أود قبل كل شيء بصفتي رئيسا شرفيا للرابطة، وأيضا باسم رفاقي في المؤتمر من أجل الجمهورية، تهنئتكم على الصمود الذي أظهرتم دفاعا عن استقلالية منظمتنا وشرفها ووظيفتها طوال المعركة الجديدة التي فرضها عليكم النظام. لا أدري وأنا أكتب لكم هذه التهنئة وشكري دعوتكم لحضور المؤتمر واعتذاري عن عدم حضوره للأسباب القاهرة التي تعرفون ، هل سيلتئم أم هل سيمنع بالقوة. إن أخشى ما أخشاه أن يتم منع تجمعكم الشرعي بالوسائل المعروفة لنظام لا يتعامل مع خيرة ما في المجتمع إلا من خلال الشرطي الفظ والقاضي الفاسد والسجان الجاهل. وفي هذه الحالة لن يستغرب أحد أن يأتي الأمر من مأتاه ونحن أمام نظام استعمل منذ انتصابه المشئوم كل الوسائل لتحييد الرابطة توزيرا وحلا ّ وتنظيما للانقلابات الداخلية ومحاصرة ... كل هذا عبثا. والحق يقال أن فشل هذه الوسائل في كسر شوكة الرابطة واستعمالها هي الأخرى في تزيين الواجهة البشعة للاستبداد سيبقى نموذجا ودرسا للجميع. هو سيبقى درسا لاستبداد متخلف تصور أنه يمكن لشخص وجهاز بوليسي أن يصنع مؤسسات المجتمع المدني وأن يتحكم فيها تحت واجهة تعددية مزيفة تكفل للمستبد منافع الظاهر ومنافع المخفي.فقد ألقمت الرابطة بنضالها المتواصل واستقلاليتها الأبية حجرا لمثل هذا التصور منذ بداية التسعينات .ثم جاءت بعد ذلك ولادة المجلس الوطني للحريات والأحزاب غير المعترف بها ومختلف اللجان الوطنية لمساندة هذه القضية أو تلك، لتثبت حدود سياسة افترضها صاحبها قمة الدهاء وهي بئر بلا قاع من الغباء. إن مقاومة الرابطة للاستيعاب والتوظيف نموذج لكل مؤسسات المجتمع المدني مثل الاتحاد العام التونسي للشغل والأحزاب العميلة التي لم تفز من استسلامها المشين إلا بالخزي والعار. نحن لا نعلم في هذا المنعرج الحاسم في نضال شعبنا من أجل الاستقلال الثاني، هل الهجمة الشرسة لسلطة الفساد والتزييف والقمع هي بأمر من شخص مريض فقد أعصابه وهو يشعر باقتراب الآجال المحتومة ... أم هل هي نتيجة صراع عصابات داخل السلطة تريد واحدة المزايدة على الأخرى لترث مزرعة عائلة بن علي... أو تريد الثانية توريط الأولى لتبرز علينا يوما بأنها هي التي ستخلصنا من الدكتاتورية في مقابل تواصلها باسم جديد. كل ما نحن متأكدون منه أننا بصدد خوض معركة وجود للرابطة وللمجتمع المدني وللمجتمع ككل . فإما ننتصر بتوحيد كل القوى الحقوقية والسياسية والاجتماعية لفرض البديل الديمقراطي، وإما سيتواصل الخراب المريع الذي تعيشه بلادنا وهي كالجسم المريض الذي تمكنت منه جرثومة خبيثة لم يستطع لليوم الخلاص منها. ما من شك في إطار هذه المعركة المصيرية أن الرابطة قلعة هامة في خطوط دفاع الشعب عن سيادته وكرامته . فحافظوا ،سواء تم المؤتمر أم أرجأ، و كما فعلتم دوما ،على صمودها وشموخها إلى أن ترتفع على كل قلعة محاصرة راية الحرية وفقكم الله وتيقنوا أن كل التونسيين الأحرار ، ناهيك عن كل أحرار الوطن العربي والعالم ، وأنا على وجه الخصوص، معكم قلبا وقالبا. أخوكم منصف المرزوقي. عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان *** http://cprtunisie.net