خطت ولاية جندوبة خطوة بالغة الأهمية في مجال الصحة العمومية، بفضل شراكة غير مسبوقة بين المستشفى الجهوي بجندوبة، مستشفى الرابطة بتونس و قسم الأعصاب بمستشفى سهلول بسوسة. فقد تمّ رسميًا إطلاق حلّ جديد للتطبيب عن بُعد، مخصّص للتكفّل بحالات السكتة الدماغية (AVC). هذه المبادرة الرائدة تتيح من الآن فصاعدًا للمرضى المصابين بسكتة دماغية في ولاية جندوبة الاستفادة من رعاية طبية عاجلة و متخصّصة دون الحاجة إلى مغادرة منطقتهم. إذ يمكن قراءة صور الرنين المغناطيسي (IRM) المُجراة محليًا في الوقت الحقيقي من قبل أطباء أعصاب عن بُعد، لا سيما من مستشفى الرابطة. وهو ما يسمح بتشخيص سريع وفوري، يُمكّن من حقن علاج انحلالي يستهدف إذابة الجلطة الدموية المسببة للسكتة. ولوج متكافئ ولا مركزي إلى الرعاية الصحية في السابق، كان يتعيّن على مرضى جندوبة في كثير من الأحيان التنقّل إلى تونس أو سوسة من أجل إجراء الفحوصات والعلاجات المتخصّصة، وهو تأخير كان يُعرّض حياتهم أو سلامتهم الجسدية للخطر. أمّا اليوم، فإن قراءة صور الرنين عن بُعد توفّر وقتًا ثمينًا، غالبًا ما يكون حاسمًا في حالات السكتة الدماغية، حيث تُعدّ كل دقيقة ضرورية لتفادي الشلل أو الوفاة. و يُساهم هذا النظام أيضًا في تعزيز العدالة الصحية بين المناطق، من خلال تقليص الفجوات في الحصول على الرعاية المتقدّمة. و هو يندرج في إطار توجه واضح نحو لا مركزية الخدمات الطبية المعقّدة، بفضل توظيف التقنيات الحديثة. تجربة نموذجية قابلة للتوسّع و قد رحّب المهنيون في القطاع الصحي بهذه التجربة الأولى في مجال التطبيب عن بُعد العصبي، واعتبروها نقطة تحوّل هامة في مسار تحديث المنظومة الصحية التونسية. وتندرج هذه المبادرة ضمن استراتيجية الرقمنة التي يعتمدها وزارة الصحة، والتي تهدف إلى تقريب الخدمات من المواطن وتحسين نجاعة النظام الصحي الوطني. و أشارت الوزارة إلى إمكانية تعميم هذا التوجّه على اختصاصات أخرى، مثل أمراض القلب أو العناية المركّزة، بدعم من المستشفيات الجامعية ذات الخبرات العالية. و بذلك، تؤكّد تونس من خلال هذا التطوّر التكنولوجي في جندوبة التزامها بتحديث منظومتها الصحية ومكافحة التفاوت بين الجهات. فالتطبيب عن بُعد، الذي لم يعُد ترفًا، يتحوّل إلى رافعة استراتيجية لإنقاذ الأرواح وتقريب التميّز الطبي من جميع المواطنين، أينما كانوا.