لا أحد ينكر أن التحرّش الجنسي موجود في مواقع العمل ووسائل النقل العمومي.. وعديد الأماكن العامة، ولا يمكن أن ننكر انتشار هذه الظاهرة، التي تعتبر من المسائل المسكوت عنها لأنها تحتاج إلى أدلة وإثباتات ولا يمكن أيضا استثناء مؤسسات التعليم من هذه الممارسات الدنيئة .وما تجريمها قانونيا إلا دليل على أنها ترتقي إلى مستوى الجريمة لأن المتحرش بهم (إناثا وذكورا) هم في النهاية ضحايا.. في وسائل النقل العمومي تتعرّض المتزوجة والطالبة والأم للتحرّش كما في مواقع العمل.. لكن الملفت للانتباه أن الأيام القليلة الماضية شهدت "انفجارا" حول التحرّش الجنسي في الحرم الجامعي، ووجهت أصابع الاتهام إلى قامات في التدريس بالجامعة.. وظهرت حكاية في أحد معاهد التعليم العالي بصفاقس. لكن السؤال الذي طرح نفسه:لماذا في هذا الوقت بالذات فضح أمر تحرّش الأستاذ الجامعي بالطالبة؟.. ألا يوجد من يقف وراء هذه الأزمة .؟. ألا يعدو الأمر أن يكون مجرد تصفية حسابات بين البعض؟ التحرّش الجنسي يعاقب عليه القانون، ولكن عند ظهور الفضيحة فجأة وينقض على الفرصة القاصي والداني ثم تنشر على شبكات التواصل الاجتماعي وبسرعة مهولة ،يصبح الأمر مقصودا.. و في النهاية تشهير بالمربين والمكونين ورجال العلم وهو ما لا يرضاه أحد للمؤسسة الجامعية التي تخرّج منها الأقطاب والعلماء والكفاءات العلمية.. ورغم أنه لا أحد يدافع عن هذا المتحرش أو ذاك ،خاصة إذا لم تثبت المسألة بالأدلة والوقائع ،فإنه من العيب التشهير بالآخرين ومن العار تحويل تصرف فردي إلى ظاهرة عامة سواء في الجامعات أو حتى في مواقع العمل. فمثل هذه التهم عادة ما تستعمل للابتزاز وتشويه سمعة الآخرين ،خاصة ،إن هم من أوساط مهنية حساسة لا تقبل الخدش أو بفضاءات معينة لها علاقة بمختلف شرائح المجتمع. إذن فلا إفراط ولا تفريط.. لأن الفضيحة أشد على المرء وقعا من أية عقوبة أخرى .