عاشت جهة صفاقس خلال المدة القليلة الماضية على وقع مطالبة ممثلي المجتمع المدني بغلق مصنع المجمع الكيميائي»السياب» الكائن بطريق قابسبالمدينة والذي يعتبر من أهم المحاور التي تم الحسم فيها خلال زيارة رئيس الحكومة إلى الجهة في أفريل الماضي، حيث أعلن عن تفكيك وإيقاف كل الأنشطة الملوثة واستبدالها بمشاريع أخرى نظيفة على غرار مركز بحوث وقطب تكنولوجي ومركز للرياضة. إلا أن طلب العروض الذي أصدره المجمع الكيميائي في أكتوبر الماضي والمتضمن لعروض اقتناء معدات لتأهيل وحدة إنتاج ثلاثي الفسفاط الرفيع لفائدة إدارة التمويل بمعمل «السياب» بصفاقس أثار حفيظة تنسيقية البيئة والتنمية التي تضم عشرات الجمعيات المهتمة بالشأن البيئي والصحي وجودة الحياة عامة،كما اعتبرته مناقضا لالتزامات الحكومة ونسفا لقرارات رئيسها التي اتخذها خلال أفريل الماضي، كما أنه إلغاء للاتفاق المشترك بين وزارتي الطاقة والبيئة والقاضي بإيقاف نشاط إنتاج ثلاثي الفسفاط الرفيع باستكمال المخزون المتوفر حاليا وهو ما أكدته دراسة المؤثرات على المحيط المتعلقة بتحويل نشاط المصنع المذكور، وهو أيضا حسب التنسيقية تجاهل واحتقار لإرادة الجهة ونضالاتها من أجل إنهاء كل نشاط فسفاطي كما نص عليه اتفاق مارس الماضي. قرارات وزير الطاقة في الميزان أمام هذه الإشكاليات كان من المفترض أن يسفر الاجتماع المنعقد بالعاصمة يوم 6 نوفمبر الحالي تحت إشراف وزير الطاقة وبحضور وزير البيئة ونواب الجهة وممثل رئيس الحكومة ووالي الجهة، على نتائج ملموسة إلا أن البلاغ الصادر عن وزارة الاشراف كان غير واضح في نظر النواب وممثلي المجتمع المدني ولم يرتق إلى انتظارات الأهالي. علما بأن البلاغ الصادر عن الاجتماع المذكور أسفر عن أهم القرارات التالية: -التأكيد على الالتزام والحرص على تنفيذ قرارات الحكومة المعلن عنها في أفريل الماضي والمتعلقة بالانطلاق الفوري بتفكيك الوحدات الملوثة بالمصنع وإيقاف كل إنتاج ملوث مع استصلاح الموقع وطابية الفوسفوجيبس والانطلاق في برنامج استثماري يقدر ب75مليون دينار. -تدارك التأخير الحاصل في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتفكيك الوحدات الملوثة للمصنع وتحديد تواريخ مضبوطة للتنفيذ. -تفعيل فريق العمل المشترك المنبثق عن اجتماع مارس الماضي مع التأكيد على أن يضم ممثلين عن وزارتي الطاقة والبيئة. -تجميد كل القرارات والاستثمارات المتعلقة بالأنشطة الملوثة. -عقد جلسة عمل مع رئيس الحكومة لمتابعة تنفيذ قرارات أفريل الماضي مع تأكيد نواب الشعب على تنظيمها في اقرب الاجال. «حليمة بقيت على حالتها القديمة» أما عن ردود الفعل بعد صدور البلاغ الوزاري، فقد كانت في أغلبها غير راضية عما أسفر عنه حتى من قبل النواب أنفسهم الذين يبدو أنهم رفضوا الامضاء على محضر الجلسة المذكورة. وفي هذا الصدد أفاد النائب عن الجهة شفيق العيادي في تصريح لإذاعة الديوان أن وزير الطاقة والمناجم استمات في الدفاع عن طلب العروض الذي أعلن عنه مصنع «السياب» مؤخرا لإعادة تأهيل وحدة إنتاج ثلاثي الفسفاط واعتبر الوزير أن ذلك لا يمثل نشاطا ملوثا، قائلا إن «حليمة بقيت على عادتها القديمة» مشيرا إلى أن الوزير الحالي ينسج على منوال سابقين ممن تقلدوا نفس الحقيبة هو لا يستطيع إلا أن يكون صوتا للمجمع الكيميائي الذي عانت منه جهة صفاقس الأمرين. وأضاف في تصريح آخر أن وزير البيئة عبر من جهته عن استيائه من خطورة إعادة الفسفاط مؤكدا أنه تم الإقرار سابقا بإنهاء هذا النشاط وحملهم مسؤولية اي تلاعب في الغرض. من جهة أخرى نشرت النائبة سماح دمشق تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي أكدت فيها على تمسك معظم النواب بضرورة الإسراع بتطبيق قرارات الحكومة بغلق مصنع «السياب» وإيقاف كل نشاط ملوث، كما أنها متمسكة بالشفافية وعدم استفزاز المواطنين وخاصة عبر المراوغات الإعلامية وكذلك عدم الاستعانة بغضب أهالي الجهة وجرهم للتصعيد. متى تنتهي المعاناة؟ وفي اتصال بأحد الناشطين في الحقل الاجتماعي «م- ح» أفاد أن المدينة تعاني من التلوث الصناعي والذي كان سببا في تضرر شواطئها وهي تعاني من اختناق مروري رهيب ومن بنية تحتية متآكلة وغير متناسقة مع ما تشهده من نمو ديمغرافي وعمراني وغياب الفضاءات الخضراء. وأكد أنه حان الوقت لتخليص السكان من آفة التلوث وتفعيل قرار غلق «السياب» وتوفير الخدمات الصحية الضرورية عبر بناء مستشفيات جديدة الى جانب الإسراع بإنجاز المركب الرياضي وملعب عصري يستوعب 60 الف متفرج وتدعيم القطب التكنولوجي وبعث المشاريع العلمية في جهة تتربع على نصيب أعلى مستويات النجاح في التعليم بمختلف مستوياته. كما أنه ينوه بحركية المجتمع المدني ويرى أن النتائج ستكون إيجابية شرط الابتعاد عن التجاذبات السياسية والحزبية ووضع اليد في اليد من أجل مدينة ترفض الانكسار. وتجدر الإشارة إلى أن تنسيقية البيئة أصدرت بلاغا ثانياً أكدت فيه تمسكها بإنهاء كل نشاط فسفاطي بمصنع «السياب» كمقدمة أساسية لتحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية بالجهة بكافة معتمدياتها وتعلن عن تحملها مسؤوليتها التاريخية في هذا الظرف الدقيق للدفاع عن حقوق الجهة ورفع المظالم التي تعرضت لها طيلة عقود والتي أقر بوجودها رئيس الحكومة وتدعو جميع مكوناتها وكل المواطنين بالجهة الى الاستعداد للدخول في جميع الاشكال النضالية.