تونس – الصباح الأسبوعي - تسجل المهرجانات الصيفية التونسية ارتفاعا على مستوى العدد، فمن 259 تظاهرة فنية في صائفة 2017 إلى 296 مهرجانا في العام الحالي وتستحوذ ولايات صفاقسوسوسة ونابل على العدد الأكبر من المهرجانات (69 مهرجانا في الولايات الثلاث) فيما تكون النسبة الأقل من التظاهرات الفنية والثقافية في الجنوب التونسي وخاصة في توزر وتطاوين ب6 مهرجانات لكل ولاية.. هذا الارتفاع الكمي وتمظهر مبدأ "التمييز الايجابي"، الذي تسعى وزارة الشؤون الثقافية لتجسيده على أرض الواقع لا يعكس بتاتا المضمون الفني الثري والجاد والمتنوع وذا الخصوصية لخارطة المهرجانات في بلادنا خلال صائفة 2018 فعدد كبير من المهرجانات لم تعلن بعد عن برمجتها لا احتفاظا بمضامينها لأيام قليلة قبل انطلاق فعالياتها وإنمّا للضبابية المسيطرة على عروضها وغياب استراتجيات عمل وتسويق ناجعة وذات فعالية ولعّل أبرز هذه التظاهرات، التي تعرف فشلا في هذا المجال، مهرجان صفاقس الدولي المنتظر تنظيمه من 17 جويلية إلى 13 أوت فإلى حد كتابة هذه الأسطر لم تعلن بعد إدارة مهرجان عاصمة الجنوب عن خياراتها الفنية رغم تردد أخبار في كواليس المشهد الثقافي بصفاقس عن عروض للطفي بوشناق في الافتتاح وصابر الرباعي في الاختتام وهي عروض لا تقدم الجديد أو توحي بعامل الاجتهاد والبحث من قبل القائمين على هذا المهرجان العريق. إعداد: نجلاء قمّوع هذا الوضع الضبابي تشهده كذلك مهرجانات دقة الدولي (من 19 جويلية إلى 5 أوت) و"الجاز" بطبرقة من 20 إلى 28 جويلية وتبقى أخبار العروض في مهرجاني الحمامات وقرطاج الدوليين بين أخذ ورد خاصة بعد الأزمة على مستوى الإدارة الفنية، الذي عرفها مهرجان الحمامات الدولي وأقاويل في كواليس أروقة المؤسسة الوطنية للتظاهرات الفنية عن تدخل وزير الثقافة في كل خيارات مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين بصفة لا تدع للقائمين عليهما هامشا من الحرية لوضع بصمتهم الخاصة على البرمجة وبعد انسحاب أمينة فاخت من قرطاج وبالتالي من الحمامات لارتباط العقدين باتفاقية واحدة، من المنتظر أن يوقع الفاضل الجعايبي بعمله المسرحي الجديد افتتاح الحمامات فيما يكون الافتتاح الموسيقي مع زياد غرسة وتعود بعد عرضها المميز الفني في 2010 الفنانة اللبنانية هبة طوجي للحمامات الدولي مع شريكها الفني أسامة الرحباني وستنتظم الدورة 54 من مهرجان الحمامات الدولي من 8 جويلية إلى 18 أوت القادم. وتعود الأسماء التقليدية العربية في برمجة مهرجان قرطاج الدولي في صائفة 2018 ( من 13 جويلية إلى 18 أوت القادم) ورغم أنها لن تقدم الكثير ولم تعد قادرة على جذب الجيل الفتي إلا أنها مازالت تستهوي قسطا من الجمهور التونسي ونذكر في هذا الإطار خاصة الفنان العراقي كاظم الساهر والفنانة اللبنانية ماجدة الرومي كما ستكون هبة طوجي حاضرة بمشروعها الموسيقي الجديد في قرطاج كذلك وسيطل النجم ملحم الزين ضمن هذه البرمجة وتعتبر سهرة قرطاج الحفل الأبرز في جولة مارسيل خليفة الصيفية في بلادنا ويعود جمال دبوز لركح قرطاج كما تعود الفنانة التونسية الشابة يسرى محنوش لركح المسرح الأثري بقرطاح وتحتضن الدورة 54 من مهرجان قرطاج الدولي كذلك من شباب الموسيقى التونسية الفنان حسان الدوس ومجموعة "هاملين" بقيادة علي الجزيري.. ومن المنتظر في برمجتها الدولية أن تقترح سهرات قرطاج عرضا استثنائيا وجماهيريا للفنان اللاتيني لويس فونسي القادم من البورتوريكو بأغنيته صاحبة الأرقام القياسية للصائفة المنقضية "ديسباسيتو". ولعّل الطابع التجاري، الذي يسيطر على مهرجاني سوسة الدولي (من 15 جويلية إلى 19 أوت 2018) وبنزرت الدولي (من 12 جويلية إلى 17 أوت 2018) ونجاح المهرجانين في هذا الإطار في السنوات السابقة منح القائمين على سوسةوبنزرت أريحية في الخيارات ومن المنتظر أن تكون أمينة فاحت في افتتاح مهرجان جوهرة الساحل كما يشارك في فعاليات الدورة القادمة كل من القيصر كاظم الساهر والفنان لطفي بوشناق والفنان اللبناني مارسيل خليفة ضمن جولته الصيفية ونجم الراب التونسي بلطي فيما يعتمد مهرجان بنزرت الدولي على خياراته المتوسطية والتي كانت رهانا ناجحا في أكثر من سهرة من سهرات الدورات الأخيرة وتبرمج مدينة الجلاء في مهرجانها الصيفي الفنانة سعاد ماسي والنجمة أليسا والفنان السوري الشاب ناصيف زيتون والفنان اللبناني زياد برجي مع المطرب التونسي الشاب أيمن لسيق إلى جانب عروض ليسرى محنوش والفنان صابر الرباعي وحسان الدوس. المشهد الفني لصائفة 2018 لم يعلن عن كل تفاصيله بعد لكن من المتوقع أن يتكرر أكثر من عرض في عدد من مناطق البلاد وستكون الجولات الفنية لبعض النجوم العرب السمّة المسيطرة على خارطة المهرجانات خاصة وأن انهيار الدينار في السنوات الأخيرة والأجور المرتفعة للفنانين والعروض العالمية لا تسمح للقائمين على مهرجاناتنا بالتمتع بسقف عال من الأحلام لكن في الآن نفسه تمكنهم الميزانيات المعتمدة من تشكيل خصوصية لخياراتهم ومع ذلك يغيب الاجتهاد في هذا الجانب كثيرا في السنوات الأخيرة.