انتظمت نهاية الأسبوع الماضي بالمركز الفني للبطاطا والقنارية بالسعيدة من ولاية منوبة جلسة حوار ونقاش جمعت أعضاء من اللجنة الوطنية لمتابعة دراسة وتقييم ومراجعة سياسة تسعيرة مياه الري بالمناطق العمومية بعدد من فلاحي ولاية منوبة ويأتي اللقاء في إطار تنفيذ التدابير المصاحبة المنصوص عليها في المرحلة الثانية من برنامج الاستثمار في قطاع المياه الذي تشرف عليها الإدارة العامة للهندسة الريفية واستغلال المياه بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بتمويل من البنك الألماني للإعمار.. وقد استهل الحوار كمال شعبان نائب رئيس الفريق العامل بالتذكير بالقيمة الاقتصادية لمياه الريّ التي تمثل التحدي الأكبر لكل المتدخلين وخاصة للفلاحين معتبرا أنه وزيادة عن الأسباب الهيكلية والمتمثلة في تدهور حالة البنية التحتية والمعدات في تبذير المياه فإن الظروف المناخية الدورية غير الملائمة تعدّ أبرز العوامل التي تزيد وضعية الفلاحة السقوية أكثر تعقيدا في الوقت الراهن مذكرا بظروف وتفاصيل انطلاق الدراسة التي اعتمدت مقاربة تشاركية حول القيمة الاقتصادية لمياه الريّ وهدفها الاستعمال المحكم والأنجع لاستغلال الموارد المائية والتوصل إلى جعل الفلاحين يتحملون تكاليف الخدمات المتصلة وذلك في نطاق بلورة ووضع سياسة جديدة في هذا الإطار وذلك اثر تقديم ومناقشة تقارير تشخيص الوضع الحالي للمناطق السقوية العمومية المدرجة بدراسة تقييم ومراجعة سياسة تسعيرة مياه الريّ بالمناطق السقوية العمومية للوقوف على تكلفة خدمة الماء ومقارنتها بالتسعيرة المعتمدة على أن يتوج الحوار بتوافق يؤدي إلى ضبط الاجراءات الواجب اتخاذها والتي سيتم اعتمادها لتثمين مياه الري واستدامة المناطق السقوية العمومية.. مخاوف الفلاحين تقديم مطول لواقع مياه الريّ وكل الظروف المحيطة به لم يكن سهل الفهم للمجموعة الحاضرة من الفلاحين ولا محل متابعة دقيقة باعتبار أنه ركز على استعراض مسميات واحصائيات اعتبرها الفلاحون لا تعنيهم ولا علاقة باهتماماتهم وانشغالاتهم في خصوص واقع الريّ في مناطقهم الفلاحية، وكان تدخل أحمد السماوي والي الجهة ومطالبته بتبسيط المعطيات والاقتصاد عما يمكن فهمه من قبل الحاضرين نقطة تحوّل في اللقاء ليفتح باب النقاش وتعطى فيه الكلمة لفلاحي منوبة الذين عبروا عن تخوفهم من أن تكون هذه الجلسة عملية استباقية تسعى من خلالها الدولة الى وضع الفلاح داخل الإطار وتهيئته لقبول ترفيعات قادمة وبصيغ قديمة جديدة في تسعيرة مياه الريّ طالبوا على ضوئها بضرورة تحمل الدولة لمسؤولياتها أمام الفلاحين فيما يتعلق بالمناطق السقوية وذلك بإعداد مراجعات وخطط عمل دقيقة تضمن المحافظة على هذه المناطق وتحقيق ديمومتها وانتاجيتها سواء تعلق الأمر بتوفير مياه الريّ أو صيغ استخلاصها والتسعيرة الموظفة عليها، تساؤلات فلاحي منوبة تركزت أساسا حول وجود مياه الريّ من عدمه حيث تطرقوا إلى الصعوبات الحقيقية التي يواجهونها صلب نشاطهم نتيجة تواصل نقص المياه على مدى 3 سنوات ثم اعتماد نظام الحصص الذي أصبح يهدد أراضيهم بالجفاف وطالبوا مراجعته أمام ما شهدته السدود مؤخرا من ارتفاع في منسوب المياه، أما فيما يتعلق بباب التسعيرة فقد طالبوا بالرجوع إلى العدادات واحتساب كميات الاستهلاك الفعلي لكل فلاح على انفراد باعتبارها الطريق الأعدل والأنجع مقابل التخلي عن التسعيرة التفاضلية التي تهضم في كثير من الأحيان حق الفلاح وتجبره بخلاص معاليم استهلاك لم ينتفع به في الواقع.. انتقادات كبيرة وجهها فلاحو منوبة للسياسة التي تسعى الدولة لاعتمادها في تحميلهم و اشراكهم في الانفاق على كل مراحل توفير مياه الريّ في حين أنها المسؤولة الأولى عن متابعة التعبئة وحسن التصرف في الموارد المائية وتنظيم التوزيع عبر ما تنجزه مصالح إداراتها في إطار عملها الذي تتقاضى عليه أجرا من المال العمومي مذكرين أن بهم ما يكفيهم من العجز عن الايفاء بمصاريف العمل الفلاحي التي أصبحت مرتفعة جدا.. وسوف تقدم كل المقترحات والتوصيات المتمخضة عن هذا اللقاء الجهوي إلى الورشات المبرمجة لمناقشة نتائج الدراسة في مستوى الولايات ال12 المستهدفة بها..