«عاجل» و«خطير» بهذه المصطلحات الإخبارية روّجت أولى التجاوزات والاخلالات أمس بالانتخابات البلدية عبر مختلف وسائل الاعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي وبيانات مكونات المجتمع المدني التي قامت بمراقبة العملية الانتخابية. من هذه الأخبار ما تمّ تأكيده أمس من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بخصوص اقتحام مكتبي اقتراع وتكسير صناديق الاقتراع بمدرسة حي العمالي بالمظيلة بقفصة. إلى جانب رصد خطأ في ورقة التصويت ببلدية أريانة على مستوى رمز القائمات. من جهة أخرى لم يهدأ رواد الفايسبوك من تداول الأخبار وكشف التجاوزات ونشر الفيديوهات منها ما روج بخصوص استغلال أطفال من قبل رئيس مكتب اقتراع لانتخاب أحد الأحزاب، مع ترويج فيديو آخر لامرأة تمّ التحيل عليها والتصويت عوضا عنها وغيرها من التجاوزات. كما نقلت مختلف وسائل الاعلام خاصة منها الاذاعية والالكترونية لحظة بلحظة ما جاء على لسان رؤساء فروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بخصوص نسب المشاركة وجملة التجاوزات. ما حدث أمس من اخلالات وفوضى في بعض مكاتب الاقتراع خاصة في ما يهمّ الجانب اللوجستي لم تحصل بالانتخابات السابقة قد أثّر كثيرا على العملية الانتخابية ما تسبّب في تأجيل الاقتراع ب8 مراكز اقتراع ببلدية المضيلة من ولاية قفصة وسيكون موعد الانتخاب الجديد في أجل أقصاه 30 يومًا من تاريخ الإعلان عن النتائج الأولية (9 ماي 2018) أضف إلى ذلك ما سُجل من حالات عديدة من خرق للصمت الانتخابي من طرف القائمات المترشحة خاصة منها الحزبية فتحدّث ملاحظو المجتمع المدني عن المال السياسي وشراء الأصوات ومنع الناخبين من التصويت من جهة وتولي نواب نقل الناخبين إلى مكاتب الاقتراع. فقد أكّد مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات في تقريره الثاني من ملاحظة الانتخابات رصد توزيع أموال للتأثير على ارادة الناخبين بكل من مركز اقتراع بالياسمينات 1 ببن عروس، والمدرسة الابتدائية 2 مارس بحلق الوادي، ومدرسة 20 مارس بسيدي حسين، ومدرسة نهج قليبية بباب الخضراء، وبشارع الحبيب بورقيبة ببنبلة وبمدرسة الفردوس برياض الأندلس لافتا الى ان الهيئة الفرعية تدخلت وأنها حجزت بطاقة تعريف الشخص المخالف وحررت محضرا في الغرض. كما سجل أغلب الملاحظين من المجتمع المدني تواصل الدعاية الحزبية بداخل بعض مراكز الاقتراع وخارجها وحسب تقرير مرصد شاهد سُجّلت حالات توجيه للناخبين للتصويت لفائدة قائمات معينة بمنزل حر بدار شعبان الفهري، وبمدرسة الرقبة بالناظور في زغوان، وبحدائق جندوبة وأيضا بواسطة سيارات معدة للغرض فضلا عن عمليات نقل جماعي للناخبين بصواف في زغوان وبمنزل حرب بالمنستير بواسطة سيارة مأجورة. منظمة «عتيد» بدورها أكّدت في تقرير أولي عن العملية الانتخابية عن رصدها جملة من الخروقات أبرزها خرق الصمت الانتخابي من ممثلي الاحزاب من بينها النهضة والنداء وآفاق تونس بإيصال المواطنين الى مكاتب الاقتراع وتوزيع قصاصات صغيرة ومحاولات التأثير على الناخبين وغيرها من التجاوزات. إلى جانب ذلك رصدت «عتيد» حالات من العنف على غرار ما حدث بمنوبة بدوار هيشر التقدم 2 تعليق الانتخابات لمدة 15 دقيقة نتيجة الفوضى وتبادل العنف داخل المركز. هذه التجاوزات دفعت الجبهة الشّعبية بإصدار بلاغ يوم أمس جاء فيه بأنها «تابعت بقلق بالغ» ما قالت إنها «تجاوزات خطيرة تمّ رصدها في مختلف جهات الجمهورية (توزيع أموال، الدعوة أمام مقرات الاقتراع إلى التصويت لقائمات بعينها، توزيع مواد دعائيّة». واتهمت الجبهة في بلاغها بصفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" من وصفتهم ب»بعض أتباع حزب نداء تونس في جهة قفصة بالاعتداء على أحد شبّانها (غسان رضاونيّة) بالعنف لاحتجاجه على الخروقات». واعتبرت الجبهة في بلاغها أنّ «من شأن هذه التجاوزات المرتكبة من حزبي الائتلاف الحاكم على حدّ سواء، وفي غالب الأحيان على مرأى ومسمع أعضاء الهيئات الفرعية للانتخابات، أن تؤثّر على نزاهة العملية الانتخابية وشرعيّتها». وأدانت «ما يحصل من تجاوزات خطيرة»، محمّلة الهيئة المستقلّة للانتخابات «العواقب الوخيمة لصمتها تجاه ما يحصل» حسب نص البلاغ. في المقابل أعلنت حركة نداء تونس، أمس الأحد 6 ماي 2018 أنها «عاينت من خلال معظم التقارير الواردة عددا من التجاوزات الخطيرة الموثقة في مختلف جهات الجمهورية والتي تؤثر بشكل مباشر على مصداقية وشرعية العملية الانتخابية خاصة مع الموقف السلبي للهيئة العليا للانتخابات وفروعها الجهوية التي اكتفت بالصمت تجاه هذه التجاوزات». ونبهت الحركة في بيان أصدرته ساعتين قبل غلق مراكز الاقتراع مما أسمته ب»الانعكاس الخطير لهذه التجاوزات الجدية»، مستغربة من «الصمت المريب من هيئة الانتخابات بما سيمس من مصداقية وجدية وشرعية العملية الانتخابية والتي ستكون لها عواقب وخيمة على المسار الديمقراطي في تونس».