من المقرر أن يتم اليوم عقد الجلسة العامة التأسيسية للإعلان الرسمي عن تشكل الجبهة البرلمانية التي تم نشر أهدافها وأسماء أعضائها في وقت سابق من الأسبوع المنقضي. ولكن وقبل ولادة الجبهة رسميا يبدو أنها لا تخلو من تجاذبات واختلافات عميقة. فمن جهة تنتقد حركة نداء تونس بشدة هذه الجبهة، ومن جهة أخرى يشارك فيها نواب من كتلة النداء. أما الكتلة الوطنية والتي يشارك نواب منها في الجبهة وقد شاركت في مفاوضات تأسيسها فتنتقد بشدة الإعلان غير الرسمي المبكر عن الجبهة وتتهم من قام بذلك بخدمة مصالح حزبية. الأهداف المعلنة للجبهة تتراوح بين دعم الاستقرار السياسي والحرب على الإرهاب وتمرير المشاريع والقوانين. ويرى الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح ل»الصباح الأسبوعي» أن التفكير في إرساء جبهات سواء داخل البرلمان أو خارجه مشروع في إطار الصراع الديمقراطي. في المقابل يعتبر أنه «يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأحزاب الصغيرة أصبحت تخشى من سيطرة حزبي النهضة والنداء على المشهد السياسي. « معضلتان أمام الجبهة ويرى الجورشي أن أمام هذه الجبهة بالذات معضلتان: المعضلة الأولى تتعلق بأن العنصر الأساسي في بنائها والتفكير في تأسيسها هو مواجهة حركة النهضة وهي محاولة تندرج ضمن محاولات سابقة قامت على «الضد» وليس للبناء الذاتي الذي يرتكز على مقومات من شأنها أن تقدم بدائل سياسية واقتصادية واجتماعية..ويعتبر الجورشي أن التجارب السابقة أبانت عن فشل هذه المحاولات، التي كررت نفسها من خلال أنها تقوم بالأساس على مقاومة الآخر. أما المعضلة الثانية فهي أن جزءا من الجبهة البرلمانية ينتمي إلى حزب نداء تونس وحزب النداء يوجد داخل تحالف برلماني وغير برلماني مع حركة النهضة. ولذلك ومنطقيا لا يمكنه أن يواصل تعامله مع حركة النهضة في نوع من الاستراتيجية المزدوجة «مع و «ضد» في نفس الوقت. لذا فإن حركة نداء تونس تجد نفسها مدعوة إلى اتخاذ قرارات تنظيمية تجاه من التحق من نوابها بالجبهة الجديدة. هنالك تحد أمام الجبهة يوضح الجورشي مرتبط بكيفية التصرف إذا ما غادرها من انضم إليها من نواب كتلة نداء تونس والجبهة ستخسر الكثير إذا انسحب منها نواب نداء تونس، لأنها بذلك تصبح ضعيفة وغير قادرة على تغيير موازين القوى. ويعتبر محدثنا أنه علينا أن نتابع مسار الجبهة وننتظر نتائج هذه التطورات. النداء: الجبهة.. عملية انقلابية نداء تونس يرى أن هذه الجبهة تعمل ضد مصلحة الحزب وبالتالي فإن ثبت بالفعل التحاق نوابه بها فإن الحركة ستتخذ إجراءات تجاه ذلك. الناطق الرسمي باسم نداء تونس منجي الحرباوي كان صرح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أن «تكوين هذه الجبهة يأتي في إطار عملية انقلابية تستهدف ضرب خيارات رئيس الجمهورية وتشتيت الكتل البرلمانية الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية». ويعتبر الجورشي ايضا أن «اتخاذ أي إجراء في شأن نواب الحركة المنضمين إلى الجبهة البرلمانية، سيتم في إطار مؤسساتي إذا ما تم الإعلان رسميا عن تكوين هذه الجبهة.» النهضة: على الجبهة إثبات الاستمرارية النهضة من جهتها عبرت على لسان زعيمها راشد الغنوشي أن الحركة ستتعامل بشكل إيجابي مع الجبهة الجديدة إذا ما نجحت في إثبات مقومات البقاء والاستقرار وقد يكون في ذلك تشكيكا في أن الجبهة قادرة بالفعل على الاستمرار في ظل كل الضغوطات الحالية. «خدمة مصالح حزبية» وبعيدا عن حركتي النهضة والنداء يبدو أن الجبهة تشهد مشاكل داخلية قبل ان يتم الإعلان عنها رسميا، فهي تضم نوابا عن الكتلة الوطنية. إلا أن رئيس الكتلة الوطنية