموجهة للحكومة التونسية، إثر أيام قليلة من صدور البيان الختامي للجمعية العامة الثانية للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، التي انعقدت يومي 10 و11 تموز (يوليو) الجاري في مدينة اسطنبول التركية، الذي ورد فيه تلميحاً للحكومة التونسية بانتهاكها لبعض الحقوق الدينية لمواطنيها. فقد جاء في البيان المذكور "يقف الاتحاد موقفًاً مماثلاً من حقوق الأكثريات المسلمة في بعض البلدان الإسلامية التي تنتهك سلطاتُها حقوقَ الأكثرية الإسلامية؛ فتحرم نساءها من ممارسة حقّهنّ الطبيعي في ارتداء اللباس الإسلامي، أو تضيّق على الملتزمات به، وتضطهد الملتزمين بدينهم لا لشيء إلاّ أن يقولوا: ربُّنا الله! بل قد يصل الأمر إلى حدّ تدنيس المصحف الشريف، والاستهانة بشعارات الإسلام وشعائره، من قِبل زبانية بعض هذه الأنظمة. ويدعو هذه الدول إلى الالتزام بدساتيرها التي تنصّ على مرجعية الإسلام لقوانينها، والانصياع لرغبات أكثرية شعوبها، إن كانت كما تزعم أنظمة ديمقراطية"، كما جاء فيه آنذاك. ومن بين الموقعين على البيان؛ الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ حارث الضاري، الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والدكتور عبد اللطيف محمود آل محمود مفتي البحرين، والدكتور أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس الوقف السني في العراق، والدكتور عبد الله بن بية نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وآية الله محمد علي التسخيري أمين عام مجمع التقريب بين المذاهب إيران، والشيخ إحسان هندريكس رئيس مجلس القضاء الأعلى في جنوب أفريقيا، إلى جانب عشرات العلماء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي. *نشر على الوسط التونسية