تنشغل فرنسا حالياً ومعها دول الاتحاد الأوروبي، في التعرف على حسناء تونسية تدعى ياسمين ترجمان (24 عاماً) التي تأجل عقد قرانها في الأسبوع المقبل على إريك بيسون (52 عاماً)، وزير الهجرة الفرنسي، خوفاً من تعرض العريسين لاعتداءات من المعارضين السياسيين لبيسون وحكومته، بعد تلقيهما تهديدات. وجاءت التهديدات لبيسون عقب قراره الأسبوع الماضي، بطرد الغجر من أصول رومانية وبلغارية من فرنسا إلى بلادهم، الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي، وفجّر من جديد الجدل حول مسألة الغجر التي تعاني منها الدول الأوروبية في شكل عام، نتيجة لطريقة حياة هؤلاء الناس الذين ما زالوا يعيشون مثل القبائل الرحل متنقلين من مكان إلى آخر واستفادتهم من الحدود المفتوحة أمام مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خصوصا الدول الموقعة على اتفاقية شينغن. وعقب القرار، اتهم بيسون بأنه متعصب عرقياً للعنصر أو الجنس الفرنسي ويكره الغجر. ولم يكن قرار طرد الغجر أول قرار مثير للجدل يتخذه بيسون، إذ سبق اتهامه في العام الماضي بأنه كان يقف خلف قرار منع ارتداء الحجاب في المدارس والأماكن العامة في فرنسا. لكن فجأة ظهرت على الساحة ياسمين ترجمان، التونسية المسلمة التي تدرس الفن في إحدى الجامعات الفرنسية، لتنقذ بيسون من هذه التهم. وترتبط ياسمين المتحررة اجتماعياً بعلاقة قرابة مع وسيلة زوجة الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة. وترجمان ليست أول عربية تنشغل بها فرنسا، إذ سبقتها في الأعوام الثلاثة الأخيرة المغربية رشيدة داتي، التي اختارها الرئيس نيكولا ساركوزي كوزيرة عدل في أول حكومة تم تشكيلها بعد فوزه بالرئاسة. وذاع صيت داتي عندما تبين أنها حامل. ورغم أنها وضعت وليدتها لم تكشف عن هوية والد الطفلة وتركت الموضوع نهباً للإشاعات التي اجتازت حدود فرنسا لتصل إلى إسبانيا، حيث هدد رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أزنار بمقاضاة عدد من الصحف الإسبانية والفرنسية التي اتهمته بأنه والد طفلة داتي. وخرجت داتي من الحكومة في تعديل وزاري جرى العام الماضي، وخفت نجمها رغم انتخابها رئيسة لبلدية الدائرة السابعة في باريس. وكان من المفروض أن يُعقد قران ياسمين على إريك الخميس المقبل في مقر بلدية الدائرة السابعة تحت رعاية داتي، زميلة بيسون السابقة في الحكومة. وعبّر بيسون عن غضبه من التهديدات التي تلقاها لتعطيل حفل الزواج والتي ظهر ما يزيد على ألف تهديد منها على موقع «فيسبوك» على الإنترنت. وقال انه فضل إلغاء الحفل، وإجرائه في موعد آخر وفي مكان غير معلن عنه، حرصاً منه على عدم تعرض عروسه وأبنائه من زيجاته السابقة (زواجه من ياسمين هو الرابع) وأقاربه، لأي اعتداءات. كما اكد أنه فضل إلغاء الحفل وتأجيله لسبب مبدئي، لأنه يرفض أن تصرف أموال خزينة الدولة على تأمين الحماية له في يوم عرسه، نافياً أن يكون ساركوزي أحد المدعوين في العرس الملغي. وكان بيسون تعرّض في الماضي لحملة شبيهة بالحملة التي تعرض لها ساركوزي ذاته بعد طلاقه من زوجته السابقة وزواجه من كارلا بروني. واتهم بيسون من جانب سيلفي برونيل (50 عاماً) إحدى الزوجات الثلاث السابقات والتي عاش معها نحو 25 عاماً، بأنه محتال واعتاد على الخيانات الزوجية. واتهمته بأنه مقدم على الزواج من امرأة في عمر بناته. ونفى بيسون إشاعة راجت في وسائل الإعلام الفرنسية عن قرب اعتناقه الديانة الإسلامية، لكي يتمكن من الزواج من ترجمان. وهاجم زوجته السابقة برونيل وقال انها «لا تستحي». وكان موقع باللغة العربية على الإنترنت يدعى «بخشيش»، ذكر أن بيسون زار تونس في نهاية العام الماضي مع ياسمين للتعرف على عائلتها والحصول على موافقتهم على زواج ابنتهم منه. وجاء في الموقع أن بيسون عبّر عن رغبته في اعتناق الديانة الإسلامية لتسهيل معاملة زواجه من ياسمين، ما اضطر الوزير إلى إصدار بيان عبّر فيه عن احترامه العميق للديانة الإسلامية، لكنه نفى فيه ضمنياً اعتناقه الإسلام. يشار إلى أنه، من دون علاقته الجديدة مع ياسمين ترجمان، يعتبر بيسون شخصاً مثيراً للجدل في فرنسا كونه مولوداً في الأساس في المغرب لوالدين فرنسيين، اضافة إلى أنه كان في الماضي أحد رموز الحزب الاشتراكي، لكنه انفصل عن الحزب وانضم إلى الحزب الديغولي اليميني وساهم في دعم حملة ساركوزي الانتخابية، فحصل لقاء هذه المساهمة على مكافأة مجزية من ساركوزي بتعيينه وزيراً للهجرة. فانتقال بيسون المفاجئ من اليمين إلى اليسار ينظر إليه بمثابة خيانة للمبادئ الاشتراكية والانضمام إلى صفوف الأعداء. الأمر الذي سبب له عداوات كثيرة ووضعه في دائرة الضوء التي تتوجه إليها الأنظار بلا توقف. وكان رئيس الاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل باروسو، هاجم الاثنين الماضي قرار الحكومة الفرنسية بخصوص طرد الغجر ودعا «رؤساء الدول الأوروبية لتجنب إرث الماضي من التعصب والتمييز العرقي». وأضاف: «على الحكومات الأوروبية احترام حقوق الإنسان، حتى الخاصة بالأقليات العرقية. فالتعصب العرقي والشوفيني لا مكان له في أوروبا». فهذا الكلام شديد اللهجة جاء بعد أيام من قرار طرد الغجر وكان موجهاً للحكومة الفرنسية ولرئيسها ساركوزي ووزير الهجرة فيها بيسون، الذي لم يشفع له اقترانه بياسمين ترجمان التونسية.