محمد هو ليبي قدم للعلاج في تونس بعد قيامه بمعاينة لدى طبيبه الخاص غادر المصحة متجها الى اقرب صيدلية لاقتناء حاجياته من الادوية التي وصفها له الطبيب لكنه تفاجأ بان بعض الادوية التي يحتاجها غير متوفرة خاصة المتعلقة بعمليات تصفية الدم.. وبعد نقاش مطول مع صاحبة الصيدلية تعهدت له بالاتصال بمزود لمحاولة توفير جزء من الكمية التي يحتاجها للعلاج. غادر محمد الصيدلية تاركا وراءه امل الظفر ببعض الادوية لمواصلة علاجه المتعلق بتصفية الدم خاصة وانه يعاني قصورا كلويا. لكن ليس محمد فقط من اصطدم بعدم توفر علاجه كذلك ادوية اخرى حياتية غير متوفرة لعديد المرضى زيادة على فقدان بعض تلاقيح الاطفال وهو ما يطرح مرة اخرى اشكالا متجددا في علاقة بأزمة نقص الادوية في تونس التي تعود لعدة اسباب ابرزها تراجع الدينار التونسي الذي كلّف الصيدلية المركزية اموالا طائلة خلال السنوات الاخيرة لعدة اسباب من بينها انتشار ظاهرة تهريب الادوية من تونس. «الصباح» تحدثت مع صاحبة صيدلية بجهة «العوينية» وهي جهة تعد قريبة من عديد المصحات الخاصة ويؤمها عديد المرضى من الذين يتلقون العلاج بمصحات البحيرة.. وقد اكدت محدثتنا الصيدلانية نجاة ان لكل دواء اهميته وليس هناك دواء ضروري وآخر غير ضروري. الصيدلانية شددت على ان هناك بعض التلاقيح الخاصة بالأطفال كانت غير متوفرة وبدأت تعود الى الاسواق شيئا فشيئا لكن يبقى للصيدلي دور في العمل على توفير الدواء ومطلوب منه ان يجتهد ويوفر حاجة المريض اما من الدواء الذي وصفه له الطبيب او عبر توفير ادوية جنيسة. نقص التمويل اكدت ايناس فرادي مديرة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة في تصريحها ل"الصباح" وجود بعض الاشكاليات بخصوص تمويل الادوية رغم التنسيق مع الصيدلية المركزية لتفادي أي نقص في الادوية وخاصة الحياتية منها، مضيفة ان هناك بعض العوامل الاخرى التي تؤدي بدورها الى نقص او فقدان بعض الادوية نتيجة لإشكاليات عالمية. وافادت فرادي بان المخزون المتوفر حاليا في المستشفيات العمومية يغطي الاستهلاك الوطني لمدة ثلاثة اشهر. وفي حديثه ل «الصباح» اكد المعز لدين الله المقدّم رئيس مدير عام الصيدلية المركزية ان تراجع الدينار التونسي في 2016 كلف الصيدلية المركزية 100 مليون دينار، مشيرا الى ان ازمة التزويد بالنسبة للدواء التي كانت تعاني منها الصيدلية المركزية بدأت تنفرج بعد ان تم استئناف عمليات التزويد بصفة عادية. وافاد ر.م.ع الصيدلية المركزية بان العجز الذي تعاني منه المؤسسة يقدر ب760 مليون دينار وهي ديون موزعة بين «الكنام» 55 بالمائة والمستشفيات 45 بالمائة، مضيفا ان الاشكال الاساسي يعود الى عجز الصناديق الاجتماعية عن تسديد ديونها الى صندوق التامين على المرض» الكنام». مخزون الدواء وفي سياق حديثه اشار المقدّم الى انه منذ موفى أكتوبر الفارط استأنف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلاص ديونه الى الصيدلية المركزية، مشيرا الى انه مستقبلا لن يتم التعرض الى مثل هذه الاشكاليات بعد ان تم تفعيل القانون المتعلق بضخ مساهمات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مباشرة الى «الكنام» في انتظار تفعيل نفس القانون بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وذكر ر.م.ع الصيدلية المركزية بان الميزانية المخصصة للصيدلية تقدر ب 1200 مليون دينار وان عدد الادوية التي تزود بها السوق تصل الى 2930 نوع دواء موزعة بين 2000 نوع دواء للقطاع الخاص و930 نوعا آخر للمستشفيات. واضاف محدثنا ان هناك مخزونا من الادوية يغطي الاستهلاك الوطني لمدة 5 اشهر في حين توجد انواع اخرى من الادوية مخزونها لا يغطي سوى 25 يوما فقط. وقال المقدّم ان الصيدلية المركزية هي منشأة عمومية تحتكر تزويد الدواء للمستشفيات العمومية والمصحات الراجعة بالنظر للضمان الاجتماعي وليس لها دخل في تسويق الادوية المصنعة محليا في القطاع الخاص بالنسبة للصيدليات كما ليس لها دخل في توزيع وبيع المستلزمات الطبية.