لم تكن استقالة عبد المجيد الصحراوي من حركة مشروع تونس بالاستقالة العادية رغم تحفظ الامين العام محسن مرزوق والتزامه الصمت تجاهها وتجاه غيرها من الاستقالات التي شملت كل هياكل الحزب من القاعدة إلى القمة من الهياكل المحلية إلى المكتب السياسي والتنفيذي لتمتد حتى المؤسسين الذين خيروا الانسحاب. انسحابات واستقالات قد تؤسس لمشروع ثابت داخل المشروع ليعرف معها الحزب استقرارا ناشدته القيادات المحلية والجهوية في اجتماعها الاخير بجهة الحمامات أين قدموا قسم الولاء للحزب والوفاء للمشروع. حكاية الانسحابات ومسلسل الاستقالات قد يعرف انقطاعا في «البث» بعد أن احال مرزوق كل مخالفيه إلى التقاعد المبكر من خلال سياسة الضغط ليبقى في الوادي «كان حجرو» في إحالة مباشرة لمن اقسموا بالبقاء. هكذا سيواصل «المشروع» مشروعه السياسي ولكن دون مهدي عبد الجواد وسمير عبدالله وشكري بن عبدة وغيرهم كثر حتى نواب الكتلة كان لهم سابقة الاستقالات كما هو حال وليد جلاد ومصطفى بن احمد ليشكلوا بعدها كتلة جديدة من رحم كتلة الحرة. انسحاب الصحراوي وضعه وجها لوجه مع محسن مرزوق لا على اساس انتمائهما إلى نفس الحزب بل لانطلاقهما في التأسيس لمشروع تونس بعد استقالة مرزوق من النداء. الصحراوي يكشف لم يكن بيان الاستقالة الصادر عن عبد المجيد الصحراوي مهما بقدر وقع استقالته ذلك انه اعاد صياغة نفس المفاهيم السياسية التي ادت الى استقالة شخصيات عدة من المشروع. مصطلحات جمعت في طياتها فعل التفرد بإدارة الحزب ونقد شخصيات محيطة بالأمين العام الذي بات «سجين» هؤلاء مما ادى الى انحرافات «خطيرة» على حد تعبير الصحراوي. ولعل الجديد في نص الاستقالة ما تضمنه من عبارة «هيمنة العائلات على بعض الهياكل» وهو ما كان يرفضه سابقا محسن مرزوق ورفاقه المنسحبون من الحزب «الاصلي» نداء تونس بعد ان اخذ حافظ قائد السبسي زمام الامور بيده اثر انتخاب الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي رئيسا للجمهورية سنة 2014. ولم يكن تدخل الصحراوي لكشف واقع الحزب عبر بيانه فحسب بل تجاوز ذلك من خلال حضوره الاعلامي في احدى الاذاعات الخاصة ( IFM) حيث اكد أن الحزب «مخترق من أشخاص محل متابعة قضائية من بينهم شخص في المكتب التنفيذي متعلقة به قضايا فساد واستيلاء على المنازل»، مضيفا أن الحزب «مخترق كذلك من بعض الإسلاميين من بينهم سلفي من دوار هيشر». وأضاف «لكن الأمين العام محسن مرزوق واصل في تعنته والحزب أصبح مفتوحا لأسوء حثالة التجمع»، على حد وصفه. وبخصوص مرزوق، أشار أنه «يسير الحزب بسياسة القطار، محطة تفرغ ومحطة تعبي»، مفيدا «لا نملك أي انخراط في الحزب، كلها عرائض ومزايدات والدليل حضور 33 شخصا في مؤتمر تونس العاصمة». وفي تصريح ل «الصباح» اعتبر الصحراوي « ان المشروع سيسقط في اول امتحان انتخابي حر ونزيه، هكذا تخوف جعله شرس في الدفع نحو تأجيل الانتخابات البلدية التي كانت لتغطية فشله المتأكد في الانتخابات القادمة نتيجة غياب العناصر الفاعلة والوهم الذي يسوق له البعض». وبين المتحدث «إن سياسة المشروع قد اتسمت بالضبابية فتارة في المعارضة وتارة في الحكم وهي رسالة واضحة على ان لا احد يقرر سياسات الحزب الا الامين العام الذي سعى لتدمير المشاريع السياسية التي لا يكون فيها هو زعيما كما حصل مع جبهة الإنقاذ بالإضافة الى انسحاب اكثر من 100 شخصية من المكتب السياسي والمجلس الوطني ومسؤولي الجهات». الكتلة ترد.. عوض المكتب السياسي وفي ردها على مبررات استقالة الصحراوي ورفاقه وفي سابقة سياسية «هزلية» تكفلت كتلة الحرة بالرد على كل الاستقالة في بيان مهم تضمن إمضاء رئيس الكتلة عبد الرؤوف الشريف بتاريخ 13 نوفمبر الماضي. وجاء البيان كرد واحد على كل الاستقالات «في الوقت الذي تشهد فيه حركة مشروع تونس قفزة نوعيّة هائلة باستيعابها لعدد هام من الشخصيات والقوى الوطنيّة التقدّمية على غرار انصهار حزب الوطن الموحد في الحركة وانضمام العشرات من الشخصيات الجهوية والوطنيّة الفاعلة إضافة إلى تطور مساهمة الحركة في الحياة السياسية والبرلمانية والعمل الكثيف الذي تقوم به بالجهات، فوجئنا بإعلان بعض الأفراد انسحابهم من الحركة». واعتبرت الكتلة في بيان الرد على رفاق الامس «إنّ واجب التحفّظ الحزبي واحترام الزمالة السابقة يفرضان علينا التجاوز عن فضح الأسباب الحقيقية التي تحيط بهذه الانسحابات التي تزامنت مع الحملات التي تشنها قوى حزبيّة منافسة للتشكيك في مواقف الحزب من القضايا الوطنية وسعيه إلى ترسيخ أسس العمل الجبهوي من أجل استعادة التوازن في الحياة السياسية».