يعجبني تفاؤلك، وأحييك على الإصرار عليه، رغم الأشواك التي تلقاها في الطريق، أو يتعمد إلقاءها عليك بعض المحيطين. وأرجو أن تستمر في ذلك بما أوتيت من قوة. فالتفاؤل والأمل قوة.. واليأس والتشاؤم ضعف.. الأمل والتفاؤل حياة .. واليأس والتشاؤم موت .. ولا شيءَ كالأمل والتفاؤل – بعد الإيمان – يولّد الطّاقة، ويَحْفز الهمم، ويدفع إلى العمل، ويساعد على مواجهة الحاضر، وصنع المستقبل الأفضل . وما لنا ألا نتفاءل ما دام الزمنُ يجري ، وما دامت الأيامُ يُداولها الله بينَ الناس ، وما دام التغييرُ سنّة الحياة ، وما دمنا نثق بربّنا، ونثق بأنفسنا؟ يصر الآخرون على أن لا يظهر للناس سوى جانب مظلم (حقا أو باطلا) من واقع الوطن، ويدعون مع ذلك الحنين إلى الوطن، والشوق إليه، والدفاع عنه. وينسون للأسف أن الحنين الحقيقي لا يورث سوى الرقة في المشاعر.. يظنون أن كل مدح لجانب مشرق من الوطن يشكل مديحا للسلطان ورضى بما يحصل من زلات وأخطاء ومظالم.. فيصبح كل مديح في حق الوطن محرّما.. وينسون أن مدح الوطن هو مدح للأهل وللأرض أساسا.. وأن العدل يقتضي أيضا أن يقال للمحسن أحسنت عند تحقق إحسانه. يريدون منك أن تنسى الأشياء الجميلة في حياتك، وتدوس على قلبك لمجرد أن ترضي غيرك، أو لمجرد أن ظروفا أخرى شوهت وجه الوطن.. بينما تصر أنت على إظهار مواطن الجمال في الوطن، واستحضار الذكريات الجميلة. يريد الآخرون أن لا نرى سوى كل شيء مظلم في الوطن.. بينما تريد أنت أن نرى النور في الأرجاء الأخرى منه. يريد الآخرون أن نصر على الحزن.. بينما تريد أنت أن نسعد رغم كل شيء. لذلك، دعني أهمس في أذنك: كلامك أحبّ إلي من كلامهم. فاستمر في الحديث عن الزيتون، والدقلة، والبحر، والرمال، وكل جميل في الوطن. فكلامك يحيي الأمل في قلوبنا، ليوقظ إحساسنا بالجمال، ويشعرنا أن الحياة تستحق أن نعيش من أجلها.