سيكون مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين ضمن البرمجة الرسمية للدورة التاسعة عشرة لأيام قرطاج المسرحية بإنتاجه المسرحي الأخير رايونو سيتي التي كتب نصها وأخرجها علي اليحياوي وذلك بتقديم عرض مساء اليوم بقاعة المونديال بالعاصمة. وقد نزّل علي اليحياوي هذه المشاركة في سياق أهمية حضور أعمال مراكز الفنون الدرامية والركحية في الأيام نظرا لما تطرحه انتاجاتها من ألوان وهواجس أخرى من واقع مغاير ومختلف عن واقع وهموم ومشاغل العاصمة . وانتقد في المقابل مركزية أيام قرطاج المسرحية كغيرها من التظاهرات الثقافية الأخرى التي تقصي الجهات الداخلية من خارطة برنامجها. واعتبر ذلك نقيصة لها تأثير جد سلبي على الفعل الثقافي عامة وعلى الجمهور المسرحي أو السينمائي بصفة خاصة. لأنه يعتبر القدر قليل من العروض في الجهات خاصة بعد الاقتصار على تشريك مراكز الفنون الدرامية والركحية في المهرجان من خلال عدد محدد من العروض غير كاف. ودعا في المقابل إلى ضرورة بعث تظاهرات ومهرجانات موازية داخل الجهات تقرب أعمال وأسماء رائدة في المسرح من تونس ومن خارجها من ملاقاة الفاعلين الثقافيين والجمهور في الداخل لأنه يعتبر ذلك حركة ناجعة ولها وقع وتداعيات فنية ونفسية واجتماعية جد هامة. ونوه في المقابل بالدور والمجهود الكبير الذي أتاه الفريق الشاب المكون لهيئة أيام قرطاج المسرحية وعلى رأسهم حاتم دربال واعتبر في قدرتهم على ضبط برنامج متنوع وثري في ظرف وجيز وبإمكانيات محدودة نجاحا لأبناء الفن الرابع في كسب التحدي. وهو التحدي الذي دعا جل المسرحيين لتحقيقه في مستوى الأعمال والإنتاج رغم صعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في تونس اليوم. واعتبر مسرحيته رايونو سيتي تأكيدا لهذا المنحى باعتبار أنه عمل فرجوي رغم أنه يتناول قضية اجتماعية شائكة من خلال التطرق للأحلام اليومية المجهضة لشق كبير من المجتمع التونسي، وخاصة الشباب الذي اختزله مهندس هذا العمل الفني في سكان حي رايونو سيتي ليعرج على جوانب من معاناة أبناء هذا الحي من الفقر والتهميش من ناحية وانتشار ظواهر الإدمان والدعارة والفساد من ناحية أخرى وتوق الشباب إلى الهجرة للضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط على اعتبار أن الحرقة إلى ايطاليا هي الحل للخروج من هذه الوضعيات التعيسة. وبين في جانب آخر من حديثه أن مسرحية رايونو سيتي التي انطلقت في عروضها منذ مطلع العام الحالي لاقت الاستحسان وردود الأفعال الإيجابية في كل المناسبات التي عرضت فيها سواء من قبل الجمهور العادي أو من قبل المسرحيين والنقاد. وهو العامل الذي يجعل العمل مطلوبا ومرشحا، حسب تأكيده، لمواصلة العروض داخل تونس وخارجها. وعلل ذلك بأهمية الموضوع المعالج باعتباره من راهن المشغل اليومي للمجتمع التونسي فضلا عن طريقة الطرح التي راعى فيها المخرج عوامل الفرجة والجمالية من خلال الديكور والملابس والإضاءة والموسيقى الموظفة في العمل فيقدمه في شكل دراما إنسانية تجمع بين الهزل والجد. كما اعتبر أداء الممثلين والتجاوب السريع في الأدوار والشخصيات من العوامل التي تحسب للعمل خاصة أن جل عناصره تمرسوا على العمل مع بعضهم البعض في أعمال سابقة مع مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين أو مع نفس المؤسسة بقفصة وهم كل من القيدومة لطيفة القفصي وفرحات دبش وكيلاني زقروبة وعواطف عبيدي وحمزة خلف الله وشوقي العجيلي ومكرم السنهوري وبسمة بن حمزة وعبد العزيز التواتي وحمزة بن عون وغيرهم. الرسم بالرمال في جانب آخر من حديثه ل الصباح أكد علي اليحياوي أن العمل الفني الجديد الرسم بالرمال الذي يتولى إخراجه سيواصل سلسلة عروضه داخل تونس وخارجها بعد الصدى المتميز الذي لاقاه في المناسبات التي عرض فيها بالبرتغال والجزائر وفي التظاهرات والمهرجانات الوطنية. وقال حول هذا العمل: عرض الرسم بالرمال هو تجربة أولى في تونس تقريبا جمعت فيها بين عديد الفنون ويعتمد على مشهدية تجسد على الشاشة يشارك فيها الفنان التشكيلي الحبيب الغرابي وأيمن السريتي في التوضيب الركحي . وكشف عن مشروعه الفني الجديد الذي انطلق منذ مدة في التحضير له فقال: اخترت مواصلة العمل على نفس المبحث الفني الذي يجمع بين الفرجة الركحية والفنون التشكيلية والإبداع الأدبي وذلك من خلال التحضير لعرض انتهيت من كتابة نصه ووضع التصور الإخراجي له وهو من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين . وبين علي اليحياوي أن هذا العمل سيقدم في افتتاح الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح التجريبي بمدنين المقرر تنظيمها في أفريل القادم. وفيما يتعلق بمحور هذا العمل، الذي يواصل فيه التجربة مع الفنان التشكيلي الحبيب الغرابي، أوضح مخرجه أنه يتناول رسائل ابن الرومي في الحب التي أرسلها إلى معلمه شمس التبريزي والتي كانت سببا في وفاة الثاني. وأكد محدثنا أنه يميل في أعماله إلى الخوض في القضايا والمسائل الإنسانية والفلسفية والثقافية والحضارية وذلك من خلال اعتماد الشعر كأداة عمل مكملة للمشهدية والفرجة التي يراهن عليها في أعماله.