الملك تشارلز يعرض طائرة الملكة إليزابيث الفاخرة للبيع    عاجل/ وفاة امراة حامل وكهل غرقا بهذا الشاطيء..    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    عائدات التحويلات والسياحة    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    السويداء.. قتيلان في اشتباكات مسلحة خرقت وقف اطلاق النار    نتنياهو يطلب من الصليب الأحمر المساعدة في تقديم الرعاية للأسرى المحتجزين بغزة    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    إدارة مهرجان أيام قرطاج السينمائية تكرّم في دورتها السادسة والثلاثين، الموسيقار الرّاحل زياد الرّحباني    حضر بالآلاف وأشعل الركح: جمهور قرطاج «يتسلطن» مع نانسي    مهرجان الفنون الشعبية بأوذنة: الفنان وليد التونسي يعود للركح ويستعيد دفء جمهوره    صفاقس...«فيزا» في مهرجان عروس البحر بقرقنة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    أخبار الحكومة    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    النجم الساحلي يكشف تعاقده رسميا مع ماهر بالصغير والسنغالي الحسن دياو    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    بنزرت: انتخاب هيئة جديدة لجمعية صيانة المدينة بمنزل جميل    باجة: تجميع ربع الانتاج الوطنى من الحبوب وموسم الحصاد يقترب من نهايته    المنستير: الإعداد لإحداث ماجستير مهني في مجال الإضاءة المستدامة والذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    تعيين مثير للجدل: ترامب يسلّم منصباً قضائياً لإعلامية من أصول عربية    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    غدًا.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : الجيش سيعود إلى ثكناته
نشر في الوسط التونسية يوم 11 - 11 - 2011

استقراء الدور المستقبلي للجيش التونسي يحتّم علينا أن نفهم أولاً موقعه قبل الثورة وكيف تعامل معها
ما الدور الذي ستلعبه المؤسسة العسكرية التونسية في فترة ما بعد الثورة وفي المرحلة الانتقالية المفترضة إلى الديموقرطية: ريادي وسيادي بمرجعية عسكرية سياسية، أم مراقب لشؤون البلاد من دون التدخّل في القرارات السياسية؟
شهد المجتمع التونسي خلال أيام الثورة وبعدها صعوداً لدور المؤسسة العسكرية التي كانت شبه غائبة عن الساحة السياسية والاجتماعية قبل ذلك. هذه المؤسسة كانت قد أزعجت الرئيس بورقيبة على أثر محاولة الانقلاب العسكري في عام 1969، التي حُك.م خلالها على العديد من الضباط بالإعدام أو السجن. وقد عمد بورقيبة بعدها إلى تقييد قدرات الجيش ليعطي للحرس الوطني صلاحية مراقبة هذا الأخير في العام 1968، ما أوجد عداوة بين الجهازين.
الوقاية خير من علاج :
حين انتقل الحكم إلى زين العابدين بن علي، لم يدّخ.ر الرئيس الجديد جهداً لمواصلة سياسات بورقيبة. وفي عهده وقعت أيضاً أحداث 1991 التي اتُّه.مَت فيها مجموعة من الضباط بالإعداد لانقلاب عسكري. لكن وفق عدد من الضباط المتّهمين، كانت هذه تهمة باطلة ولا تعدو كونها جزءاً من سيناريو حاكه بن علي كي يحذّر الضباط من مغبّة التفكير في السلطة السياسية. ولا ننسى هنا أنّ بن علي له خلفية أمنية، وكان مهتمّاً إلى حدّ بعيد بالإقصاء التام للجيش عبر تطبيق وصفة «الوقاية خير من علاج». لكن اليوم، وبعد الثورة، يتبيّن أن الشعب التونسي استفاد من سيناريو واستراتيجية بن علي، وكذلك فعلت المؤسسة العسكرية. فالجيش لم يعد يطمع بالسلطة السياسية، لأنه يفتقر إلى التجربة والتاريخ السياسيين والإيديولوجيا. صحيح أن الشعب نادى، قبل 14 يناير وبعده، بتدخّل المؤسسة العسكرية في السلطة، خاصة أن الفريق أول رشيد عمار قال لزين العابدين بن علي إنه لم ولن يطلق النار على المتظاهرين. لكن الجيش في الواقع لم يطمح إلى تسلم السلطة السياسية. ساعد الجيش في الحفاظ على مؤسسات الدولة حين سقط النظام. وقد تم ذلك على أثر التصريح الذي أدلى به رشيد عمّار (والذي بات يُعرَف ب«تصريح القصبة اثنين») حين وعد بحماية الثورة والبلاد. ثم إن وزارة الدفاع لا تَني تؤكّد مراراً وتكراراً أن هدفها هو تأمين المسار الديموقراطي والمدني وليس فرض سلطة العسكر. اكتفى الجيش بتوفير الأمن وحماية الشعب، وبقيت المؤسسة العسكرية متماسكة. كما نجحت المؤسسة العسكرية في الاحتفاظ بالصدقية والشرعية القانونية، في حين كانت باقي مؤسسات الدولة تفقد الشرعية الشعبية، خاصة منها مؤسسة الأمن الداخلي التي كانت تُعرَف بفسادها وبأنها العصا الغليظة لبن علي التي تسبّبت بقتل المتظاهرين وقمعهم إبّان الثورة وبالطبع قبلها. علاوة على ذلك، كانت المؤسسة القضائية مشكّكا بها هي الأخرى، ويسري الأمر نفسه على الحكومة المؤقتة المشكّك بشرعيتها هي الأخرى لأنها وُل.دَت من رحم النظام السابق. وهكذا تم إسقاط الحكومتين الأولى والثانية، أما الحكومة الحالية برئاسة الباجي قائد السبسي، فلم تف. بوعودها أو مارست العديد من التجاوزات، ففقدت الشرعية الشعبية.
