نقابة الصحفيين تندد بحملة تحريض ضد زهير الجيس بعد استضافته لسهام بن سدرين    توزر: إمضاء اتفاقية بين ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية لتحسين إنتاجية وجودة المنتجات الحيوانية    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    الرابطة المحترفة الاولى: حكام مباريات الجولة 28.    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري دون تسجيل أضرار بشرية    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    عاجل/ هذه البلدية تصدر بلاغ هام وتدعو المواطنين الى الحذر..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"نصيبي من الحقيقة"..مذكرات وزير تونسي أسبق فر من الاعدام
نشر في الوسط التونسية يوم 09 - 10 - 2009

لم يكن محمد المزالي الوزير الاول في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة يعلم ان الزمن يخبيء له مفاجآت مرعبة بذلك الوقع الذي تحدث عنها في كتابه "نصيبي من الحقيقة" بعد ان كان أكثر المقربين من بورقيبة وأول مؤهل لخلافته على رأس الدولة التونسية في أواسط الثمانينات.
كتاب محمد المزالي مازال لا يوزع حتى الآن في تونس لكن المزالي اختار ان يروي ما عاشه في مذكرات تلفزيونية على تسع حلقات بدأت قناة المستقلة المملوكة للتونسي الهاشمي الحامدي ببثها هذا الاسبوع.
وقال المزالي الذي امر بورقيبة باعدامه عام 1986 بدعوى انه سعى للاطاحة به بتقرير طبي متحدثا عن كتابه "قصدت ان اختار عنوان نصيبي من الحقيقة لان لا احد يمكنه ان يدعي ان يملك الحقيقة كلها."
وتصدرت غلاف الكتاب صورة للمزالي مع بورقيبة الذي انهكه المرض في آخر فترة حكمه في الثمانينات حين كانت البلاد على وشك الانهيار اقتصاديا وسياسيا قبل ان يصل الرئيس زين العابدين علي للحكم في نوفمبر تشرين الثاني 1987 ويعيد بناء اسس دولة حديثة.
يروي الوزير التونسي السابق وعمره الان 80 عاما ان معاناته بدأت حين عزله بورقيبة من منصبه كوزير اول في الثامن من يوليو تموز 1986 رغم انه لم يكن من اللاهثين وراء الكراسي على حد تعبيره.
ويقول "شعرت بأنني تحررت لاني لم اكن متهافتا على الكرسي ولاني استمد قيمتي من ثقافتي خلافا لوزراء اخرين يستمدون قيمتهم من الكراسي."
ويضيف "لكن ما جرى هو ان المتكالبين على السلطة صنعوا لي مكيدة بما انهم اصبحوا ينظرون لي كرئيس دولة محتمل."
وينص الدستور التونسي على ان الوزير الاول يتولى رئاسة الجمهورية بصفة مباشرة في حال عجز الرئيس او وفاته.
ومضى يقول "بعد اقالتي استقبلني بورقيبة وكان لطيفا ووديا معي لكن بعد وقت قصير انقلب وطالب باعدامي قبل نهاية عام 1986 بعد ان حكوا له اني انوي تحضير انقلاب."
وتقلد المزالي منصب الوزير الاول في عهد بورقيبة منذ 1980 اضافة الى عدة وزارات اخرى منها الصحة والتربية والرياضة والدفاع.
وقال المزالي الذي كان يوجه حديثه الى التونسيين "ألقوا القبض على ابني وعلى صهري وضغطوا عليهم للاعتراف بأنهم اطراف في مؤامرة طبية تهدف للاطاحة ببورقيبة."
وأضاف بنبرة فيها كثير من الالم "المؤسف ايضا انهم اقتادوا ابنتي الى مخفر للشرطة تقتاد اليه عادة نساء الليل."
وقال انه رغم توقعه بما سيلحق بعائلته من اذى فانه اصر على الهروب من حبل المشنقة التي امر بها بورقيبة قبل نهاية ديسمبر كانون الاول 1986 .
وأضاف "الحل كان ان اهرب بكل الوسائل.. دبرت خطة للهروب بجلدي برا عبر الجزائر بمساعدة ضابط في الطيران التونسي يدعى رشيد عزوز."
