أكّد مرصد الشّفافية والحوكمة الرّشيدة ضرورة إصلاح المجلس الوطني للجباية حتى يقوم بدوره في إرساء العدالة الجبائية وتطهير المنظومة الجبائية من الأحكام الفاسدة. واعتبر مرصد الشّفافية والحوكمة الرّشيدة أنّ المجلس الوطني للجباية "فاقد للاستقلالية اللازمة"، نتيجة للأمر التّطبيقي عدد 1250 لسنة 2001 المؤرّخ في 28 ماي 2001 المتعلّق بضبط تركيبة المجلس الوطني للجباية وطرق تسييره، الذّي منح رئاسة المجلس لوزير المالية، بما الغى مهامه و"قبرها"، على حدّ وصفه. وبين المرصد في بيان أصدره، الاثنين المنقضي، بعنوان "من يقف وراء شلل المجلس الوطني للجباية والفساد الجبائي"، ان هذا الهيكل، "لم يقم بمهامه منذ سنة 2002 ولم ينجز ايّة دراسة إلى حدّ الان(…)، ناهيك انّ وزير المالية تكفل بكتابته وبالدّعوة لاجتماعاته ومقره الصوري موجود بوزارة المالية". وشدّد على "انّه كان بالإمكان المبادرة بصفة عاجلة بتطهير المجلس لكي لا تضم تركيبته الا المختصين في المادة الجبائية على غرار ما هو معمول به بفرنسا اين لا نجد اثرا لممتهني المحاسبة او مراقبي الحسابات وذلك من خلال تحوير الامر عدد 1250 لسنة 2001 في مرحلة اولى وكذلك الفصل 4 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية في مرحلة ثانية ". عرض مشاريع قوانين المالية بصفة صورية ويتولى المجلس الوطني للجباية، الذّي أحدث بمقتضى الفصل 4 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية، تقييم النظام الجبائي ومدى ملاءمته مع الأهداف المرسومة والمتعلقة خاصة بتوازن المالية العمومية وتحقيق النجاعة الاقتصادية والعدالة الجبائية. كما يبدي المجلس رأيه في جميع المسائل المتعلقة بالجباية المعروضة عليه . وتساءل المرصد اذا كان رئيس الجمهورية سيبادر في اطار قانون المالية لسنة 2023 بهذا الإصلاح واعداد استراتيجية وطنية لمكافحة التهرب والفساد في المجال الجبائي الذي يكلف الخزينة العامة سنويا عشرات مليارات الدينارات، ويفتح تحقيقا بخصوص الفاسدين المعطلين لمشروع القانون المتعلق بالمستشارين الجبائيين الجاهز برئاسة الحكومة وللإصلاحات التشريعية والمؤسسية اللازمة". واعتبر البيان "عرض مشاريع قوانين المالية بصفة صورية على ذاك المجلس، بمثابة التبرير لما يرد بها من احكام فاسدة من شانها نهب موارد دافعي الضرائب من منتجي الثروة دون مساءلة وتحصين المتهربين من دفع الضريبة وناهبي الامتيازات والدعم العمومي واثقال كاهل منتجي الثروة". كما استفسر المرصد عن عدم سعي المجلس الوطني للجباية لتنظيم مهنة المستشار الجبائي المحكومة بقانون 1960، بالنظر للمعايير الموضوعة من قبل الكنفدرالية الأوروبية للجباية الممثلة لأكثر من 200 الف مستشار جبائي وذلك "بغاية قطع الطريق امام السماسرة ومخربي الخزينة العامة وحماية المطالبين بالأداء وفسح المجال امام حاملي الشهادات العليا في الجباية الذين لا يمكنهم الانتصاب لحسابهم الخاص". وشدّد المرصد على ضرورة انعاش المجلس حتى يلعب دورا كبيرا في مجال الإصلاح الجبائي ومنحه كل ما يحتاجه من الموارد البشرية والمادية وكذلك الشخصية القانونية والاستقلالية التامة على غرار مجلس الاقتطاعات الوجوبية بفرنسا المرؤوس من قبل الرئيس الأول لدائرة المحاسبات والذي ساهم بصفة كبيرة في تطوير النظام الجبائي الفرنسي من خلال الدراسات العلمية التي ينجزها ويضعها على ذمة العموم بعد عرضها على رئيس الدولة وبالاخص تلك المتعلقة بمكافحة التهرب الجبائي بكل صرامة.