منذ أربعة أشهر، تحضر تونس بقوة على منصات التواصل الاجتماعي بفضل مؤثرين دوليين. فقد سلطت مقاطع الفيديو والصور وال"ستوريز" الضوء على المناظر الطبيعية والثقافة وكرم الضيافة التونسي، إلى حد جعل البلاد وجهة رائجة لصيف 2025. هذه الموجة الرقمية، الغنية بالفرص، تستحق تحليلاً معمقاً لقياس أثرها وتوجيه إستراتيجية وزارة السياحة في مجال الاتصال. عندما يروي المسافرون قصة تونس للعالم الأصوات الناطقة بالإنجليزية شخصيات بارزة في عالم السفر أعادت لتونس حضوراً على الساحة العالمية. * درو بينسكي (3 ملايين متابع) نشر مقاطع فيديو مليئة بالحماس خلال زيارته لتونس العاصمة، مؤكداً على حرارة الاستقبال وحيوية الأسواق. * Traveltomtom (770 ألف على إنستغرام، 1,6 مليون على تيك توك) شارك مقاطع قصيرة انتشرت بشكل واسع، أبرز فيها العروض المحلية ("1,5 دولار للكيلوغرام من الفاكهة") ومناظر سيدي بوسعيد، محققاً عشرات الآلاف من الإعجابات. * الثنائي البريطاني HandLuggageOnly حوّل بحس فكاهي حادثة تحويل رحلة جوية إلى اكتشاف إيجابي للمدن العتيقة التونسية. * حادثة الأميركيتين بريتني دزيالو وصديقتها، اللتين هبطتا في تونس خطأً معتقدتين أنهما وصلتا إلى نيس، حصدت 18 مليون مشاهدة على تيك توك. ورغم انتقاداتهما، كان التفاعل عبر المنصات في معظمه سخرية منهما، مع تذكير واسع بغنى البلاد الذي لم تعرفا تقديره. الأصوات الناطقة بالفرنسية في فرنسا وبلجيكا وكندا، أشاد مدونون ومؤثرون على إنستغرام بتنوع التجارب السياحية في تونس: سيدي بوسعيد، الأسواق التقليدية، الحمامات، وصحراء دوز. * عدة منشورات لاقت انتشاراً واسعاً أوصت بمسارات "أفضل 5" تجمع بين الشاطئ والتراث. * عارضة الأزياء التونسية العالمية ريم السعيدي لمست ملايين المتابعين برسالة وجدانية: "Tunisia, how much I miss u ❤️". * رحلات صحفية نظمت أواخر أوت أظهرت وجه تونس الفاخر: فنادق 5 نجوم، منتجعات مثل Thalassa Monastir، ومأكولات راقية. المبدعون الناطقون بالعربية من الخليج إلى المغرب العربي، زار مؤثرون بارزون تونس وشاركوا تجاربهم: * كارن وازن (7 ملايين متابع، لبنان/دبي) أقامت في تونس ووثقت لحظاتها. * مدونون كويتيون وسعوديون نشروا فيديوهات من قرطاج والصحراء، مثنيين على الأجواء العربية-المتوسطية. أما محلياً، فقد تُوجت المدونة راية بوعلّيق (Pink Trip) بلقب أفضل مؤثرة سفر لعام 2025، بعدما روجت بنشاط لصورة تونس دولياً. الصدى الآسيوي * في الهند، أعادت قناة NDTV قصة الأميركيتين، ووصلت إلى ملايين القراء. * مدونون هنود نشروا فيديوهات إيجابية بعنوان "Indian in Tunisia" حول الصحراء والعاصمة. * في الصين واليابان، قدّم بعض المبدعين عبر Douyin والمدونات تونس ك"جوهرة متوسطية"، غالباً من خلال مواقع تصوير "Star Wars" أو العمارة الفريدة لسيدي بوسعيد. الرسائل البارزة * جوهرة خفية: تونس وُصفت بأنها وجهة جميلة، غير مقدّرة بما تستحق، رخيصة ومضيافة. * تجارب متنوعة: شواطئ، صحراء، تراث عتيق وحياة حضرية. * الضيافة: كرم التونسيين موضوع متكرر. * القيمة مقابل السعر: مقاطع عديدة شددت على الأسعار المنخفضة مقارنة بوجهات أخرى. * انتقادات محدودة: بعض الملاحظات الفردية انتقدت مستوى بعض خدمات الفنادق أو نوعية الوجبات – نقاط يجب معالجتها لتفادي تضخيمها. فرص أمام وزارة السياحة * الاستثمار في الانتشار الرقمي: تحويل قصة "السائحتين التائهتين" إلى حملة دعائية ساخرة تروّج لتونس ("إذا أردتم أن تضلوا الطريق، فلتكن وجهتكم هنا!"). * تعزيز الشراكات: استهداف مؤثرين ذوي تفاعل عالٍ (مثل Traveltomtom أو Drew Binsky) لإطلاق حملات مشتركة. * إبراز التنوع: توظيف الروايات القائمة لإظهار أن تونس تعني البحر + الصحراء + الثقافة + الضيافة. * تحسين تجربة الزائر: الاستجابة للملاحظات النادرة عبر الاستثمار في تكوين كوادر الفنادق وتحسين جودة المأكولات – وهي تحسينات سينقلها المؤثرون فوراً لجماهيرهم. * التوسع نحو آسيا: الإشارات الإيجابية من الهندوالصين واليابان تستوجب ترسيخها عبر شراكات موجهة وحملات باللغات المحلية. * توظيف الرقمي كرافعة أساسية: السرد البصري القوي (مقاطع قصيرة، Reels، تيك توك) هو الآن الصيغة الأكثر جذباً للاهتمام. خلال أربعة أشهر فقط، قدم المؤثرون لتونس دعاية دولية لا تُقدّر بثمن. وصارت البلاد تُرى كوجهة صاعدة، ساحرة وميسورة الكلفة، رغم بعض الانتقادات المحدودة. بالنسبة لوزارة السياحة، هذه نافذة استراتيجية: تحويل الديناميكية الرقمية إلى حملة منظمة، تعزيز الروايات الإيجابية، معالجة نقاط الضعف، ووضع تونس في صدارة الوجهات المتوسطية خلال السنوات المقبلة. تعليقات