حقق المستشفى الجامعي بقابس نقلة نوعية في تاريخ الطب بالجهة، حيث تم لأول مرة إجراء عملية زرع قرنية ناجحة داخل هذه المؤسسة الصحية العمومية، في خطوة تؤكد تطور الكفاءات والإمكانيات التقنية في مجال جراحة العيون بالجنوب التونسي. و قد أشرف على العملية فريق جراحة العيون بقيادة الأستاذ المساعد الجامعي ياسين بلغيث، مستعينًا بتجهيزات طبية متطورة، من بينها ميكروسكوب جراحي من الجيل الأخير. و مكنت هذه التكنولوجيا المتقدمة من تنفيذ العملية بدقة فائقة، ما ساهم في تحقيق نتائج جراحية مثالية. و أُعلن عن هذا الحدث رسميًا يوم الأربعاء من قبل إدارة المستشفى، التي اعتبرته محطة مفصلية في مسار تطور خدماتها الطبية. ديناميكية طبية متواصلة و يأتي هذا النجاح تتويجًا لمسار من الإنجازات المتواصلة منذ عدة أشهر، إذ كان نفس الفريق الطبي قد أجرى في سبتمبر 2024 عملية زرع نسيج أمنيوسي لطفل يعاني من قرحة عميقة في القرنية، مما حال دون تعرّضه إلى ثقب لا رجعة فيه. و قد نُفذت هذه العملية بالتعاون مع المركز الوطني للنهوض بزراعة الأعضاء وبنك الدم بقابس، وشكّلت حينها مؤشرًا على الإمكانيات المتنامية في مجال جراحة العيون الدقيقة بالمنطقة. و مع إنجاز أول عملية زرع قرنية، يؤكد المستشفى الجامعي بقابس قدرته المتزايدة على تلبية حاجيات طبية متخصصة محليًا، وهي تدخلات كانت سابقًا حكرًا على المستشفيات الكبرى في شمال البلاد. التزام طويل الأمد من أجل الصحة العمومية و في بيانها الرسمي، توجهت إدارة المستشفى بعبارات الشكر والتقدير إلى كافة الإطارات الطبية وشبه الطبية التي ساهمت في هذا الإنجاز، مؤكدة عزمها على مواصلة تحسين ظروف الاستقبال والعلاج والتجهيز بالمؤسسة. و يتمثل الهدف المعلن في تعزيز الاستقلالية الطبية للجهة، والحدّ من التفاوت في فرص الحصول على الرعاية المتخصصة، من خلال تمكين الهياكل الصحية المحلية من الموارد البشرية والتقنية اللازمة. و عليه، فإن أول عملية زرع قرنية تُجرى في قابس لا تمثّل مجرد نجاح تقني، بل تحمل في طياتها رسالة أمل لمرضى الجنوب التونسي، وتجسّد إرادة طبية وسياسية لجعل الخدمات الصحية المتقدمة أقرب ما يكون إلى المواطن، أينما كان. رمز قوي لتونس أكثر عدلاً في مجال الصحة العمومية.