نشر الكاتب والمحلل الأمريكي الشهير توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز واحدة من أكثر مقالاته حدّة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، معتبراً أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الملاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية، يخوض حربًا لم تعد تهدف إلى حماية إسرائيل بقدر ما تسعى إلى إطالة بقائه في السلطة، حتى ولو كان ذلك على حساب الأرواح الفلسطينية، وصورة إسرائيل في العالم، ووحدة الشعب اليهودي نفسه. يرى فريدمان أن هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي شنّه حركة حماس وأسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وخطف 250 آخرين، قد وفّر في البداية مبررًا لرد عسكري. غير أن مواصلة القصف بعد تصفية معظم قيادات الحركة باتت، وفق تحليله، أداة سياسية بيد نتنياهو. وضرب مثالًا على ذلك بقصف مستشفى ناصر في خانيونس الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 20 شخصًا، بينهم خمسة صحفيين وعدة أطباء، واصفًا ما يسميه نتنياهو «أخطاء مأساوية» بأنه نتيجة مباشرة لسياسة تهدف إلى إطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى. الاستيطان والتهجير القسري اتهم فريدمان حلفاء نتنياهو المتشددين، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بدفع إسرائيل نحو توسيع الاستيطان في الضفة الغربية لإفشال قيام دولة فلسطينية، بل وتشجيع تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة تمهيدًا لضمّهما. وأوضح أن استخدام الجيش لإجبار مئات الآلاف من الغزيين على النزوح، وتدمير منازلهم، إلى جانب فرض قيود صارمة على دخول المساعدات الغذائية، يشكّل سياسة «مخزية ومتعمدة» للتهجير القسري. عزلة دبلوماسية متفاقمة أبرز المقال أن هذه السياسة بدأت تدفع إسرائيل إلى عزلة دولية متزايدة، حيث منعت سفينة سياحية إسرائيلية من الرسو في اليونان، وتعرض أطفال إسرائيليون للمنع من دخول حديقة عامة في فرنسا، كما ظهرت توترات دبلوماسية مع أستراليا. وكتب فريدمان: «لقد تدهورت صورة إسرائيل إلى درجة أن بعض الإسرائيليين باتوا يترددون في التحدث بالعبرية في الخارج». وحذّر أيضًا من الانقسام العميق داخل الجاليات اليهودية في العالم، بين مؤيدين يعتبرون دعم إسرائيل واجبًا أزليًا، وآخرين لم يعد بإمكانهم تبرير الحرب. وفي الولاياتالمتحدة، أشار إلى انقسام الحزب الديمقراطي بين تيار يخشى مواجهة نفوذ اللوبي الإسرائيلي (AIPAC) وآخر يرفض بشكل متزايد سياسات نتنياهو التي يعتبرها غير قابلة للاستمرار. نحو «انتحار جيوسياسي» خلص فريدمان إلى أن إسرائيل تسير نحو «انتحار جيوسياسي»، إذ تخسر شرعيتها الأخلاقية وحلفاءها الإقليميين والغربيين في آن واحد. ودعا إلى تدخل عاجل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوضع حد لهذا الانزلاق، لكنه أبدى خشيته من أن ينجر ترامب خلف خطاب «النصر الكامل» الذي يرفعه نتنياهو، على غرار ما حدث عندما اتّبع بوتين في أوكرانيا. وختم بالتحذير من أن استمرار الحرب بصيغتها الحالية يعرّض إسرائيل إلى تهميش متزايد دوليًا وانقسام داخلي أعمق داخل المجتمع اليهودي والعالمي. تعليقات