مصطفى بن أحمد استهجن هذه الخطوة وانتقد في تصريح ل»الصباح» القيادات التي تسعى إلى توظيف الجبهة قبل حتى أن تولد. أزمة على مستوى الفكر السياسي أما بخصوص الجبهات التي تدعو إلى تكوينها أحزاب سياسية سواء من خارج البرلمان أو داخله ومنها جبهة الإنقاذ، فإن الجورشي يفسر ذلك بما يعتبره أزمة على مستوى الفكر السياسي الذي يعاني حالة من الانحصار وغياب الإبداع. ويرى أن السنوات السبع بعد الثورة أثبتت عدم قدرة النخب السياسية في تونس على الانفتاح على بعضها البعض من أجل الدفاع عن مشروع وطني مشترك يأخذ بعين الاعتبار تحديات مرحلة الانتقال السياسي. ويوضح محدثا أن هذا الصراع بين النهضة وخصومها استمر ليتحول إلى معرقل جدي لإنقاذ التجربة الديمقراطية والانتقال بتونس نحو موقع أفضل وما نعيشه اليوم بحسب محدثنا هو ظاهرة خطيرة. وحتى إن لم يكن المعلن من تشكيل هذه الجبهة هو معارضة النهضة - وهذا ليس سرا كما يرى محدثنا- فهو موجود في الخلفية والذهنية والفلسفة من تكوين هذه الجبهة. ومن المقرر أن تنعقد اليوم الجلسة العامة الأولى لتكوين الجبهة البرلمانية الجديدة -التي وإن رأت النور- فهي تتكون من 43 نائبا منهم 22 من النائبات أي أنها تسجل تناصفا على مستوى حضور النائبات والنواب فيها. وينتمي أعضاء الجبهة إلى كتل مختلفة مثل كتلة مشروع تونس، وكتلة آفاق تونس والكتلة الوطنية وكتلة نداء تونس إضافة إلى نواب مستقلين. ◗ أروى الكعلي كريم الهلالي ل«الصباح الأسبوعي»:الجبهة البرلمانية ليست حزبية.. ولا تعارض أي طرف أكد رئيس المكتب السياسي لآفاق تونس النائب كريم الهلالي في تصريح ل«الصباح الأسبوعي» أن «الجبهة البرلمانية الوسطية التقدمية» تهدف أساسا إلى دفع العمل في البرلمان مضيفا أن أحد أهم أولوياتها هي ضمان الاستقرار السياسي.. وردا عن سؤالنا حول المعنى العملي لضمان الاستقرار السياسي -والذي جاء في نص الإعلان عن تأسيس الجبهة كالتالي « تحقيق الاستقرار السياسي من أجل الإسراع في إجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية العاجلة التي تحقق انتظارات الشعب من تنمية وتشغيل» أوضح محدثنا أن أعضاء الجبهة يعتبرون أن تشكل 10 حكومات منذ الثورة يعد رقما قياسيا ومؤشرا سلبيا وهم يسعون من خلال هذه الجبهة البرلمانية إلى دعم الاستقرار السياسي والحد من التغيير المستمر للحكومات إذ يضيف «نريد حكومات تنفذ إصلاحات.» وتضم الجبهة نوابا عن كتل مختلفة منهم من يشاركون في الحكم ومنهم من غير المشاركين فيه ، ويوضح محدثنا بهذا الخصوص أن هذه الجبهة ليست جبهة معارضة ولا يوجد تناقض بين وجود حزبه أو أحزاب أخرى في الحكم وتكوين هذه الجبهة لأنها ليست جبهة حزبية وإنما هي جبهة برلمانية تهدف إلى دفع العمل البرلماني و التشريعي والرقابي. وبخصوص ما إذا كانت هذه الجبهة تهدف إلى مواجهة كتلة حركة النهضة، يوضح محدثنا أن هذه الجبهة لم تتشكل لمعارضة أي طرف سياسي وأية كتلة في الحكم سواء أكانت حركة النهضة أو نداء تونس. وإنما جاء ت لتحقق التوازن في المجلس لا لتعارض هذا الطرف أو ذاك. توسع الجبهة دون الإخلال بالتوازن وعما إذا كانت الجبهة البرلمانية مرشحة لان تشهد انضمام نواب آخرين، يوضح الهلالي في تصريحه ل»الصباح الأسبوعي» أن الجبهة مفتوحة لكل من يتقاسم معها التوجهات والرؤى ولكل طرف من العائلة الوسطية الديمقراطية. ويتابع محدثنا «صحيح أن الجبهة مفتوحة لمختلف النواب ولكن من الوسطيين والديمقراطيين ولا يمكن أن تضم تيارات مختلفة لأن ذلك سيضر بوحدتها على المدى الطويل ويمكن أن يؤدي إلى الانقسام أو إلى وجود اختلافات جوهرية فمن المهم أن تبقى الجبهة متجانسة على حد تعبيره.