مرة أخرى تتجدد الأزمة ومرة أخرى يتوقف إنتاج الفسفاط الذي يعد الدافع الأول للاقتصاد التونسي لتنطلق صيحة الفزع من قبل المسؤولين بعد أن وصل مخزون الفسفاط بهذه المعامل إلى أدنى مستوياته.. قطاع بات يعرف الأزمة تلو الأزمة خاصة اثر كل مناظرة تجرى لانتداب أعوان في شركة فسفاط قفصة ليتحرك من لم يتم قبولهم ويعطلون الإنتاج والتوزيع لمادة أكثر من حيوية للاقتصاد.. من ذلك أنه ومنذ بداية شهر جانفي الماضي لم تتجاوز طاقة الإنتاج في المعمل الكيمياوي نسبة ال 22 بالمائة من المعدل اليومي العادي بسبب النقص الحاصل في التزود بمادة الفسفاط. توقف إنتاج الفسفاط مجددا لاسيما في الوقت الراهن الذي تعيش فيه البلاد صعوبات مالية سينجر عنه تداعيات سلبية وخطيرة خاصة بعد أن عاد التفاؤل مجددا بتجاوز القطاع أزمته واتجاهه نحو النسق التصاعدي وبلوغ الانتاج أرقاما مطمئنة حيث بلغ 4 ملايين و150 الف طن من الفسفاط التجاري سنة 2017 وهو رقم قياسي منذ سنة 2010 ارتفع فيه الانتاج ب24 بالمائة مقارنة بسنة 2016 التي بلغ فيها الانتاج 3.3 ملايين طن. فشركة فسفاط قفصة تشتغل بمعدل40 بالمائة فقط طيلة السنوات السبع الماضية مما عطل عملية تزويد المجمع الكيميائي بالفسفاط اللازم لإنتاج الاسمدة والحامض الفسفوري وهو ما تسبب للشركة في خسائر مادية هامة بلغت مليار دينار سنويا الى جانب خسارة عدد من الأسواق التقليدية الكبرى بعد فقدانها لمصداقيتها في الأسواق العالمية بسبب عدم قدرتها على الالتزام بتعهداتها بصفة مستمرة. إن عودة الإضرابات في القطاع سوف تكبد البلاد خسائر جديدة تناهز ال10 ملايين دينار في اليوم إلى جانب ان نفاد مخزون الفسفاط سيترتب عنه التوقف الكلي لوحدات الانتاج بمعملي الحامض الفوسفوري وسماد الدأب، مما سيجعل المجمع غير قادر على توفير حاجيات حرفائه المحليين من مادة الحامض الفوسفوري، إضافة إلى عدم قدرته على توفير حاجيات البلاد من سماد الدأب والفسفاط العلفي. الوضع الراهن في الحوض المنجمي وفي المجمع الكيمياوي سيزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي مع بداية سنة ستكون فيها الدولة مطالبة بتنفيذ التزاماتها وخلاص ما حل من آجال ديونها وفوائد ديونها وهو ما ستكون له انعكاسات أخرى كبيرة على الموازنة العامة لن تجد له الحكومة من مخرج سوى مزيد الغوص في دوامة الديون والاقتراض من أجل خلاص القروض وهو ما لا نأمله ولا تأمله الأجيال القادمة. لقد أكدت رئاسة الحكومة سابقا أنها ستتصدى لكل من يعطل العمل وسير النشاط العادي للمؤسسات الحيوية الوطنية وخاصة منها العاملة في المجال الاقتصادي والطاقي على غرار الفسفاط والنفط والغاز، وهو ما تمّ فعلا لكن بصفة محتشمة وبأياد مرتعشة لم تعط نتيجة تذكر... وما على الحكومة إلا إيجاد الحل الجذري والبات لملف تعطيل الإنتاج وملفي الفسفاط والبترول.