الغريب فيما يحدث بتونس هذه الأيام، أنه في زمن التحديات الكبرى والسعي لتطهير البلاد من جميع مظاهر الفساد المالي والسياسي والأخلاقي والإعلامي، تبرز شخصيات ذات تحركات مشبوهة وغير عادية، تهدف إلى النيل من هيبة الدولة واستهداف شخصيات سياسية بارزة بما في ذلك الرئيس قيس سعيد، رمز النزاهة والاستقامة الذي لم يسلم منهم. ويحاول هؤلاء، الذين قد يكونون ضحايا لأنفلونزا المراهقة السياسية أو ينفذون خططاً ذات أجندات أجنبية، إيهام الرأي العام التونسي والخارجي بأن ممارساتهم تمثل قمة المبادئ الشخصية والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. هذا الوضع دفع السلطات المعنية للتصدي لهذا التيار الجارف المعقد والمنظم والموجه، والذي يكتنفه مخاطر جمة، حيث أصبح من الضروري فك شفرات ورموز هذه الأحداث، وجاء الوقت لفتح كافة الملفات والتواصل مع الشعب عبر وسائل الإعلام العمومية لكشف تفاصيل ما يخطط لتونس اليوم. وهذا من شأنه توحيد الصفوف وإقامة الحوار الحقيقي المنشود مع جميع الأطراف الوطنية الفاعلة، القادرة على إضافة قيمة مرجوة لبناء تونس الجديدة، التي تعتمد على أبنائها المخلصين للوطن وحماية سيادته والمدافعين عن حقوق المواطنين وكرامتهم وحقهم في العيش في مناخ يسوده التوافق والتضامن والاستقرار على جميع الأصعدة. لا مجال اليوم لخلق أجواء متوترة ونشر الفوضى، فالوعي الجماعي لم يعد يقبل بخزعبلات المساومات ومناكفات الغوغاء. في هذا الزمن بدأت المقاومة الحقيقية والفعالة ضد بارونات الفساد، تلك الحيتان الكبرى التي فقدت نفوذها والقدرة على تجاوز القانون كحاجز بلاستيكي يمكن القفز من فوقه في أي زمان ومكان. والله أعلم، وللحديث بقية.