هل هو مهووس بالارتياب؟ منذ 21 أكتوبر الماضي، يقضي الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لياليه في سجن "لا سانتيه"، لكن ربما ليس لوقت طويل — وربما فقط. إذ من المقرر أن تُنظر يوم الإثنين المقبل في طلبه للإفراج المؤقت، وسط توقعات قوية بقرار إيجابي، خاصة بعد إطلاق سراح أحد المتهمين في ملف التمويل الليبي. إلى أن يحين ذلك، يعيش ساركوزي أيامه في قسوة الاعتقال كما يستطيع. تشير التقارير إلى أن الرئيس الأسبق لم يتناول وجبات السجن منذ أكثر من أسبوعين، مكتفيًا بالياغورت فقط، خوفًا على سلامته — وهو خوف ليس بلا مبرّر. فبحسب ما نقلته الصحافة الفرنسية، لم يكن استقبال النزلاء له وديًا على الإطلاق. لياليه مضطربة، تملؤها الضوضاء الصادرة من مجاورين لم يتوقعوا أن يعيشوا بجوار "نجم" من نجوم الجمهورية. و رغم وجود حراسة مشددة ترافقه في كل لحظة — من أعوان السجن إلى ضابطين مسلحين لا يفارقانه — فإن الأجواء تبقى مشحونة. فالتوتر بلغ حدًا جعله يخشى أن يُدسّ له شيء في طعامه. ولذلك، يرفض رفضًا قاطعًا تناول أي وجبة تُقدَّم له من إدارة السجن، وفق ما أفاد به موقع لو بوان. و يبدو أن هاجسه الأكبر هو التسميم أو التعرّض لأي محاولة إفساد لطعامه. هكذا تتبدّى حدود الشجاعة الجسدية والنفسية، سواء كان رياضيًا يواظب على ركوب الدراجة أم لا. و مع ذلك، فإن ساركوزي كان قد أطلق كلمات التحدي فور خروجه من محكمة باريس، حين قال أمام عدسات الكاميرات إنه لا يخشى السجن. بل أعاد التأكيد على ذلك في أحد المطاعم التي اعتاد ارتيادها بعد ساعات فقط من صدور الحكم. لكن يبدو أن "حقائق الأمس" لم تعد هي نفسها اليوم. مقاطعة وجبات السجن خيار ممكن، لكن لا بد من بديل للبقاء حتى العاشر من نوفمبر. الحل الأمثل كان أن يطبخ بنفسه، مستخدمًا مكونات يختارها و تحت مراقبة حراسه. غير أن المشكلة، كما نقل أحد المقربين منه للصحافة الفرنسية، هي أنه "لا يعرف حتى كيف يطبخ بيضة!" و لعلها نتيجة طبيعية لحياة أمضاها بين قصور الجمهورية المذهّبة — من عمدة إلى وزير مرارًا ثم رئيس دولة — و هي حياة لا تترك مجالًا كبيرًا للاعتماد على النفس. و مع استمرار هذا الامتناع عن الأكل، تتصاعد المخاوف في محيطه بشأن حالته الصحية. ويُطرح السؤال : في أي حال سيكون حين يخرج من السجن؟ و يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التسريبات المدروسة إلى وسائل الإعلام ستلين قلوب القضاة الذين سينظرون في طلب الإفراج. يوم الإثنين سيكون حاسمًا: إمّا أن يُقبل الطلب، أو تُغلق الأبواب عليه من جديد. تعليقات