لا شيء في موريتانيا يثير الجدال هذه الايام مثل العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل. وكانت هذه العلاقات قد شكلت موضوعا للشد والجذب بين المرشحين التسعة عشر خلال حملة الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث تعهد اثنان من هؤلاء المرشحين بقطع هذه العلاقات مع اسرائيل وهما صالح ولد حننا ومسعود ولد بلخير. والآن وبعد ان انتهت الانتخابات الرئاسية، فان الموريتانيين يطالبون الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله بقطع هذه العلاقات، حيث يقول بوبكر ولد حي وهو تاجر هواتف إن موريتانيا ليست لديها ادنى مصلحة في اقامة مثل هذه العلاقات، بينما يقول الطالب الجامعي محمد بأن هذه العلاقات تسيء لموريتانيا وتضر بصورتها العروبية. وعبر طلاب كثيرين في جامعة نواكشوط عن وجهة نظر مماثلة، قائلين انهم يريدون من الرئيس ولد الشيخ قطع العلاقات مع اسرائيل على الفور. وكانت هذه العلاقات تأسست ابان عهد الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد الطايع وقيل آنذاك ان تأسيس هذه العلاقات جاء لاسباب تكيتيكة وهو رأي يؤكده محمد فال ولد سيدي ميلة رئيس تحرير صحيفة العلم الموريتانية. ويرى ولد سيدي ميلة إن نظام ولد الطايع كان يواجه الكثير من المشاكل المرتبطة ببروز ملفات العبودية والرق وحقوق الانسان واختفاء وتعذيب عدد من الضباط الزنوج في الجيش خلال السنوات التي تلت المواجهات مع السنغال عام 1989، اضافة الى تردي علاقاته مع فرنسا، مشيرا الى ان هذه العوامل دفعت ولد الطايع الى البحث عن تحالف جديد مع الولاياتالمتحدة، وان الاعتراف باسرائيل شكل البوابة الامثل لاقامة مثل ذلك التحالف حسب رايه. ويعتبر كثيرون إن العلاقات بين اسرائيل وموريتانيا لم تتجاوز مستوى السفارات، الا ان رئيس تحرير صحيفة العلم يقول إن موريتانيا استفادت بشطب بعض ديونها، وكذلك باقامة معهد اسرائيلي في نواكشوط لابحاث السرطان. ويوصف المعهد الذي ما يزال قيد البناء بأنه الاول من نوعه في الشرق الاوسط، الا ان رئيس تحرير العلم يعتبر ان مشكلة هذا المعهد مثل مشكلة العلاقات الدبلوماسية وتتعلق باخفاق النظام كليا في تسويقها لدى الشعب الموريتاني. ومهما يكن من امر، فان اسرائيل التي تبعد بالاف الاميال عن موريتانيا تبدو حاضرة بكثافة في المشهد الموريتاني، على الاقل بحشد المدرعات والجنود التي تحرس مقر سفارتها في نواكشوط او اقامة سفيرها هناك.