وتابع "قررنا أن نبدأ رحلتنا واخترنا يوم 3 سبتمبر الموافق لعيد وطني كان الرئيس يحيي فيه احتفالا بالمنستير وكانت فيه قوات الامن والحرس مهتمة بحراسة الرئيس."
وارتدى المزالي "البلوزة" التونسية وهي لباس عادة ما كان يرتديه التجار التونسيون في ذاك الوقت متجها سرا الى حمام بورقيبة حيث طلب من احد المواطنين ان يوصله الى اقرب منطقة حدودية مع الجزائر.
وقال المزالي "مأساتي فيها بخت.. فقد استقبلنا المواطن وقدم لنا اكل وطلب من ابنه ان يقوم بتأمين مهمة عبوري للحدود."
لكن يبدو ان بخت المزالي كان ظرفيا جدا وعاد سوء الطالع ليرافقه حين عرفه ابن ذلك الشخص وقرر ان يقدم وشاية للحرس قبل ان يتدخل عزوز ويبدأ عراكا معه بينما فر المزالي في ظلام القرى الحدودية.
وقال الوزير الاول الاسبق انه عانى الامرين خلال قطع الوادي الحدودي حيث جرح وسال الدم من وجهه ومن يديه بعد ان لطمته الاغصان ولكنه اصر على متابعة سلك طريقه الوعرة.
ومضى يقول "مزق سروالي وكانت حالتي رثة وسقطت مرات وأرهقت لكني تذكرت في ذلك الوقت مقولة طارق بن زياد.. العدو امامكم والبحر وراءكم.. وأصررت على المضي قدما."
وأخيرا وصل الى قرية في الجزائر حيث وجد رجلا وابنه عرفاه بسرعة من خلال الخطب التلفزيونية التي كان يلقيها وأخذاه الى ثكنة للجيش وفق طلبه حيث ارتاح قليلا.
وأكد وزير بورقيبة الاول الاسبق انه راهن على رجولة الجزائريين وشهامتهم عند اقدامه على المغامرة وكان يتوقع منهم تقديم العون له.
ويبدو ان توقع المزالي كان في محله حيث اصر ضابط رفيع في الجيش القيام بواجب الضيافة معه قبل ان يصطحبه في رحلة الى العاصمة الجزائر حيث استقبله بالقصر الرئاسي الشاذلي بن جديد الرئيس الجزائري بنفسه.
واستقبل بن جديد الوزير التونسي المقال وبقي يتحدث معه لمدة ساعة ونصف الساعة وهي مدة لم تستغرقها محادثاتهما عندما كان وزيرا قبل ان يمكنه من تذكرة سفر الى جنيف ومبلغ اربعة الاف دولار.
وقال المزالي انه كان محظوظا لانه نجا من مشنقة بورقيبة ولانه نجا ايضا من موت على الحدود بسبب الذئاب وبسبب الالغام المزروعة في المنطقة الحدودية بين تونس والجزائر.
ومضى قائلا ان وصوله الى جنيف انهى متاعبه المادية لكن متاعبه المعنوية ظلت متلاحقة بتوجيه تهم اليه بسرقة اموال عامة ومواصلة اعتقال افراد من عائلته.
لكن بعد 15 عاما من بقائه في جنيف اعيد الاعتبار الى المزالي بفضل ما قال انه "قرار مهم من الرئيس زين العابدين بن علي" الذي اسقط عنه التهم وأعاد له كرامته بمنحه جوز سفر جديدا فيه مهنة وزير سابق متقاعد.
وقال المزالي الذي يقطن الان ضاحية سكرة في تونس "هذا اقصى ما اطلبه."
ويبدو ان غاية المزالي من كتابه "نصيبي من الحقيقة" لم تكن فقط تسليط الضوء على كواليس القصر الرئاسي في الثمانينات بل كانت ايضا بدافع اقناع شق واسع من التونسيين بأنه لم يسرق اموالا من الخزينة مثلما اتهم عام 1986 .
ويقول ملاحظون ان كتاب المزالي قد يجلب له تعاطفا كبيرا خصوصا بين صفوف الشبان الذين لا يتذكرون جيدا تلك المرحلة لكنه لا يمكنه بكل الاحوال ان ينسي الناس انه كان يسير حكومة بورقيبة بقبضة من حديد.
من طارق عمارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.