الدور المرتقب :
نعود الآن إلى التساؤل: ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة العسكرية في المطبخ السياسي التونسي بعد الانتخابات؟ وهل تمتلك المؤسسة العسكرية ما يكفي من النضج السياسي كي تساير الانتقال الديموقراطي؟ ثم، هل سيعود الجيش التونسي إلى ثكنه لاستئناف مهامه التقليدية بعد الإشراف على الانتخابات وتهيئة الأرضية السياسية والاجتماعية والأمنية للبلاد؟
الواقع أنه سيكون للمؤسسة العسكرية دور عسكري لتلعبه الآن وبعد انتخابات المجلس التأسيسي. فسبَقَ لها قبل أيام أن وفّرت الحماية للانتخابات، كما اضطلعت بدور لوجستي فيها عبر توفير كل المعدات والمستلزمات من نقل بري وبحري وجوي. ووفق ما أعلنه ممثل وزارة الدفاع العميد مختار بن النصر، فإن «الجيش التونسي سيعود بعد الانتخابات إلى مراكزه العسكرية ليقوم بأعماله العادية وليعيد النظر في مؤسسته، علماً بأن هذه المؤسسة تعمل على انتداب الكثير من الشباب».
وترى المؤسسة العسكرية أنه يجب القبول بنتائج الانتخابات كيفما جاءت، حتى ولو صبّت في مصلحة الإسلاميين. ويشدّد الضباط على أنه لا توجد سيناريوهات محتملة تستند إلى نتائج الانتخابات، وعلى ضرورة إعطاء الشعب التونسي الحرية والمسؤولية لتحديد خياراته من دون أي تدخّل داخلي أو خارجي.
التطمينات قوية، لكن هل المجتمع التونسي مطمئن لها؟ ألا يخشى من حدوث سيناريو جزائري في تونس؟
لا يخفي بعض التونسيين مخاوفهم حيال دور المؤسسة العسكرية بعد الانتخابات على صعيد القرارات السياسية. هذا على الرغم من أن هذا الموضوع ليس له صدى عام ولم يُطرَح كمادة نقاش أو جدل لدى شرائح المجتمع عدا أقلية فيه.
إضافة إلى ذلك، تعتقد بعض النخب أن ما يُطَمئ.ن هو أن الجيش التونسي ليست له تركيبة تقليدية. فهو غير مبن على أساس ديني أو عرقي أو جهوي أو طائفي، بل يستند إلى معايير أكاديمية، وإلى ذهنية منفتحة على المدارس العالمية هدفها تحويل الجيش إلى أكبر الجيوش العربية ليس في الكم بل في الكيف.
كثير من الاختلافات :
وعلى أي حال، التجربة الجزائرية لا يمكن أن تتكرر في المجتمع التونسي، فالجيش التونسي يختلف تماماً عن الجيش الجزائري في تركيبته وتكوينه وطريقة عمله. كما أنه ثمة تباينات كثيرة بين المجتمعين وبين التجارب الثورية في كلا البلدين. كذلك تختلف المؤسسة العسكرية التونسية تماماً عن المؤسسات العسكرية العربية. فالجيش في مصر له طابع سياسي منذ الانقلاب العسكري للضباط الأحرار بقيادة عبدالناصر في الخمسينات. فهو يتدخل في الشؤون السياسية للبلاد. كما أن له طابعاً ايديولوجياً بحكم الاقتراب الجغرافي من العدو الإسرائيلي والصراع العربي - الإسرائيلي. وبالتالي، تكوين الجيش المصري يختلف تماماً عن تكوين الجيش التونسي. وهنا يجب أن نلتفت إلى حقيقة أن الشعب المصري هو مَن بدأ الثورة، لكن مَن استلم السلطة السياسية كان الجيش.
انطلاقاً من ذلك كله، يمكن أن نتوقّع العودة شبه الكلية للجيش التونسي بعد الانتخابات إلى ثكنه ومراكزه، حيث سيقوم بمراجعة الذات وتدارك ما عاناه من تهميش وإضعاف. أما الحديث عن مستقبل سياسي تونسي بثوب عسكري، فهو ليس ممكناً لا بل هو آخر سيناريو يمكن أن يتخيّله الشعب التونسي، لأنّ السلطة كانت بالفعل في متناول الجيش لكنه لم يستغلّها.
ينشر بالترتيب مع نشرة الاصلاح
العربي - كارنيغي للسلام الدولي
نقلا عن صحيفة القبس الكويتية - عدد 12 نوفمبر 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.