أعلنت مؤخرا وزارة الفلاحة عن جملة من الإجراءات الاستثنائية لفائدة صغار ومتوسطي الفلاحين والبحارة لتيسير آليات التمويل الصغير من قبل البنك الوطني الفلاحي وجمعات التمويل الصغير، وذلك في اتجاه تنفيذ خط تمويل المشاريع الصغرى في سياق منظومات اقتصادية. من بين أبرز الإجراءات المقرة عدم المطالبة بشهادة الكفاءة المهنية بالنسبة للقروض الموسمية ضمن مكونات الملف، وكذلك عدم المطالبة بشهادة ملكية للأراضي الفلاحية والاقتصار على أية وثيقة تثبت استغلال الأرض من شهادة حوز أو تصرف أو عقد كراء.. تنص الإجراءات أيضا على تمكين المنتفعين بقرار التخلي عن الديون التي تقل عن5 آلاف دينار من الحصول على قروض فلاحية جديدة. والتوجه نحو مزيد تمويل المشاريع الفلاحية المندمجة لضمان إحداث المزيد من مواطن الشغل والترفيع في القمة المضافة. وتعطى أولوية التمويل للمشاريع المقدمة من قبل حاملي الشهائد العليا من مهندسين وفنيين والمتخرجين من مراكز التكوين المهن الفلاحي. وللإسراع في إنجاز ملفات التمويل يتأكد الحرص على عقد جلسات دورية بمختلف فروع بنك التضامن الجهوية. ويتأكد مع الفروع الجهوية لبنك التضامن الوطني وجمعيات التمويل وتمكين كل الولايات من الحصول على حاجاتها من التمويل بالنسبة لكافة المنظومات الاقتصادية الفلاحية والقروض الموسمية دون استثناء تماشيا مع طلبات وخصوصيات كل جهة. وفي قراءة لمجمل الإجراءات الاستثنائية المعلنة أكد كريم داود رئيس النقابة التونسية للفلاحين أهمية حزمة القرارات الرامية إلى تيسير آليات حصول صغار الفلاحين والبحارة على تمويل مشاريعهم الفلاحية وتذليل الصعوبات والعوائق التي طالما جعلت الفلاح خارج دائرة التمويل البنكي وغيره ومنها عائق الاستظهار بشهادة الملكية لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن تندرج سلة الإجراءات المعلنة في إطار مقاربة مستقبلية استراتيجية في التعاطي مع اشكاليات التمويل الفلاحي وإيجاد الحلول الهيكلية لها حتى لا يتوقف الأمر على تدخلات استثنائية على أهميتها لا تمثل أرضية دائمة وصلبة لحل معضلة التمويل. كابوس شهادة الملكية من وجهة نظر النقابة يعد قرار التخلي عن المطالبة بشهادة الملكية، من أهم الإجراءات التي طالبت بها بما يزيح عن القطاع أكبر عائق يحرم الفلاح الصغير من حقه في التمويل خاصة أن شريحة صغار الفلاحين الذين تقل مستغلاتهم عن10هك تمثل قرابة80 بالمائة وتشكل النسيج الأساسي لمختلف منظومات الإنتاج، آمللة أن يتطور الإجراء الراهن إلى معالجة أشمل وأعمق لملف التسوية العقارية للأراضي الفلاحية. الإجراء الثاني المندرج في إطار تذليل صعوبات النفاذ إلى التمويل يتعلق بعدم المطالبة بشهادة الكفاءة المهنية الفلاحية ليتسنى لعديد الفلاحين الذين يمتلكون الأراضي وتعوزهم هذه الشهادة الدخول في حلقة التمويل الصغير خاصة إذا تدعم مشروعهم بدراسة فنية، وإن يقر كريم داود في المقابل بأهمية توفر عنصر الكفاءة في تعاطي هذا النشاط لما يوفره من إضافة ومردودية أكبر لعملهم. وباعتبار تنوع مناطق الإنتاج وتباين خصوصياتها يأتي إجراء تمكين كل الولايات من الحصول على حاجياتها من تمويل بنك التضامن أو مؤسسات التمويل الصغير تماشيا مع خصوصيات كل جهة متناغما مع مقترحات النقابة التي تطالب بمراعاة هذا الجانب. وهي تؤكد على ضرورة التعامل مع الفلاحة الصغرى العائلية بعقلية وثقافة المؤسسة الاقتصادية بما يساعد على انصهارها الناجع مستقبلا في المشهد الاقتصادي العام والإقبال على تمويله دون مغالاة في مخاوف مخاطرته. من هذا المنطلق يعد مقترحها في إحداث بنك تعاوني فلاحي تتفرع عنه لاحقا فروع جهوية بنية القرب أكثر من الفلاحين وتمكينهم من قروض ميسرة وضمانها لمن لا يتوفر لديه هذا الشرط، يعد المقترح من أبرز المقترحات التي تقدمت بها النقابة في إطار مشروع قانون المالية لسنة2018. على أهمية الإجراءات الاستثنائية أو الجزئية المتخذة في ملف التمويل الفلاحي وحاجته الملحة لتسوية عاجلة وشاملة تبقى عديد القضايا الفلاحية الساخنة تراوح مكانها وتحتاج إلى حلول هيكلية طال انتظارها في وقت تزداد فيه تحديات القطاع تفاقما.